الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
فرص التوفير والترشيد

فرص التوفير والترشيد

أحيانًا تأتى الفرص للأفراد أو المجموعات أو حتى الشعوب على طبق من فضة. تلوح فى الأفق فكرة أو يقع حدث أو تسير مجريات بشكل ما وهو يحمل فى باطنه رسالة للأذكياء. إنها فرصة توفر على الجميع شهورًا من التخطيط، وسنوات من تنمية الوعى وغرس الثقافة وبناء منظومة قيمية وسلوكية جديدة أو على الأقل أكثر حداثة ومواءمة مع الزمن.



مؤتمر المناخ الأممى «كوب- 27» الذى انعقد فى مدينة شرم الشيخ فى نوفمبر الماضى كان أحد هذه الفرص العظيمة والتى تأتى الناس من حيث لا يحتسبون. ألا نمضى ساعات وننتظر الأيام المفترجة من أجل تكثيف الدعاء بنية وأمل الاستجابة؟! كم مرة تردد الملايين بكل حواسها: «يا مقيل العثرات، يا قاضى الحاجات، اقض حاجتى، وفرج كربتى، وارزقني من حيث لا أحتسب»؟! ألا تمثل «من حيث لا أحتسب» نقطة أمل ورغبة ورجاء ليرزقنا الله بينما نحن نظن أن الأبواب مغلقة، أو بينما نحن غارقون فى عمل وجهد ومثابرة تبدو وكأنها لا تؤتي ثمارها، فإذ بالفرصة تأتى دون سابق إنذار؟!

الإنذار الحقيقى فعليًا والذى يستوجب العجب والدهشة بل الصدمة هو أن تأتينا الفرصة من حيث لا نحتسب، وتمر أمامنا بعد أن تلوح لنا وتنادينا وتستعطفنا أن نستغلها بينما نحن غارقون غائبون مغيبون. 

كوب – 27 كان استطاع أن يدق على حديد الوعى بقضايا البيئة والمناخ وهو ساخن. وعلينا أن نقر ونعترف أن هذا الملف بعيد نفسيًا وعصبيًا واجتماعيًا عن الغالبية العظمى منا. نعتقد دومًا أن كلمتى البيئة والمناخ مفردات الطبقات المخملية، أو بلاد الغرب المتقدمة الصناعية، أو إنها الشغل الشاغل لمن لا شغل له.

والحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك، فكل إنسان على ظهر المعمورة عليه مسئولية وواجبات وله حقوق بيئية ومناخية، وما الموجات شديدة الحرارة وما ينجم عنها من اضطرار لقطع الكهرباء أو تخفيف الأحمال، بالإضافة إلى حرائق الغابات والفيضانات والجفاف وغيرها من مظاهر غضب الطبيعة إلا ترجمة فعلية أولية لغليان المناخ الذى لن يستثنى أحدًا.

ولن نحصر الفرص فى مؤتمر أو اثنين أو حتى ثلاثة. ولكن ألا تولد الفرص أحيانًا من رحم المعاناة؟ هذا الصيف القائظ، ودرجات الحرارة المرتفعة بشكل غير مسبوق، والاضطرار إلى تخفيف الأحمال، ألا يمكن أن تؤدى إلى رفع وعى الملايين فيما يختص بالاستهلاك الكهربائى طيلة أيام العام؟ والأمر لا يتوقف فقط عند حدود تقليل عدد ساعات تشغيل أجهزة التكييف، ولكن كفاءة التشغيل ملف بالغ الأهمية. كفاءة الأجهزة الكهربائية أمر مهم عند الشراء وعند التشغيل، وتحتاج معلومات ووعيًا مستدامًا. قيمة الطاقة، ومعنى استمرار التيار الكهربائى والعوامل المطلوبة وغيرها أمور هى أقرب ما تكون إلى الفرصة، فلم لا نغتنمها؟!