الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

التنظيم يتمدد بـ القارة السمراء

بؤرة جديدة للموت فى وسط إفريقيا

فى التاسع من مارس من العام الماضى، قُتل أكثر من أربعين شخصاً فى قرية موكوندى بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية خلال هجوم جديد نفذته «القوات الديمقراطية المتحالفة» التابعة لتنظيم «داعش».



هذا الخبر كان يمكن أن يمر مرور الكرام، أو يتحول إلى مجرد خبر عادى فى نشرات الأخبار، ضمن العديد من الأخبار المتعلقة بجرائم الجماعات الإرهابية، إلا أن أسلوب تنفيذ تلك الجريمة لفت الانتباه إلى ما تقوم به الجماعة التى تمثل أحد أبرز مكونات ولاية وسط أفريقيا التابعة لتنظيم «داعش»، فمنفذو الهجوم لم يستخدموا الرصاص، إنما استعملوا الأسلحة البيضاء (السكاكين والفئوس)، بحسب تأكيدات مسئولين محليين لتنفيذ عمليات القتل بطرق تفوق فى بشاعتها ما كانت ترتكبه عصابات العصور الوسطى!

 

 

 

 

هذه الجريمة وغيرها لفتت الانتباه بقوة إلى ما بات يعرف بـ«ولاية وسط أفريقيا» التى يتصاعد حضورها وسط جماعات إرهابية متنوعة يتمدد انتشارها من شرق القارة الأفريقية إلى غربها بكثافة، لكن قوة العمليات التى تنفذها تلك الجماعة، والعدد الكبير للضحايا، فضلا عن بشاعة أساليب التنفيذ تشير إلى أن ثمة أمرًا مختلفًا يجرى فى تلك المنطقة الحيوية من جسد القارة السمراء، التى تمتد من تشاد مرورا بأفريقيا الوسطى والكاميرون والكونغو والكونغو الديمقراطية والجابون وحتى موزمبيق وأنجولا فى الجنوب.

فى كثير من العمليات الإرهابية التى يجرى تنفيذها فى هذه المنطقة يتردد اسم «القوات الديمقراطية المتحالفة»(ADF)، والتى باتت اليوم رأس حربة حقيقية فى استراتيجية «داعش» للتمدد فى شرق ووسط أفريقيا.

هذه الجماعة المسلحة يرجع تاريخها إلى الحرب الأهلية التى عانت منها المنطقة بعد الاستقلال، وكان مقرها فى الأصل غرب أوغندا؛ ولكنها امتدت إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة، ويتكون أغلب أعضائها من المسيحيين الذين أسلموا، وبالرغم من الهجمات المتعددة عليها، فإنها تمكنت من الاستمرار لأنها حافظت على شبكات التجنيد والتمويل الخاصة بها.

وأعلنت منذ 2017 الولاء لـ«داعش»، ورغم أنها لا تمت للديمقراطية بصلة، فضلا عن أن الديمقراطية لا علاقة بها بأدبيات «داعش» فإن الجماعة حافظت على الاسم القديم لها حتى بعد مبايعة التنظيم، لكن بعض قيادات التنظيم أطلقت عليها اسما جديدا هو «مدينة التوحيد والمجاهدين»، بينما تفضل الآلة الإعلامية الداعشية استخدام تعبير «ولاية وسط أفريقيا» التى تضم عدة جماعات محلية.

 

 

 

 

رأس الحربة

ويعتقد على نطاق واسع أن تلك الجماعة عانت من نقص واضح فى التمويل، إلا أنها وجدت ضالتها فى تنظيم «داعش» الذى استطاع أن يستولى على العديد من المناطق فى العراق وسوريا، وكانت لديه وفرة مالية مكنته من تجنيد واستقطاب العديد من الجماعات الصغيرة الباحثة عن التمويل.

