الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

سامى عبدالحليم: دمى تقيل على قلوب المخرجين

سامى عبدالحليم
سامى عبدالحليم

أفنى الفنان سامى عبدالحليم عمره فى خدمة المسرح ولم يدخر وقتًا أو جهدًا فى خدمته، لدرجة جعلتهما يرتبطان ببعضهما ولا يتفرقان، فكان لزامًا على المهرجان القومى للمسرح بدورته الـ 16 تكريمه، تقديرًا وعرفانًا منهم لمجهوده وعطائه.



عن المرة الأولى التى وقف فيها على خشبة المسرح، وذكريات أعماله الفنية، وكيف وجد تكريمه فى دورة تحمل اسم الزعيم عادل إمام، وما ضحى به مقابل شهرته، وما سبب قلة ظهوره سينمائيا وتليفزيونيًا، كان لمجلة «صباح الخير» هذا الحوار مع الفنان القدير سامى عبدالحليم.

•  ماذا يمثل لك التكريم بالدورة الـ 16 من المهرجان القومى للمسرح؟

ـ تكريم المهرجان القومى للمسرح بمثابة تكريم خاص لى، لأنه من المسرح المصرى الذى عملت به كثيرًا، فقد قدمت 100 عرض مسرحى فى المسرح المتجول بجانب القطاع الخاص الذى قدمت به «الجوكر» وغيرهما الكثير، وأعتقد أن هذا الجهد الذى بذلته لصالح تلاميذى والفن، خاصة دورى كأستاذ بالمعهد العالى للفنون المسرحية كان يستحق التكريم، وأحمد الله أنه جاء فى هذا التوقيت بالتحديد، فالعمر لم يصبح به الكثير.

• هل تتذكر أول مرة وقفت فيها على خشبة المسرح؟

المرة الأولى التى وقفت فيها على خشبة المسرح كانت من خلال العرض المسرحى «الجوكر» للفنان محمد صبحى بمسرح الأستاذ جلال الشرقاوى، وكنت طالبًا فى المعهد بهذا التوقيت وقدمت شخصية «حنفى أبو دقة»، وكان هذا أول دور لى فى الاحتراف بالمسرح الخاص. وفكرة الوقوف على المسرح كانت مُخيفة ومُرعبة قبل رفع الستار، ولكن فور وقوفى على خشبة المسرح اختفى كل ألم وخوف، وانتابتنى حالة من حالات السمو الإنسانى والفنى.

• وماذا عن تكريمك فى دورة تحمل اسم الزعيم عادل إمام؟

من حق عادل إمام كفنان قدَّم للفن المصرى الكثير أن يُطلق اسمه على هذه الدورة، فقد قدم الكثير للمسرح الخاص تحديدًا، وله أعمال مجيدة لا يزال يعشقها الجمهور.

 

 

 

 

•  إذن ما سبب عدم مشاركتك فى أى عمل فنى من أعماله الفنية؟!

لم يُعرض عليّ المُشاركة فى عمل مع الزعيم سوى فى المُسلسل الدرامى «عوالم خفية»، فكاتب العمل كان تلميذًا من تلامذتى ودعانى للمشاركة فى العمل، ولكن الدور لم ينل إعجابى، ولم يكن رفضى بسبب عادل إمام فهو قيمة فنية كبيرة، وتأثيره على الفن العربى كبير للغاية.

•  بماذا ضحيت حتى تصبح الفنان سامى عبدالحليم؟

الفنان كى يكون مقنعًا وناجحًا على خشبة المسرح يجب أن يضحى بالكثير، وأنا ضحيت بوقتى وإحساسى وحياتى كلها، فقد تزوجت وعمرى 52 عامًا وضحيت بأولادى وصحتى التى خسرتها وأصبحت حاليًا فى وضع سيئ، فأصبحت أسير بصعوبة شديدة بسبب المجهود الكبير الذى كنت أبذله فى المسرح، فالأستاذ سعيد أبو بكر كان يقول لى إن «المسرحية عايزة فرخة»، فالأكل كان مهمًا للغاية، ولكننى لم أكن أتغذى جيدًا، وكنت أعيش فى قلق دائمًا.

