مــــش فيلـــــم وثائـقــــــى!
هبة جلال
جميعنا يحن لماضيه وذكرياته ومُناسباته المُختلفة، فعلى الفور تستدعى الذاكرة أغنية معينة تكون مُناسبة للحالة التى يعيشها، فيندمج مع هذه الأغنية لينفث بها عن نفسه ويعود بالزمن للوراء ليتوحَّد مع ذكرياته بحلوها ومُرّها.
ومن هذا المنطلق نجح السيناريست محمد ناير فى بلورة هذه الفكرة؛ فقد جعل متابعى مسلسل «ريفو» على مدار موسمين يعيشون حالة من الحنين للماضى؛ ليسترجعوا فيها ذكرياتهم الجميلة ويتجولوا عبر أغانى فريق «ريفو»، وكأنها آلة الزمن التى تحرك القلوب وتعيدهم نحو ماضيهم.
دراما أَمْ وثائقية؟
فى مَطلع حديثه لـ«صباح الخير» يشير السيناريست محمد ناير إلى أن باند «ريفو» يُمثل رحلة طموح ونجاحًا لوقت مُحدد، به ارتباط زمنى وشرطى للأماكن التى ينجح فيها أى موسيقى طموح.
و«ريفو» كان أمامهم مشوار مُختلف إلى حد ما عن استديوهات الغناء.
مضيفًا: «الفكرة كلها بنيت على أننا نتعرف عليهم وعلى نجاحاتهم كمجموعة من خلال حفلات النادى، فكان التحدى الأكبر لهم كيف يصبحون تجاريين بشكل أكبر ومتواجدين مع الجمهور فى الصيف، خلال الفترة من 1998 حتى 2000 فكان العجمى وكانت هى رأس الحياة».
ومن هنا جاء منطق تواجدهم بالعجمى، أى بدافع الانتشار، فالمسلسل هو رحلة باند موسيقى فى نهاية التسعينيات وبداية الألفينيات بالظروف المنطقية التى يمر بها أى باند فى ذلك التوقيت، فيكون طموحه الغناء ولعب الموسيقى فى العجمى أو الساحل.
أكد «ناير» على أن كتابة عمل أو دور لشخص بعينه يجعل الكاتب يضيف تفاصيل صغيرة ملائمه للفنان لأنه يعرف قدراته، ولكن «أمير» اجتهد كثيراً فى ظهوره الأول بعمل مكون من 20 حلقة، خصوصًا أن التمثيل ليس مهنته، لكنه أقنع الجمهور بسهولة فى أن شخصية «شادى» تشبهه، رغم أنه لا يجمعهما شىء سوى الطموح والإحساس، وأنهما يريدان ترك أثر وبصمة فى الموسيقى.
وأوضح أن «ريفو» مسلسل موسيقى درامى، فالدراما كانت بشكل أو بآخر الوحى أو الملهم لكتابة الأغانى، لذلك كانت أغلب الأغانى مبنية على المواقف الدرامية بشكل أكبر، وهذا كان مقصودًا لأنهم أرادوا خلق هوية مختلفة للباند تعبر عن رحلة «شادى» حول أفكاره ورؤيته للحياة، فالأغانى تعبر عن جيله، وأغانى «ريفو» أصبح لها تأثير خاص ومُختلف عن «كايروكى».
وأضاف: «كان من الضرورى وجود قامة كبيرة ترمز لموسيقى التسعينيات وتكون مؤثرة وتنظر لـ ريفو على أن له هوية ويدعمها فى عمله، لذا وجود الفنان حسام حسنى كان أمرًا حتميًا، فـ «حسام» هو التسعينيات وما زال لديه أثر كبير علينا حتى الآن».
وشدّد «ناير» على أنهم لم يقدموا عملًا وثائقيًا عن «ريفو»؛ بل درامى، فالحفلة إن لم يكن لها مبرر درامى لن تظهر بالأحداث، كما أن باند ريفو «مكسرش الدنيا»، فهناك جملة قيلت فى العمل وهى أنهم «كان متبقى لهم خطوة ويحققوا نجاح كبير»، ولكن هذه الخطوة لم تتحقق بسبب وفاة شادى، وكل ما وصلوا إليه أنهم غنوا خلف منير وفى الملاهى وبالعجمى مرات عديدة، وكل ذلك فى الفترة الزمنية من 1998 حتى 2000.
أنماط الشخصيات
قال ناير: «كنت أفكر فى العودة أكثر للماضى فوضعت لكل عضو من أعضاء الباند عقبة فى طريق العودة حتى يكون لديه تحدى فى عودته مرة أخرى، فـ (نعمان) خسر عمله وعاد مرة أخرى يفكر فى العودة لريفو، و(ماجد) قطع ذراعه فى حادث تعرّض له هو وزوجته، وبالتالى اللعب على الدرامز صعب إلى حد ما عن الماضى».