وعبر الكينى وليد أحمد زين، استطاع «داعش» التواصل مع «القوات الديمقراطية المتحالفة»، وقدم لها الدعم والتمويل، وكان ذلك ربما سببا رئيسيا فى أن يستخدم زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادى لأول مرة تعبير «ولاية وسط إفريقيا» فى خطاب ألقاه فى أغسطس 2018، مما يشير إلى أن هذا الفرع بات موجودًا بالفعل على الأرض، ولاحقا أعلنت ولاية «وسط أفريقيا» الولاء لزعيم التنظيم الجديد، أبو إبراهيم الهاشمى القرشى، فى 7 نوفمبر 2019.

كما سعت العديد من التنظيمات الإرهابية الأصغر، التى حاولت البحث عن الدعم اللوجيستى والتدريبى، فضلا عن استغلال الدعاية التى يوفرها «داعش»، ومن ثم بدأت موجة من المبايعات فى أوساط تنظيمات صغيرة، كان منها حركة الشباب الموزمبيقية، التى تعرف محلياً باسم «أنصار السنة والجماعة»، التى باتت بفعل التمويل والدعم اللوجيستى تلعب دورًا مهما فى ولاية «داعش» بوسط أفريقيا.

ومع توالى عمليات «داعش» فى وسط أفريقيا، بدأت أخبار تلك المنطقة تصبح جزءًا مهما فى منظومة الآلة الإعلامية الداعشية مثل وكالة أعماق، ووكالة ناشير، ونشرة النبأ، وكان لافتا تركيز عناصر التنظيم فى وسط أفريقيا على تنفيذ الاستراتيجية التى تبناها «داعش» وحاول تطبيقها فى الكثير من المناطق التى تواجد فيها، وهى ضرب قدرات الجيوش الوطنية، واستهداف غير المسلمين لاستقطاب العناصر المتطرفة وتجنيدها فى صفوفه، بإظهار نفسه يقود حربا دينية بالأساس.

 

 

 

وهكذا انطلقت عمليات «ولاية وسط أفريقيا» بهجمات مكثفة ومتكررة على القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية، وتحديدا فى قرية كامانغو والقاعدة العسكرية فى بوفاتا بالقرب من الحدود مع أوغندا.

كما شن عناصر التنظيم العديد من الهجمات على الجيش الموزمبيقى، وحققوا انتصارا لافتا فى يونيو 2020، بالسيطرة على مدينة «موزيمبوا دا برايا» الموزمبيقية لفترة قصيرة، مما تسبب فى فرار العديد من السكان المحليين، وأعلن «داعش» هناك تأسيس ولاية له ورفع أعلامه على المنطقة، وأعلن تلك المدينة عاصمة لـ«ولاية وسط أفريقيا فى موزمبيق»، وبدأت وسائل الإعلام الداعشية تتباهى بهزيمتها لقوات «الجيش الصليبى الموزمبيقي» و«مرتزقة جهاز المخابرات الروسى الصليبي» فى إشارة إلى عناصر مجموعة «فاجنر» التى استعان بها الجيش الموزمبيقى.

 

 

 

إلا أن سيطرة «داعش» على تلك البلدة لم تدم طويلا، إذ أرسلت جنوب أفريقيا قوات خاصة لمساعدة قوات الأمن الموزمبيقية فى استعادة الأراضى التى هيمنت عليها «ولاية وسط أفريقيا»، وبالفعل نجحت فى تحريرها بعد فترة قصيرة.

اختيار المكان

فى اجتماع وزراء التحالف الدولى لمحاربة «داعش»، الذى عقد مؤخرا فى العاصمة السعودية الرياض, حمل البيان الصادر عن وزراء خارجية التحالف تحذيرا واضحا من أن تمدد التنظيم فى أفريقيا جنوب الصحراء من شرقها إلى وسطها وجنوبها ثم غربها عبر ظهور فروع جديدة لـ«داعش»، ينذر بأن الهدوء النسبى الذى صاحب الفترة الماضية كان لإعادة تموضع هذه الجماعات.