• هل فكرت فى العمل بعيدًا عن التمثيل؟

فكرت من قبل فى العمل كشاعر، ولكن علاقتى ببعض الشعراء العظماء مثل أمل دُنقل جعلتنى أقدر قيمة الشعر جيدًا ولم أستطع مواجهة هؤلاء العظماء، فتوقفت عن الفكرة. وفى بعض الأحيان فكرت فى العمل بمهنة الصحافة لتقديرى الكبير لها ولقيمتها، كما تمنيت العمل كموسيقار أيضًا، فالحياة التى رأيتها بعيدًا عن التمثيل كانت مرتبطة بالفن أيضًا، وجميعها كانت ميولًا فنية، حتى الصحافة كانت ميولا وطنية، فكنت أريد صناعة وطن عظيم، أى أن ميولى كانت لأهداف أكبر من فكرة الوظيفة ذاتها.

 

•  إذن الأمر ليس مرتبطًا بقلة ظهورك أو ترشيحك لأعمال فنية؟

أنا لم أشكُ إطلاقا من قلة الترشيحات أو العمل طيلة حياتى الفنية، فكل المهن التى حلمت بها كنت أتمنى تحقيقها فى فترات معينة من تاريخى، فأنا أعتبر أن مهنة التمثيل مرتبطة بالرزق الذى قسمه الله، والفنان ما هو إلا «أرزقى»، وإذا كان له نصيب فى شىء سيحصل عليه سواء رضى أم لم يرض.

•  هل عملك الأكاديمى فرض عليك نوعية مُحددة من الأدوار؟

وجودى كأكاديمى بالمعهد العالى للفنون المسرحية كان يفرض علىَّ أن أظهر أمام تلامذتى فى أفضل صورة ممكنة، وأن يكون الدور الذى سأقدمه مؤثرًا فى العمل الفنى ولا يوجد به شىء يُهيننى، فعلى سبيل المثال لا يُمكننى تقديم دور خائن أو شاذ جنسيًا، كما لا يمكننى الظهور بأدوار صغيرة لا تتخطى المشهدين، وفى وقت من الأوقات وافقت على أدوار صغيرة لاحتياجى المادى.

•  ولماذا لم تنل فرصة حقيقية فى السينما والتليفزيون مثل المسرح؟

معايير اختياراتى الفنية ساهمت بجزء كبير فى قلة ظهورى، و«دمى التقيل على قلوب بعض المُخرجين» ساهم بالجزء الآخر، فدائمًا ما يضع المنتجون والمخرجون فى بعض الأحيان شروطًا للممثل الذى يعمل معهم، فعلى سبيل المثال رشحت لما يقرب من 100 عمل للفنان نور الشريف، ولكنه كان غير مقتنع بى، إلى أن جاء التعاون فى مسلسل «الدالى»، فالفنان نور الشريف كان مؤسسة فنية ورجلاً من الطراز الأول، يفهم جيدًا فى اختيار الممثلين وقدراتهم.

•  هل لديك بعض التحفظات على تصرفات الجيل الحالى من الفنانين؟

الجيل الجديد معظمه متسرع ويريد الوصول بأسرع طريقة ممكنة، على الرغم من أن الفرصة ممهدة وكبيرة أمامه من كل الجيل القديم، فنحن كنا نعمل بصعوبة شديدة على عكسهم فى الوقت الحالى، فجيلنا لم ينل الفرصة التى يستحقها.

•  من المحطات الفارقة بمشوارك الفنى دور «بيرم التونسى» فى مسلسل «أم كلثوم».. فما أسباب نجاح هذه الشخصية تحديدًا؟

أحب بيرم التونسى كثيرًا وكنت أقرأ له من قبل ترشيحى لتجسيده فى العمل، وأحفظ الكثير من أشعاره وأعرف تاريخه جيدًا. كما أن مأساته الشخصية أثرت بى كثيرًا قبل تجسيدها، فقد قدمته بحب ووعى واجتهاد ومذاكرة جيدة.

 

 

 

•  شاركت مع الفنانة حنان ترك بمسلسل «القطة العميا» وكان هناك تناغم بينكما فكيف حدث ذلك على الرغم من أنه كان اللقاء الأول بينكما؟

حنان تُرك ممثلة متميزة ولها حضور وشخصية، ومخرج المسلسل محمود كامل كان معجبًا بى منذ أن شاهدنى فى عرض مسرحى، فرشحنى لدور الأب، ولأنه مخرج موهوب وطاقم العمل كذلك أيضًا فكنا نتعامل وكأننا عائلة، لذلك لم يشعر الجمهور أننا نمثل بل شعر بأننى أب لحنان ترك وهى ابنتى بالفعل، فالجو العام للمسلسل فى الكواليس كان عائليًا، لذلك خرجنا على الشاشة وكأننا أسرة حقيقية.

