الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
أجواء الـ«سابلاى ليست»

أجواء الـ«سابلاى ليست»

أجواء سبتمبر التى هى أجواء المدارس فى الأفق. تقترب، ومع الاقتراب، تتسارع دقات قلوب الأهل وتزيد معدلات التوتر والقلق. صحيح أن العيال وصخبهم وطلبات الصيف الثقيلة ستذهب لحالها ولن تعاود الظهور حتى الصيف القادم على أمل أن يحلها حلال وقتها، إلا أن الشتاء ليس منزهًا عن المطالب. 



كما أنها ليست مطالب قابلة للتسويف أو التأجيل أو حتى الإلغاء مثل المصيف أو الذهاب للسينما أو غيرهما من مظاهر الترفيه الصيفى بالغة الكلفة. إنها مطالب عاجلة وآنية. باص المدرسة، حذاء المدرسة، زى المدرسة، مجموعة تقوية المدرسة، «لانش بوكس» المدرسة، سندوتش المدرسة، زمزمية المدرسة وإن كان اسمها أصبح «ووتر بوتل»، رحلات المدرسة، دروس خصوصية على هامش المدرسة، وأخيرًا وليس آخر «سابلاى ليست المدرسة» أو تلك القائمة الجهنمية التى ابتدعها أحدهم وأصبحت منظومة قائمة بذاتها تنافس المدرسة ذات نفسها فى الأهميةبل وفى الأولوية.

نظريًا، الأولوية فى التعليم هى للمحتوى والمعلم الكفء والطالب المنتبه الذى يحظى بحقه فى التنشئة والتربية والتعليم الجيد. لكن الأولوية فى التعليم لم تسلم من سنوات، بل وعقود طويلة من التغيير. 

لم يعد القلق الأكبر لدى الأهل فى مثل هذه الأيام من كل عام ناجمًا عن اختيار المدرسة المناسبة، أو سداد المصروفات فى وقتها، أو حتى فى تدبير ثمن الدروس الخصوصية التى باتت منظومة تعليمية موازية لكن فرض وليست سنة. صار مصدر القلق الأكبر هوامش بدء العام الدراسى. لن يفهم الصغير أو تعى الصغيرة أن الـ«سابلاى ليست» فيها سم قاتل. 

ولن يقنع بأن ما ينبغى شراؤه حقًا قبل بدء العام الدراسى هو الكتاب والكراسة والقلم أكثر من الصلصال المستورد والمناديل المبللة والأكواب الورقية التى تستخدم لمرة واحدة، ومعاطف المعمل، ومعاطف أخرى للرسم والتلوين، وثالثة لزوم الحدائق والطين (مع العلم أن أغلب المدارس لا حديقة فيها ولا يحزنون). 

ببساطة شديدة، صارت منظومة الـ«سابلاى ليست» مسألة وجاهة وقبول، وبدونها يشعر الصغير أنه أقل من أقرانه أو أنه فى وضع أضعف منهم. ليس هذا فقط، بل إن الكثير من المدارس التى تخصص وقتًا وجهدًا فى سن مكونات الـ«سابلاى ليست» تعتبر حضور الصغير بها شرطًا أساسيًا. وفى ظل ظرف اقتصادى بالغ الصعوبة يضرب العالم كله، يجدر بالقائمين على إدارة هذه المدارس أن تراجع نفسها وأولوياتها هذا العام. نفسيًا وتربويًا لا يجب تعريض الصغار لمواقف لا يجب أن يتعرضوا لها. 

كيف يشعر طفل صغير وهو يرى أقرانه محملين بمكونات الـ«سابلاى ليست» اللعينة وهو لا يملك منها شيئًا؟ هل ينجح أهل هذا الطفل فى إقناعه بأن العلم ليس فى الـ«سابلاى ليست» أو إنهم تعلموا بدون «سابلاى ليست» أو أن المعلمة نفسها ربما لا تستطيع شراء المكونات لأبنائها؟ لا أظن! 

ما أظنه هو أن على المدارس أن تلغى مسألة الـ«سابلاى ليست» هذا العام، ولو من باب التكاتف والتعاطف والتفاهم.