وقبل مقتله بأشهر قليلة دعا أبو بكر البغدادى فى تعليقه على سقوط نظام الرئيس السودانى عمر البشير فى أبريل (نيسان) 2019 لفتح جبهة جديدة لإقامة «ولاية السودان»، تبعها إعلام التنظيم الذى يدعو إلى تنفيذ المخطط، وعندما اندلعت الحرب بين قوات الجيش والدعم السريع راهن «داعش» على الفوضى الناتجة من تفكك الدولة، وبات الواقع الذى يجسده السودان يعكس الظروف المثالية التى يبحث عنها التنظيم للتمدد فى أية منطقة، ويجدها متوافرة فى القارة الأفريقية، أو فى أى من دولها.

أخطر ما تعانيه تلك المنطقة هو تفكك الدول، وغياب سيطرة مؤسسات الدولة المركزية، فضلا عن هشاشة القدرات الأمنية والعسكرية، الأمر الذى يفسح المجال أمام عناصر أى تنظيم إرهابى كى تتمدد وتنفذ عملياتها دون وجود رادع يواجهها.

الأمر الآخر الذى يسهل من مهمة تمدد «داعش» فى الوسط الأفريقى هو تلك الطبيعة المفتتة للمجتمع لأسباب عرقية أو قبلية أو طائفية، وهو ما يتيح للتنظيمات الإرهابية أن تتحرك فى أوساط تلك المجتمعات، واللعب على تلك التباينات لصناعة الحلفاء وتجنيد العناصر الموالية، وبالتالى تجد حاضنة شعبية تبدو كأساس لازم لبناء قواعد طويلة الأمد للتنظيم فى تلك المناطق.

العنصر الثالث الذى يوفر لتنظيم مثل «داعش» الفرصة للتمدد فى وسط أفريقيا، هو كثرة التحولات السياسية فى الدول التى يستهدفها، فمن ينظر إلى طبيعة التحولات التى تشهدها دول مثل تشاد وأفريقيا الوسطى خلال السنوات الأخيرة يدرك أن التحولات والتغيرات السريعة والانقلابات المتكررة فى بنية النظام السياسى، تمثل ثغرة حقيقية فى قدرات الدولة على حشد الجهود الأمنية والعسكرية، فضلا عن توحيد الجبهة الشعبية الداخلية لمحاربة الإرهاب، وبالتالى تجد التنظيمات الإرهابية وفى مقدمتها «داعش» الذى بات يتمتع بخبرات وقدرات واسعة على التحرك فى المجتمعات المفككة والمأزومة سياسا وأمنيا، فرصة مثالية للوجود والبقاء.

الفقر وتراجع مستويات المعيشة، سواء بسبب الظروف السياسية والنزاعات المسلحة بين الدولة وبين الجماعات المتمردة أو بين القبائل والعشائر بعضها البعض، أو حتى نتيجة الظروف البيئية والطبيعية جراء تفشى موجات الجفاف والنزوح من المناطق التى تعانى التصحر إلى تخوم المدن والمناطق الأكثر قابلية للعيش، كلها عوامل توفر لتنظيم مثل «داعش» بيئة مناسبة لتجنيد واستقطاب العناصر الموالية، والتى ربما لا تنتمى للتنظيم بدافع الأيديولوجيا، أو الولاء الفكرى، بل رغبة فى الحصول على فرصة للحصول على دخل، حتى ولو كان من تنظيم إرهابى، فالموت فى كل الحالات هو الخيار المتاح!

كما أن الطبيعة الجغرافية التى تتسم بها دول وسط أفريقيا تبدو كذلك عنصر جذب لتمدد «داعش» فيها، فهى تجمع بين الحدود التى تعانى من تراجع قدرات تلك الدول على ضبطها، وهو ما يمكّن التنظيم من تهريب الأسلحة والعناصر عبر الحدود، خاصة من الشرق الإفريقى المفتوح على البحر الأحمر والمحيط الهندى، وبين الغرب الأفريقى الذى يتحول تدريجيا إلى أخطر ساحة لتحرك التنظيمات الإرهابية من مختلف الأنواع والانتماءات، فضلا عن ضعف سيطرة القوى الأمنية على جميع المناطق داخل تلك الدول، لا سيما ذات الطبيعة الجغرافية الوعرة كالصحارى والأحراش، وهو ما يوفر ملاذات آمنة لعناصر التنظيم فى التدريب وإخفاء العناصر والأسلحة، والتحصن من الهجمات.