•  كيف استقبلت قرار اعتزالها. هل تواصلت معها للتراجع عن ذلك؟

لم تنشأ بيننا علاقة صداقة حتى أتواصل معها، وعندما قررت اعتزال الفن كانت بطلة العمل وكنا نتعامل معها من هذا المنطلق، وكانت تخدمنا جميعًا ولا تتأخر فى شىء، فهى أستاذة عظيمة ولها مطلق الحرية فى قرار اعتزالها، ومسئولة عن فعلها وما تراه، فكل إنسان مُخير فى اختياراته وهى اختارت الاعتزال. فأنا مثلا معتزل للفن بسبب تدهور حالتى الصحية، وكنت أتسبب فى مشاكل كبيرة فى لوكيشين التصوير بسبب صعوبة الحركة، فاعتزلت الفن لأننى أصبحت غير قادر.

•  قبل اعتزالك للفن شاركت مع الفنان محمد رمضان بمسلسل «زلزال» والعمل حقق جماهيرية كبيرة فكيف وجدت ذلك؟

محمد رمضان يُحقق جماهيرية عالية لأن الموضوعات التى تتناولها أعماله تمس الشعب، فهو مثل الراحل فريد شوقى، فهو كان فنانًا عظيمًا والجمهور يُحبه كثيرًا، فأنا أحبه وأعشقه، وكنت أذهب للسينما كى أشجع الشخصية التى يُقدمها وهى تضرب الظالم، ومحمد رمضان أيضًا يفعل ذلك، فهو يختار دائما الشخصيات التى تؤثر على الجمهور جيدًا.

•  برأيك.. هل الجماهيرية تعنى النجاح؟

الجماهيرية تعنى النجاح، ولكنها ليست بمفردها، فهى تتطلب أن يكون الفنان مُقنعًا فى تقديمه للشخصيات التى يُجسدها بأعماله الفنية حتى يصدقه جمهوره ويتفاعل معه، بل يصل الأمر إلى أن يتوحد أيضًا معه ومع الدور الذى يقدمه.

•  ألم تقلق من التعاون مع محمد رمضان خاصة وأن اسمه دائمًا يرتبط بالمشكلات والأزمات؟

ـ لم أتخوف من التعاون معه على الإطلاق، فهو كان تلميذًا من تلامذتى فى المعهد وكنت أحد أعضاء لجنة القبول التى قبلته بالمعهد العالى للفنون المسرحيةـ وكنت أرى أن فيه تفاصيل جيدة تصنع منه ممثلا جيدًا، وهو بالفعل أثبت ذلك، كما أن به صفة يسعى إليها أى فنان وهى التلقائية والتواضع، فهو تلقائى ومتواضع فى اللوكيشين وابن بلد، وبه سمات تصنع منه نجمًا، ولكننى لا أتفق مع فكره.

 

 

 

• كنت رافضًا لقبول ذوى الهمم بالعالى للفنون المسرحية ثم غيّرت رأيك.. فما الأسباب؟

ــ تراجعت عن موقفى من ذوى الهمم عندما رأيت بعض المواهب الخطيرة لديهم، والتى تخطت الإعاقة، ولكنى عدت مجددًا لرأيى فى رفضى بالتحاقهم بالمعهد لأنهم فاقدون لأشياء كثيرة تحتاجها الأدوار الفنية بسبب الإعاقة، فأصبحت مرة أخرى ضد قبولهم لأنهم يريدون أستاذًا خاصًا يتعامل معهم.

•  فى النهاية.. هل أنت راضٍ عما قدمته على مدار مشوارك الفنى؟

ــ أخذت نصيبى وما أستحقه فى الفن، فلا يوجد شخص يأخذ أكثر مما يستحقه، وأنا لم أصبح نجمًا لأسباب أعلمها جيدًا وراضٍ بها تمام الرضا، ومن ضمنها أن «دمى تقيل على قلوب بعض المُنتجين والمخرجين» لأننى أكاديمى وسأتدخل فى كل شىء، وهم لا يحبون التدخلات، ولكن للأسف لا أعرف السكوت عن هذه الأمور، وعندما أريد قول شىء أقوله على الفور، فأنا أرفض التنازلات من أجل العمل.