الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
اختياراتى.. هل دمرت حياتى؟

اختياراتى.. هل دمرت حياتى؟

أشرقت الشمس اليوم .. شمس غير كل الشموس فتحت عينىْ واستقبلت أشعتها من خلف شباك غرفتى .. لكن أشعتها لم تكن دافئة مثل كل يوم .. أشعتها كانت قارصة .. حامية مستفزة .. تستفزك من سباتك، تدفعك دفعا للقيام من سباتك العميق، تدفعك لاتجاه من اثنين. إما أن تهرول لتغلق النافذة وإما أن تفيق وتتجه للحمام لتأخذ دشا باردا ينساب عليك فتثير حبات الماء الباردة داخلك إحساسا  بدماء جديدة وكأنك لم تعش من قبل.



هذه ليست بداية لقصة قصيرة أكتبها بل هى وصف لما شعرت به على مدار  أيام  بل  شهور من حياتى .. عندما قاربت منتصف العمر .. قاربت من عامى الأربعين، ولسعتنى الحياة بأزمة منتصف العمر وألقت عليَّ أسئلتها .. ماذا فعلت فيما انقضى من عمرك .. ماذا حققت؟ ففررت منها باحثة عن إجابة هادئة باردة تطفئ وطيس حرارة الأسئلة .. لكن الإجابة للأسف وقعت عليَّ كحبات الماء المثلج المتساقط على زجاجة المياه الغازية .. «حققت...... كل ما .. أرادوه لى..!! وضعت نفسى ضمن ركاب قافلة المجتمع .. واقتفيت أثرهم .. .. كانت الإجابة «أنا حققت بنجاح باهر كل شيء.. اختاره لى المجتمع وأقنعنى حينها إنه اختيارى» .... يبدو إنى لم أحلم أصلا ..لم أفكر يوما فى أن أحلم،  بل كنت أفكر دائما كيف سأحقق أحلامهم.  

وقع أثر الإجابات المثلجة على جسدى كوقع  جهاز الإفاقة فى غرفة الإنعاش ..حينها فقط وبالتدريج ماتت الفتاة التى لم تحلم وولدت إنسانة جديدة . 

منذ تلك اللحظات .. وأنا فى حالة بحث مستمر عن أحلامى وعن ذاتى المسكينة القابعة فى صمت داخلى .. وفعلا سلكت مسارات مختلفة .. اتخذت قرارات أخرى. واخترت اختيارات جعلت كل خطوة قادتنى لما يليها، ازداد وعيى وإدراكى .. وازددت رغبة  وإصرارا على تحقيق كل ما أصبو إليه .. فذقت طعم سعادتى لا سعادتهم،  وعرفت معنى لحياتى مختلفا.. معنى ولدته من داخل رحمى أنا،  معنى صعب أتخلى عنه .. معنى حياتى الآن هو قيمتى التى أحيا من أجلها والتى لن يفارقنى إلا مع طلوع الروح لبارئها. 

شكرا لكل شعاع استفزنى وزحزحنى من نومى العميق وشكرا لكل حبة ماء بارد جددت قطرات الدماء وأنعشت حياتى ووهبتنى دماء جديدة وحياة جديدة.. فلا تغلقوا النوافذ ولا تهربوا من الأشعة التى قد تؤلمكم فى البداية فهى التى تدفعكم لاختيارات جديدة و خطوات مختلفة فى حياة من صنع أيديكم.