الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
رشدى أبوالحسن وحصاد الرحلة

رشدى أبوالحسن وحصاد الرحلة

تميزت كتابات رشدى أبوالحسن بالصدق مع النفس، ومع القارئ، وعلى مدى 55 عاما ظل كاتبنا وفيا لعهده مع القارئ، حريصا على أن يمده بما يهمه أو يفيده مزودا بالحقائق والمعلومات.



بدأ عمله الصحفى بمجلة «آخر ساعة» منذ أوائل ستينيات القرن الماضى حتى منتصف السبعينيات، واكتسب خبرة صحفية كبيرة فى سكرتارية التحرير، وتمتع بأسلوب جذاب، لافت وتأثر بمقولة لمصطفى أمين ترددت أصداؤها فى نفسه «العنوان الناجح يشبه دقة الطبلة الأخيرة».

وفى ديسمبر عام 1974 انتقل رشدى أبوالحسن للعمل فى مجلة «صباح الخير» التى أمضى فيها أكثر من أربعين عاما كاتبا متألقا، وكان معتزا بالعمل فى مدرسة روزاليوسف الصحفية، وحس أبنائها المرهف نحو القضايا العامة والحريات، وقبس من روح السيدة فاطمة اليوسف التى أسستها فأحب كتابات صلاح حافظ، وفن حسن فؤاد بصفة خاصة.

وقد التزم رشدى أبوالحسن فى كتاباته بقضايا التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بتجلياتها المختلفة، وكان يرى أن نجاح هذه التنمية هو وسيلتنا للتطور إلى الأمام، ولذا فقد كتب فى «صباح الخير» بابا مهما بعنوان «رسالة الصعيد»، وقد كان يرسله من قريته الحراجية - مركز قوص - محافظة قنا، ويثريه بالعديد من الموضوعات عن أخبار وواقع الصعيد كما أسهم فى الخدمة المجتمعية من خلال مشروع طموح يهدف إلى محو أمية أبناء قرية من قرى المنيا بمشاركة مع الصحفى رفعت الطنطاوى، وقد أصدرا كتابا عن هذه التجربة، وكانت للكتاب أصداء مهمة.

رحلة رشدى أبوالحسن الصحفية حصاد كان نابعاً من قلب يضطرم بالاهتمام، ويتقد بالدعوة إلى شحذ الهمم، وروح تسعى إلى الإسهام العملى وتحمل المسئولية، فاهتم بالشأن العام، وكتب عن النخبة المثقفة التى أثرت الحياة الثقافية المصرية، فكتب عن رفاعة الطهطاوى، ورشدى سعيد، وأحمد بهاءالدين وفؤاد زكريا، وحامد عمار، ولويس عوض، وعبدالحميد توفيق زكى وغيرهم من الذين صنعوا سجل النهضة المصرية، وجسدوا قوة مصر الناعمة، ويقول كاتبنا فى كتابه الأخير «55 سنة صحافة - سنوات كثيرة، وحصاد قليل»، الصادر حديثا عن دار «ميريت»: «جعلت ولائى للقارئ وحده، ولم يحركنى ما يحب الجمهور سماعه، أو ضغط الرأى العام أو الالتزام الأسبوعى، وإنما ما يجب إخطار القارئ به، ولم أتخصص فى مجال بعينه، وإنما تخصصت فى الموضوع الذى أنوى الكتابة فيه».

وكان يؤمن بأن لسياسة التحرير فى أى مجلة موسيقى، يسميها موسيقى السياسة التحريرية، ومعناها كما يرى بذل مجهود أكبر ليكون متسقا معها، رغم عدم التطابق الكامل، لكنه تمتع بحرية اختيار الموضوع وقالبه وتوقيته بل والتغريد خارج السرب أحيانا.

لقد أسهم كاتبنا بقلمه فى حياتنا الثقافية والصحفية حاملا أمانة الكلمة، صادقا فى خدمة مجتمعه، وكانت سنوات عمله الصحفى حصادا وافرا، دانى القطوف، وناضج الثمار، وداعا رشدى أبوالحسن الكاتب والصحفى الكبير.