الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
ظاهرة غريبة: «عبيد الموبايل»!

ظاهرة غريبة: «عبيد الموبايل»!

لو ركبت المترو أو الأتوبيس أو القطار هنا فى لندن.. فسوف تستفزك ظاهرة التصاق الناس بتليفوناتهم المحمولة.. أسميهم «عبيد الموبايل».



فكل واحد أو واحدة جالسة أمامك أو بجوارك أو حولك، على امتداد عربة قطار الأنفاق منغلق على نفسه وملتصق بالموبايل.. يتصفح صفحات الإنترنت أو يكتب رسالة «تكست» أو حتى يتلفن شخصًا آخر.. أو يشاهد فيلمًا أو مسلسلاً.. أو فقط يمر بسرعة على كل ما هو معروض على شاشة التليفون الضيقة دون التوقف عند أى شىء، مجرد تغطية للشعور العميق بالمَلل والوحدة وقلة الحيلة والعزلة والضياع.

هذا حال الدنيا هذه الأيام فى هذا العالم المتحضر المتقدم، يفقد الإنسان التواصل مع الغير وينعزل فى قوقعة تجمعه مع الموبايل، ولا يكاد يدرى بما يجرى حوله!

والمدهش أن تشاهد شخصين ركبا المترو معًا وعثرا على مقعدين متجاورين وما أن جلسا متجاورين حتى أخرج كل منهما تليفونه وغطس فيه!

وكثيرًا ما تشاهد راكبًا أو راكبة وهى تحاول تعطيل الباب الأوتوماتيكى للقطار حتى تتمكن من النزول فى محطتها التى ستفوتها لأنها كانت طوال الوقت مندمجة مع.. الموبايل.

أمّا إذا تركت المترو ونزلت إلى الشارع؛ فسوف يدهشك حال «عبيد الموبايل» الذين يقلبون صفحات الإنترنت على التليفون أو يكتبون رسائل «تكست» وهم يسيرون على الرصيف أو يَعبرون الشارع، وقد يصطدم بك أحدهم أو قد تصدمه سيارة أو موتوسيكل سريع.

والأغرب أن تشاهد أمّهات يدفعن عربات أطفالهن بينما يواصلن التطلع إلى شاشات الموبايل.

الظاهرة مزعجة ومثيرة للقلق وقد لفتت انتباه الباحثين الأكاديميين فى بعض الجامعات البريطانية، كما تعرّض لها بعض كتّاب الأعمدة فى الصحف، فوصفت «سوزى جولد سبرو» نائبة رئيس القسم الأدبى فى جريدة «التايمز» الشهيرة هذه الحالة قائلة: «لقد أصبحنا أمّة ملتصقة بالموبايل»!

 

ريشة: أحمد جعيصة
ريشة: أحمد جعيصة

 

30 ساعة على التليفون!

وأجرت إحدى شركات الاتصالات العالمية الشهيرة «فودافون» دراسة ميدانية حول علاقة الأفراد بالموبايل، على ألفَىْ متطوع ومتطوعة فوجدت أن كل فرد يمضى فى المتوسط نحو 30 ساعة فى الأسبوع على التليفون بينما يعمل لمدة 48 ساعة فى المُدة نفسها!

وتبيّن أن الفرد الواحد يجرى فى المتوسط 152 مكالمة فى الشهر ويكتب 262 رسالة نصية «تكست» ويبعث بـ 149 رسالة بريد إلكترونى «إيميل» فى المدة نفسها. ويمثل استعمال «واتساب» 58 % والمكالمات 48 % ورسائل «إس إم إس» 28 %.

وطبعًا لم تتناول الدراسة مشكلة سوء استعمال التليفون وكتابة وإرسال الرسائل النصية «تكست» عبر التليفون أثناء السير فى الطريق العام أو حتى خلال عبور إشارة المرور، فالشركة مشغولة بالترويج لبضاعتها.

لكنّ الباحثين فى جامعة جنوب ويلز أقدموا على دراسة تستهدف كيفية التوصل إلى طريقة تحول دون وقوع الحوادث بسبب كتابة الرسائل النصية على المحمول خلال السير فى الشارع.

وتوصلوا إلى أنه يجب تصميم الموبايل بحيث يغلق نفسه تلقائيًا، وقد قاموا بدراسة تجريبية على 50 طالبًا وطالبة للتعرف على سلوكهم فى استخدام التليفون المحمول خلال السير، فكان عليهم أن يمرّوا فوق أرضية مخلخلة وهم يستعملون هواتفهم، وكانت النتيجة أن التلاميذ أبطئوا الحركة بينما واصلوا استعمالهم لتليفوناتهم، وكانوا يميلون إلى الأمام حتى يحافظوا على توازنهم، لكن ذلك جعلهم غير قادرين على حفظ توازنهم، وقارب بعضهم على السقوط. 

المشرف على التجربة «ماثيو برودى» قال:

فى أى يوم يبدو أن نصف الناس شبابًا كانوا أو كبارًا، ينحنون على موبايلاتهم ليكتبوا رسائل «تكست» خلال السير. وإننى أتعجب؛ هل هذا سلوك آمن؟!

نعود إلى المحررة الأدبية لـ«التايمز» ومقالها الذى عبّرت فيه عن استيائها من أن الأجيال الجديدة لا تقرأ، وتكتفى بالحياة مع الموبايل والكمبيوتر.. بعيدًا عن الكتاب، تقول:

ما زلتُ أتمنى أن نجد حلاً مع مشكلة التعلق بالموبايل، فهذه العلة التى تمتص حياتنا؛ يدمنها أغلبية الناس.