 

 

 

 

ويمكن أن نضيف إلى الأسباب الداعية إلى تمدد «داعش» فى وسط أفريقيا، ذلك العجز الظاهر للبعثات الأممية والعمليات التى تقودها دول غربية لمكافحة الإرهاب، فتلك البعثات الأمنية التى ينفق عليها ملايين وربما مليارات الدولارات لم تحقق إنجازا يذكر فى مواجهة المتمردين والتنظيمات الإرهابية، بل تحولت فى كثير من الأحيان إلى أداة لدعم أنظمة سياسية موالية لدول بعينها، وتوفير الحماية من المناوئين لتلك الأنظمة، بينما لم تكن مكافحة الإرهاب هى الأولوية الأولى كما تزعم تلك البعثات. اللافت أن وجود تلك البعثات الأممية والغربية بشكل عام كما هو الحال فى تشاد وموزمبيق وأفريقيا الوسطى، تحول إلى أحد الدوافع التى يبرر بها «داعش» وجوده فى تلك المناطق، فاستراتيجية الدعاية الداعشية تصف تلك البعثات باعتبارها «حملات صليبية»، وتركز على وجوب الحرب الدينية لطردهم، وهو ما يلقى قبولا وتجاوبا لدى العديد من العناصر المتحمسة، وغالبا من الشباب الذى لا تتوافر لديه الدراية السياسية الكافية لفهم خريطة الصراعات فى منطقته، فضلا عن التأثير السلبى لطبيعة الحياة الاقتصادية والممارسات السياسية للأنظمة المدعومة غربيا. إمبراطورية اقتصادية  لا تتوافر بطبيعة الحال إحصاءات دقيقة حول أعداد العناصر التى تنتمى لتنظيم «داعش» فى وسط أفريقيا، لكن من الواضح أن أعدادا متزايدة، خاصة من القيادات والعناصر ذات الخبرة فى عمليات التفخيخ وصناعة المتفجرات وإدارة حرب العصابات، قد هربت إلى المنطقة بعد انهيار قدرات التنظيم فى منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن الاغتيالات المتوالية لثلاثة من زعماء التنظيم، فى إطار استراتيجية «قطع الرؤوس» التى اتبعها التحالف الدولى لمكافحة «داعش» بهدف تفكيك التنظيم وإشاعة صراعات الزعامة بين قياداته، لكن الواضح أن انتقال بعض قيادات الصف الثانى لمناطق بعيدة عن مسرح عمليات التحالف، ومن بينها وسط أفريقيا، مكنها من إعادة التموضع وبناء ملاذات جديدة للتنظيم. كما وفرت سيطرة «داعش» على مدينة «موزيمبوا دا برايا» الموزمبيقية، قدرات واضحة للتنظيم فى المنطقة، عبر تزويد ولاية وسط أفريقيا بإيرادات ثابتة، حيث كانت المجموعة قادرة على فرض ضرائب على التجارة المحلية فى المعادن والمخدرات، إذ تحولت المدينة تحت سيطرة التنظيم لمركز رئيسى لتهريب المخدرات. كما استفاد التنظيم من انتشار عمليات التعدين غير الشرعية فى المعادن الثمينة كالذهب، إذ تدر هذه التجارة فى وسط أفريقيا ربحا وفيرا على التنظيمات والميليشيات المتمردة، وتحرم فى الوقت ذاته الدولة من موارد كبيرة، وبالفعل تشير العديد من التقارير إلى وجود العديد من موارد الذهب والتعدين غير الشرعى، التى مثلت أداة لتمويل تجنيد العناصر، وشراء الأسلحة والإنفاق على معسكرات التدريب والعمليات الانتحارية. ومع تعدد الجماعات التى باتت تبايع «داعش» فى وسط أفريقيا، تنوعت التكتيكات المستخدمة فى نشر أعمال العنف والإرهاب، ومن بين أبرزها توظيف العنف العرقى ومنحه بعدا دينيا، فبينما كان فرع ولاية وسط أفريقيا الموزمبيقى يتراجع، كان