الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
وباء المثلية

وباء المثلية

لست من دعاة الدين أو من حماة الفضيلة أو أحب أن أكون واحدًا منهم، لكن شأنى مثل كل أهالينا وشعوبنا المؤمنة بالله سبحانه وتعالى، وكتبه المقدسة برموزها الدينية، وتجريم الإساءة لتعاليمه، والقانون الأعظم لكل الموجودات على الأرض، قانون الله الرئيسى للخلق الذى يضمن بقاء الكون، ويتيح له حرية اختيار شريك الحياة فى الأديان الثلاثة. تعلمنا أن الإسلام يحث على الزواج، والزواج آية من آيات الله فى الكون لقوله تعالى: َ}وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون{ الروم - 21، وأن مفهوم الزواج فى الدين المسيحى وهو سنة مقدسة ورباط روحى بالزواج، الذى يتساوى فيه كل من المرأة والرجل فيكون كل منهما مساويًا ومكملاً للآخر، وذلك بحسب شريعة الله القائلة: «لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونا جسدًا واحدًا».



 

وأن الحُب هو انجذاب القلب بصورة غير إرادية نحو المحبوب من الجنس الآخر، وقد يتمنى الحبيب أن تصبح حبيبته شريكة حياته، والأديان الثلاثة لا تخالف الحُب ولا تُحرِمّهَ، بل تقدسه وتحترمه وتثيب عليه.

إن كان حباً صادقاً متصفاً بالصفات الشرعية التى دعت الشرائع الدينية إليه، وذلك لأن الحُب فى واقعه أمر غريزى وفطرى وآية من آيات الله، وجعله بين الجنسين سببًا لاستمرار النسل البشرى واستقراره.

وفجأة وجد العالم نفسه أمام وباء المثلية الجنسية، ينتشر فى معظم دول العالم، مثل النار فى الهشيم، ومعه بدأت منظومة القيم الدينية تهتز، ويهتز معها العالم، وتطفو إلى السطح «منجزات» علمية باكتشاف جين الشذوذ الجنسى والتى تزعم أن المثلية الجنسية جينات لا نتحكم بها ؟!

فى الماضى فرنسا وبريطانيا سيطرتا على أجزاء كبيرة من العالم العربى، وقدمتا أول قوانين العقوبات ضد المثلية فى المنطقة. فى الجزائر على سبيل المثال، فرضت القوات الاستعمارية الفرنسية عقوبات شديدة على العلاقات المثلية، بما فى ذلك السجن والعمل القسرى. واستمرت القوانين والرؤى الاستعمارية سائدة لفترة طويلة بعد تحقيق الاستقلال. فقد تبنت القوى القومية المفهوم الاستعمارى الذى ينظر إلى الجذب المثلى على أنه انحطاط أو شكل من أشكال الأمراض العقلية. واتبعت الحركات الإسلامية نفس النهج ما أدى إلى تجريم العلاقات المثلية. نتيجة لذلك، أصبح شعراء مثل أبو نواس، كان محتفى بهم طويلاً بسبب موهبتهم الأدبية، مثار جدل وتم مراقبة شعرهم بدورها.

لكن ما حدث فى نهايات القرن الماضى كان مغايرًا لهذا، ففى أحد ليالى صيف عام 1969، انطلقت معركة المثليين فى الولايات المتحدة للحصول على حقوقهم وحرياتهم، بعد أن داهمت الشرطة حانة «ستون وول إن» الواقعة فى منطقة جرين ويتش بمدينة نيويورك. لم يكن يسمح للمثليين بدخول الحانات والملاهى الليلية فى الستينيات. وحتى العقود التالية، لم يكن مرحبّا بأفراد مجتمع الميم-عين، وكان التقارب الجنسى بين الأفراد من الجنس ذاته غير قانونى فى الولايات الأمريكية بأسرها. وكانت السلطات تقفل المطاعم والحانات التى توظف عمالاً مثليين، أو إن كان أحد الشركاء مثليًا. كما أن معظم ملاهى وحانات المثليين كانت تدار من عصابات المافيا فى نيويورك، حيث دفعت الرشى لأفراد الشرطة كى تصرف النظر، وكان هؤلاء يبتزون أصحاب الأعمال المثليين عبر تهديدهم بكشف ميولهم الجنسية علنًا. ورغم أن مداهمات الشرطة لهذه المطاعم والحانات والملاهى بذريعة بيعها الكحول دون رخصة، كان أمرًا مألوفًا، فإن ما يميز الأحداث التى عرفت باسم «ثورة ستون وول» هو أن أفراد مجتمع الميم-عين قاوموا لأول مرة فى تلك الليلة بالتحديد.

وكانت البداية لإثارة الخوف الأرجوانى «الحملة المناهضة للمثليين والمثليات»، وعمليات التسريح الجماعية للأشخاص المثليين من جهات العمل، والدعوة إلى إبعادهم عن العمل الحكومى، مما قوبل بثورة من مجتمع الميم والنون للمطالبة بحقوقهم كما يعتقدون فى محاولة لنشر الثقافة المثلية. فهل ينجحون؟!، وتتحول الأرض إلى سدوم وعمورة وتتكرر قصة سيدنا لوط الذى عاش مع قوم عصوا الله تعالى معصية ما سبقهم بها من أحد، وعندما وجد أهل سدوم متهافتين على الفواحش، فقرر إصلاحهم بدعوتهم إلى الله ونهيهم عما يرتكبون وقال: «أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين» الأعراف 80، ووصفها الكتاب المقدس أن «صُرَخَ سَدُومَ وَعَمُورَةّ وَخطيَّتُهمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدّا».

إن المخاطر تهدد الوجود البشرى وهى استعارة عن مدى قرب البشرية من التدمير الذاتى على خلفية تخريب النظام الاجتماعى وقوانين الله، مع استمرار إفساد العقول، وتهديم المجتمعات وزعزعة المبادئ وقيم الدين والأخلاقيات الموروثة. لقد وسوس إبليس لآدم وقاده إلى الخطأ، فعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى، واليوم يقبل الإنسان «الطُعّم» ليدخل فى حوار مع إبليس مستجيبًا لطلباته.. تفاصيل سأرويها عما يحدث فى العالم.

لا شك أن غضب الله قادم ! ولا نملك إلا الدعاء للرب سبحانه وتعالى «يارب ارفع غضبك عنا»!