الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
السمسمية

السمسمية

أحببنا هذه الآلة الموسيقية «السمسمية» لأنها اقترنت بالمناسبات الشعبية والوطنية وارتبطت بأغنيات فنون الضَمَّة، وهى فن شعبى تميزت به مدن القناة : السويس، والإسماعيلية، وبورسعيد، المدن التى سَجَّل أبناؤها البطولات، وحفظت أغنيات الضَمَّة والسمسمية هذه التواريخ بحروف من نور، منذ أيام التهجير حتى تحقيق نصر أكتوبر العظيم، والاحتفال بعيد فتح قناة السويس للملاحة الدولية، ومن أشهر فرق السمسمية: «فرقة الصامدين» بالإسماعيلية، وكتب أشهر أغنياتها حافظ الصادق، ومن مطربيها مُرسى بركة، وإبراهيم الورداني، وفرقة «أولاد الأرض» بالسويس، ومن أهم مؤسسيها، وكُتاب أغانيها الكابتن غزالي، وفرقة «باب النصر» فى بورسعيد، وأشهر من كتب لها الأغنيات كامل عيد، كما يذكر د.السيد أحمد إبراهيم فى كتابه «أغانى السمسمية فى الإسماعيلية- دراسات فى أدبيات فؤاد طلبة»، وصدر الكتاب حديثًا عن سلسلة الثقافة الشعبية بالهيئة المصرية العامة للكتاب.



وهى دراسة مهمة تضمنت توثيقًا لدور فؤاد طلبة (5 أكتوبر 1927- 13 أغسطس 2006) ، وهو أحد أهم أدباء الإسماعيلية والذى كان له فضل الريادة فى جمع بعض أغنيات الضَمَّة التى تُعد بالمئات، فجمع ثمانى وثلاثين (38) أغنية فى كتابه «فنون الضَمَّة»، ومن هذه الأغنيات: «الله عليك يا مصري/ يا حُر فى الأوطان/ الله عليك يا مصري/ مجدع أبو الشجعان/ الله عليك يا مصري/ طيارة مصرى فوق».

وآلة السمسمية كما ذكر فؤاد طلبة ظهرت فى وادى النيل فى عهد الدولة المصرية الوسطى حوالى عام ألفين (2000) ق.م، حسب التاريخ الذى وثقه د.محمود أحمد الحفنى فى مجلة الفنون الشعبية فى ستينيات القرن الماضي.

ويذكر طلبة أن السمسمية غناء وعزفًا قد أدخلها إلى مدن القناة عبدالله كُبْربر، ومحمد عثمان النجي، وهما من النوبة، وكان ذلك فى فترة الأربعينيات من القرن الماضى وأغنيات الضَمَّة كما يقول فؤاد طلبة تتميز ببساطة اللحن والكلمات، والقصة والحوار، وسهولة الأداء، وانسيابية الحركة المصاحبة للأغنية، وفنان الضَمَّة يتصرف بحرية فى الكلمات لأنها تراث شفهى يخاطب طوائف المجتمع من فلاحين وصنايعية وموظفين وفنان الضَمَّة بطبيعته فنان مسرحى مرتجل، وقد ثبت أن فنانى الضَمّة كانوا يعرضون تمثيلية مرتجلة بعد انتهائهم من الغناء، ولذا عرفت الإسماعيلية مسرح المقهى فكانت هناك مسارح صغيرة بالمقاهي.

لقد كان لشعراء فنون الضَمَّة إسهام بارز فى دعم روح المقاومة والصمود، فقد غنوا للناس فى القرى والأقاليم أثناء حرب الاستنزاف، كما قدمت بعض الفرق عروضها للمقاتلين على الجبهة، ومنها ما قدمته فرقة «الصامدين»: أوبريت «كفاح بلدنا»، والذى ألفه حافظ الصادق، وقام بتلحينه فوزى الجمل.

فالضمة ظاهرة شعبية اجتماعية أصيلة كما وصفها فؤاد طلبة «ويجب أن تستمر فى أداء دورها الوطنى الثقافي، والترفيهى مع مساء كل يوم من أيامنا، تحوطها عناقيد النور، وعناقيد الورود، وأعلام الحب والنصر» ... وأرى ونحن مقبلون على الاحتفال باليوبيل الذهبى لنصر أكتوبر المجيد، أن يتم تكريم فنانى السمسمية، وشعرائها لعطائهم المتميز، وفنهم المبدع.