الموالون لداعش الكونغوليون يوسعون منطقة عملياتهم بالتورط فى النزاعات المحلية التى يغلب عليها الصراع بين عرقية «الهوتو» ضد الجماعات العرقية المحلية الأخرى، ما تسبب فى إعلان بعض القرى الولاء للدولة الإسلامية، للاستقواء بهم فى الصراع العرقى المحتدم، وبدأت فى تلك القرىعمليات تحويل السكان المحليين إلى الإسلام، لضمان التجنيد الدائم للعناصر، وتحويل الصراع من نزاع عرقى إلى صراع دينى. العنصر الثانى فى تكتيكات «داعش» التى تتوسع «ولاية وسط أفريقيا» فى تنفيذها، بسبب الوضع الدينى والطائفى فى المنطقة هو تكثيف الهجمات على المسيحيين، وارتكاب جرائم القتل والترويع بطرق تمعن فى البشاعة، من أجل ترهيب السكان المحليين، وفى سبيل تحقيق هذا الهدف، ارتكب عناصر التنظيم عشرات الجرائم، ربما من بين أشهرها ما وقع مطلع العام الحالى، بالهجوم على كنيسة فى الكونغو الديمقراطية وأعلنت ولاية «داعش» وسط وشرق أفريقيا تبنيها له. وخلال العام الأخير، ركزت عناصر «داعش» بالكونغو على استهداف المدنيين مقارنة بالقوات العسكرية، ونفذ التنظيم منذ مطلع العام الحالى 17 عملية استهدفت المدنيين المسيحيين فى المنطقة، مقابل 9 عمليات استهدفت القوات العسكرية. كما تتوسع «ولاية وسط أفريقيا» فى استخدام العمليات الانتحارية كأداة فعالة لتحقيق مبدأ المباغتة ونشر الرعب، لا سيما عند الهجوم على مناطق تمركز القوات المسلحة، والقواعد العسكرية التى لا تتوافر بها تحصينات كافية لصد المهاجمين، وهو تكتيك استخدمته العناصر الداعشية فى أكثر من مسرح لعملياتها وحقق نتائج كبيرة فى العراق وسوريا. واستطاع تنظيم داعش فى جمهورية الكونغو الديمقراطية أن يصنع دعاية مكثفة لنفسه عبر تنفيذ أول هجوم معروف له فى جوما، عاصمة إقليم شمال كيفو، عندما شن هجوما انتحاريا على معسكر للجيش داخل جوما، مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص على الأقل،وبينما قلل المسئولون الكونغوليون فى البداية من أهمية الهجوم وألقوا باللوم فيه على قنبلة يدوية خاطئة، كشفت التحقيقات أن الانفجار كان بالفعل نتيجة عبوة ناسفة ارتدتها انتحارية، وهى من المرات القليلة التى يستخدم فيها العنصر النسائى فى تلك المنطقة لتنفيذ عمليات انتحارية، الأمر الذى كان له تأثير دعائى كبير، بعدها نفذ التنظيم العديد من العمليات الانتحارية، وبأسلوب يكشف وجود خبرات فى تنفيذ هذا النوع من العمليات، وهو ما يزيد الاعتقاد بأن انتقال عناصر قيادية من التنظيم من الشرق الأوسط كان وراء ذلك التحول اللافت. ومن التكتيكات التى يستخدمها «داعش» فى وسط أفريقيا، وتؤكد انتقال خبرات التنظيم من الشرق الأوسط، هو ذلك الاستخدام المكثف لشبكة الإنترنت لبث عمليات التنظيم، ونشر حالة من الرعب والهلع التى تمثل جزءا من الحرب النفسية التى يستخدمها التنظيم بقوة لإضعاف الروح المعنوية فى صفوف القوات المسلحة التى تتصدى له، أو بث الذعر فى أوساط المدنيين فيخلون مساحات واسعة أو يدفعون ما يطلبه من «إتاوات» فى المناطق التى ينشط بها، أو يرهب السكان المحليين من التعاون مع السلطات الرسمية للدولة.