السبت 10 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

غضب الإله «منتو»

ريشة: محمد الطراوى
ريشة: محمد الطراوى

كان يسير فى شوارع بلدته الصغيرة، التى كانت فى غاية الروعة، والجمال!



كأنها لوحة جميلة من الطبيعة، على الرغم ما بها من تعرجات فى وسط سهولها الخضراء، حيث كانت أشجار الفاكهة تحوطها من كل اتجاه، باختلاف أنواعها، وأشكالها.

فهناك أشجار الموز، وأشجار المانجو، وأشجار التفاح، والنخيل الذى يرفرف بأهدابه فى جميع الاتجاهات، كلما مرت عليها الرياح، وغيرها من الأشجار المشهورة. 

كانت هذه القرية تخلو من الطرقات، باستثناء طريق وحيد ترابى،  متعرج، وكان به معبد بحالة يرثى لها، تسكن فيه الكلاب الضالة، وتتكاثر به الأعشاب الخضراء، وخاصة فى فصل الربيع، حيث تزدهر الورود الجميلة، التى تزيد النفس أملا. 

كان يسير بسرعة البرق الخاطف. 

كان يجلس على صخرة، ينظر إلى الأعمدة، والأحجار، والحجرات، ويحدث نفسه، فيقول «هنا عاش منتو إله الحرب، والضراوة». 

ثم يسير ناحية الغرب قليلا، ينظر إلى البئر المسحور، ويتمتم بصوت منخفض «هنا كليوباترا غمدت ابنها الأكبر، حتى يكتسب الشجاعة». 

كانت القرية تنام فى هدوء بشكل غريب، كان الهدوء يسودها غالبا، باستثناء أصوات العربات القليلة، التى كانت تمر من ناحية الطريق الترابى،  الموجود بالقرب من المعبد، وهذه العربات كانت تجر بواسطة الأحصنة، والتى كانت تبذل جهدا وعناء كبيرين، لكى تمر من تلك الطريق، ومن هذه العربات، عربة العمدة.  كان العمدة يسكن فى منزل، يقع أعلى التبة، وعند مرور عربة العمدة، كان الناس يدخلون منازلهم خوفا من غضب العمدة، عاش الطفل مع أسرته، التى تتكون من والديه، وجده كبير السن، فى سعادة وهناء كبيرين. سافر الولد إلى المدينة ليتلقى تعليمه بمدارسها، ولم يسافر جده العمدة لرفضه مغادرة بلدته.

كان الطفل يهرب من دراسته ليرجع إلى القرية، يجلس على جانبى البحيرة المقدسة، ينظر إليها، ويقول «هنا تعلم سحرة موسى فنون السحر». 

ثم يجرى داخل المعبد، وفى أثناء جريه، يجد حفرة محفورة حديثا، يعثر فيها على صينية عليها مجموعة من التماثيل، لا يعرف عنها شيئا، يحمل الطفل الصينية إلى جده العمدة، الذى رفض مغادرة الطفل بلدته، ومنزله، الذى تداعبه الشمس بإشراقتها البريئة بكل صباح، وتستقر به طوال اليوم، وتسلم عليه أثناء غروبها، واعدة إياه بإشراقة جديدة فى الصباح الجديد. 

لم يطاوعه قلبه على مغادرة المعبد، الذى يدفع للراحة، والاطمئنان، كما لم يطاوعه قلبه على ترك مشاهدة أصدقائه من العصافير، الذين يبيتون كل ليلة على غصون الأشجار، يزينون الصباح بزقزقتهم الجميلة، العذبة. 

عاد إلى جده، وحكى له أنه أثناء سيره، كان يتمتم بكلمات حفظها، وقع فى حفرة، أمره جده بالرجوع إلى المعبد، وإلى الحفرة، ليرى التماثيل، ولجلبها له. 

ذهب الطفل إلى البحيرة المقدسة، زلت قدمه، لا أحد ينقذه، وبعد لحظات أخذ يطفو أعلى مياه البحيرة، جثة هامدة.

«إنه غضب الإله منتو».