الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
زفة العذراء مريم فى حضن الجبل

زفة العذراء مريم فى حضن الجبل

نحيا ونعيش هذه الأيام المباركة صيام السيدة العذراء القديسة مريم وتمتد الاحتفالات إلى الأماكن التى زارتها العذراء ومكثت فيها العائلة المقدسة بأرض مصر هربًا من بطش «هيرودس» الملك الذى أمر بقتل كل أطفال بيت لحم بفلسطين بسبب نبوءة الملك القادم الذى يستولى على حكمه, وكانت العذراء وقتها خطيبة للشيخ البار يوسف النجار الذى تولى رعايتها، وكذلك طفلها السيد المسيح وقد هربوا إلى أرض مصر، وعند دخولهم ذكرت الآية بالكتاب المقدس «مبارك شعبى مصر»، وعاشت العائلة المقدسة طوال ثلاث سنوات ونصف السنة داخل مصر وربوعها بعناية خاصة من الله.



 

احتفالات عيد العذراء فى دير درنكة  - صورة أرشيفية
احتفالات عيد العذراء فى دير درنكة - صورة أرشيفية

 

 

وها نحن نقضى فترة صوم السيدة العذراء مريم الذى يمتد طوال 14 يومًا وينتهى بعيد انتقال السيدة العذراء إلى السماء وتمتد الاحتفالات لتصل إلى صعيد مصر خاصة الأماكن التى لجأت إليها العائلة المقدسة ومكثت بها العذراء مريم والتى تم رصدها وهى تبدأ من شمال القاهرة ومصر القديمة ومن قبلها الفرما والوجه البحرى وقدومًا داخل صعيد مصر لا سيما محافظة المنيا أو تحديدًا منطقة جبل الطير أو كذلك منطقة أشنين النصارى القرية الأثرية ودير الجرنوس.. وتحتفل مطرانية سمالوط بالمنيا بهذه المناسبة رغم طبيعة القرية التى تقبع فى حضن الجبل الغربى، لكن يتم تخصيص حماية خاصة ومكثفة للزوار الذين يحرصون على الزيارة ونوال البركة وتقدر أعدادهم بالملايين سواء من المسلمين أو المسيحيين أو من الأجانب ويقدمون فيها النذور والتبرعات ومن ثم التبرك من خلال هذه الأماكن لا سيما طوال فترة الصوم الخاص بالسيدة العذراء والذى يبدأ من 7 أغسطس وينتهى بالاحتفال بعيدها وصعودها إلى السماء يوم 22 أغسطس من كل عام.

دير العذراء

داخل أحضان جبل درنكة بأسيوط، حيث الدير الأشهر الذى يقصده ملايين الزوار من كل مكان وتمتد الزيارات إلى كنائس مصر الأرثوذكسية سواء كان ذلك بمنطقة مسطرد بالقاهرة الكبرى، حيث البئر المقدسة التى شربت منها العذراء وطفلها المسيح أو كنيسة السيدة العذراء بالزيتون التى تجلت العذراء على قبابها فى أبريل عام 1968 وشاهدها الكثيرون، وكذلك فى منطقة المطرية، حيث توجد الشجرة الشهيرة باسم مريم التى استظلت تحت فروعها وأوراقها إلى جانب عين الماء التى توجد فى المكان نفسه، ورغم هذا تحظى محافظة أسيوط بالنصيب الأكبر من الأديرة والتجمعات فيوجد الدير المحرق بالقوصية الذى مكثت فيه العائلة المقدسة ويتوافد عليه المصريون والأجانب للمشاركة فى الاحتفال الكبير بالعذراء مريم.

ويحرص نيافة الأنبا يؤانس أسقف أسيوط ورئيس دير درنكة على إقامة الاحتفالات اليومية وزفة العذراء يوميا وطوال أيام الصوم فى الوقت الذى يحمل فيه الشمامسة أيقونات العذراء طوال دورة الزفة اليومية بالدير وسط حشد ضخم من زوار الدير، وفى الوقت الذى يحتفل فيه أيضا بإقامة أكبر تمثال مجسم للعذراء وعلى ربوة عالية بالدير وهو يتشابه مع تمثال العذراء بجبل لبنان فى الارتفاع أو الحجم.

ويعتبر صوم السيدة العذراء صومًا تقليديًا يمتنع فيه الصائمون عن جميع أنواع اللحوم أو مشتقاتها، بل يكتفون بالطعام النباتى دون غيره، بل هناك من يمتنعون عن تناول أى طعام مطهى، بل يأكلون طعامهم المكون من الماء والملح فقط، وعلى مدار فترة الصوم تقام الصلوات وكذلك الطقوس الدينية وتطلق عليها الكنائس نهضة القديسة العذراء مريم أم النور, وتبدأ الصلوات والعظة من الساعة السابعة مساء حتى العاشرة مساء، والجدير بالذكر أن عددًا كبيرًا من سكان قرية درنكة بأسيوط التى تجاور الدير يحرصون على استضافة عدد من الزوار ويقدمون لهم المسكن والطعام ويشاركونهم فيه سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، ومن بين هذه الأكلات الفول والطعمية والبصارة والكشرى والأكلة الشهيرة وتسمى «شلولخ» أو «مش القطة» كما يقول الصعايدة وهى تتكون من أوراق الملوخية الجافة الممزوجة بالماء المثلج أو البارد مع الثوم والبصل مع قطرات من الخل وعصارة الليمون إلى جانب الملح دون طهى «أى على البارد»، وهنا تتجلى أسمى معانى الإخاء والحب والتسامح.

 

 

 

وفى نهاية مدة الصوم تحتفل الطوائف المسيحية بعيد السيدة العذراء الذى يتضمن النهضة الروحية والتسابيح والتراتيل والصلوات كى يحفظ الله مصر وشعبها كاملاً «مسلمين ومسيحيين».

ويشارك البعض الآخر من الناس بالنذور المقدمة أو كذلك الذبائح احتفالًا بالمناسبة أو العذراء مريم «أم النور».

نحن نتخذ العذراء مريم مثالاً للعفة والطهارة النقية وكانت بحق مثالاً لفضيلة «العفة» بإرادة حرة منها من خلال البذل والعطاء والتواضع والطاعة الذى وصل بالعذراء إلى التجرد الذاتى بكامل إرادتها، كما أن القرآن الكريم كرمها باسمها فى «سورة مريم» وحظيت بهذا الشرف العظيم لنردد: «طوباك يا أم النور، أفضل نساء العالمين».