تابع: «أعكس أنماطًا وشخصيات أعرفها فى الواقع، فشخصية مدحت أباظة تشبه صديقاً لى كان مُحبًا للموسيقى لكنه تعرّض لحادث غيّر مسار حياته وانعزل تمامًا. كما أن لى صديقًا يُشبه شخصية «مروان» فكان الفنان الموسيقى جدًا، ولكن والده ووالدته رفضا أن يسلك طريق الموسيقى لأن تصورهما عنها هى المعهد العالى للموسيقى، بينما هو طموحه الوحيد فى الحياة أن يلعب موسيقى المطربين، فانتهى الأمر بأنه لم يحقق حلمه، لكنه الآن بلغ من العمر 40 عامًا ويجلس ويلعب الموسيقى وهو سعيد للغاية.. ولكن لديه جزء «ماذا لو؟» فهو يشبه مروان بالنسبة لى فى جزئية (ماذا لو؟) فكان هو نفس الشخص وحقق حلمه، فبنيت الشخصية إلى حد ما على هذا النمط وكل الشخصيات فيها من لغتى العامة وإحساسى ولكنهم لا يشبهوننى.
وأشار إلى أن الحديث عن شخص غير موجود شىء ممتع له ويستمتع بذلك كثيرًا، قائلاً: «نحن دائمًا لدينا صراع الغائب الحاضر، وأرى أن ذلك أمرًا هامًا فعندما يتوفى لنا شخص عزيز نحب الحديث وسماع المواقف عنه، وذلك يلمس قلوبنا بشكل أكبر فنتحدث عنه بشكل إيجابى، والجماهير فى الموسم الأول رأت أن شادى مثالى بشكل كبير، وهذا الانطباع سببه أنهم سمعوا عنه من وجهة نظر أشخاص تحبه وتربطه بهم مشاعر وصداقة وصعب أن يقولوا عنه أنه شخص سيئ، وعندما كنت أكتب الموسم الثانى كان ضروريًا أن أخلق له جوانب تكشف أنه ليس مثاليًا كما يعتقد الكثيرون، فجعلته يحكى، ومن هنا جاءت فكرة الشرائط التى سجلها لحسن وسمعتها مريم فى شاليه العجمى.
أوجه التشابه
وحول إصرار الجمهور على الربط بين «ريفو» و«كايروكى» لفت محمد ناير إلى أنه لم ينزعج على الإطلاق، وأنه سعيد بذلك وبتساؤلات الجمهور الكثيرة حول هذه الجزئية، وبحثهم عن أوجه التشابه، مضيفًا: «ولكن لدى إحساس أننى مَهما جاوبت على كل التساؤلات وقلت الحقيقة فالجمهور لن يصدقنى، فأصبحت أتركهم يقولون ما يريدون، فأنا أحب أن يشعر الجمهور بالعمل مثلما هو يشعر ويراه، فالذى يريد أن يرى شادى وأمير متشابهين يراهما، فهذا إحساسه ولا حرج عليه فى ذلك».
وعن تصدُّر تريند «شادى مات ازاى» على منصة إكس (تويتر سابقًا)، قال ناير: «الجمهور احتفل بالعمل على تويتر، ونجاح أى عمل لا يُقاس بالإنترنت وصفحاته ومواقعه ولكنه يُقاس بالشارع، وريفو كتّر خيره نجح مع كل الناس فى البيوت والشوارع المصرية وأغانيه وصلت للجميع، وهذا نجاح لأمير فى منتهى الأهمية، ويجعلك تقول إن اختيار أمير عيد ليجسد دور شادى أشرف كان اختيارًا سليمًا وموفقًا مليون فى المائة؛ لأنه الوحيد القادر على صناعة أغانى للباند تعيش مع الجمهور وتؤثر فيهم».
اختتم السيناريست محمد ناير حديثه لـ «صباح الخير» بأنه لا يعتقد أنه سيكون هناك موسم ثالث من «ريفو» فى الوقت القريب العاجل؛ لأنهم يمرون حاليًا بمرحلة جديدة، سينتقلون من خلالها للأمام، و«ريفو» سيظل متواجدًا بالموسيقى والفن والأغانى الخاصة به، وأى شخص سيشاهد أمير فى الشارع سيتذكر المسلسل، فـ«ريفو» متواجد وليس بحاجة لموسم ثالث ورابع وخامس، قائلاً: «وأنا من رأى الجمهور، فبعضهم يقول لا نريد موسمًا ثالثًا من العمل؛ بل نريد مسلسلًا أو دراما بنفس الحالة وذات المشاعر، وهذه إجابتى (حاضر من عنيا الاتنين)، فنحن نُحَضّر لذلك، وهناك عمل جديد نستعد له بنفس الحالة والدراما مع اختلاف القصة.