الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

محمد أبوداود: سعيد بتكريمى قبل وفاتى

أعطى الفنان القدير محمد أبوداود الكثير للمسرح المصرى من خلال أعماله المُهمة والمُتميزة كممثل ومخرج صاحب بصمة واضحة، لذلك أعلن المهرجان القومى للمسرح برئاسة الفنان محمد رياض فى دورته السادسة عشرة عن تكريمه، تقديرًا لمسيرته الفنية.



 فماذا يُمثل له هذا التكريم، وكيف استقبل الخبر، وسبب عمله بالإخراج المسرحى رغم أن عينه كانت على التمثيل، وهل عمل كمخرج مسرحى بالوراثة، وسبب ترشيحه لعبلة كامل لبطولة أول عروضه المسرحية، وكيف أقنع الراحل فؤاد المهندس بالعمل معه فى بداية عمله بالإخراج المسرحى، وماذا عن تجربته مع الزعيم عادل إمام، عن كل ذلك كان لمجلة «صباح الخير» هذا الحوار مع الفنان القدير محمد أبوداود.

• بداية كيف استقبلت خبر تكريمك بالدورة الـ 16 للمهرجان؟ وماذا يمثل لك هذا التكريم تحديدًا؟

- سعدت كثيرًا بتكريمى قبل أن أفارق الحياة، فأى فنان يسعد كثيًرا عندما يُكرم، خاصة إذا كان التكريم من مهرجان مثل المهرجان القومى للمسرح المصرى، فأنا فى الأصل ابن المسرح وقدمت أعمالًا كثيرة له كمخرج وممثل، وهذا التكريم يثبت أننى قدمت شيئًا ولو صغيرًا.

 

 

 

 

• صرحت بأن عينك منذ أن كنت طالبًا بالمعهد العالى للفنون المسرحية كانت على التمثيل ولكن تجربتك فى فرقة والدك دفعتك للإخراج المسرحى.. فهل أصبحت مُخرجًا بالوراثة؟

- عملت فى فرقة والدى وكانت فرقة هواة ثم محترفين، ولكنى عملت كل شىء بها، فقد عملت فى الإدارة ومثّلت فى بعض العروض، وعملت كمساعد مخرج، فأنا عاشق للمسرح لذلك بدأت الذهاب إليه منذ أن كان عمرى 9 سنوات، ولكننى مثل أى شاب عينه كانت على التمثيل وليس الإخراج، وعندما التحقت بالعالى للفنون المسرحية عملت بالتمثيل والإخراج أيضًا وجمعت بين الاثنين. وفى عام 1997 لمع اسمى كمساعد مخرج، وجاءت فرصة عمرى وضاعت بالوقت ذاته وحزنت كثيرًا حينها، فقررت التركيز فى الإخراج فقط، وبدأت العمل فى عام 1983 كمخرج وأخرجت أول أعمالى، وقدمت للمسرح 20 عرضًا مسرحيًا لكبار نجوم التمثيل والكتّاب، فاتجاهى للإخراج ليس بسبب والدى أو فرقته، فأنا من جعلت والدى يعود مرة أخرى للتمثيل من خلال عرض «عفريت لكل مواطن».

• دائمًا ما يلجأ المخرجون الشباب فى بداياتهم الفنية لكبار النجوم كى يكبر اسمهم معهم، ولكنك فعلت العكس، فقد رشحت الفنانة عبلة كامل للظهور فى العرض المسرحى «عفريت لكل مواطن» وتكرر ذلك فى عروض كثيرة من إخراجك.. فما السبب؟

- كنت أسعى لعمل عرض «بمزاج» لتظهر فيه إمكانياتى الإخراجية، والجمهور والنقاد يعترفون بعد مشاهدة العرض بمولد مخرج جديد وموهوب وفريد، لذلك لم أهتم باللجوء لأسماء نجوم كبار بقدر اهتمامى باللجوء لمن يقدم الدور بشكل مختلف، وقد شاهدت عبلة فى عرض صغير بمسرح متجول، وعندما عرضتها على مديرى الأستاذ سيد راضى أخبرنى بأننى ما زلت فى بداياتى الفنية وأحتاج لنجوم يكبر اسمى معهم، ولكنى أصررت على وجودها وأخبرته بوجهة نظرى، ومن هنا انطلقت عبلة كامل.

• كانت لك تجربة مسرحية متميزة مع الفنان فؤاد المهندس وهى «مراتى تقريبًا» فكيف أقنعته بالعمل معك رغم أنه أخرج من قبل عروضًا له ومعه أيضًا كبار المخرجين فى هذا التوقيت؟

- عملت كمساعد مخرج مع الأستاذ سيد راضى وكان يُخرج العرض المسرحى «قسمتى» للفنان فؤاد المهندس، ومنذ اللحظة الأولى أحبنى الأستاذ فؤاد وآمن بى وبموهبتى، وكانت أمنية حياتى أن أُخرج له لأنه كان حالة فنية خاصة بالنسبة لى. و«مراتى تقريبًا» لم يكن العرض الأول فقد كانت هناك محاولة من قبلها بأكثر من عام ولكنها لم تتم، فقد حاولت منذ عام 1985 إلى أن أكرمنى الله ووفقت وأخرجت له فى عام 1991، فقد كانت لى طموحات مع الكبار.

• إذن عملك كمساعد مخرج ساهم فى هذا التعاون؟!

- عملى مع كبار المخرجين بدأ مع الأساتذة عبدالرحيم الزُرقانى وكمال ياسين وحمدى غيث وكرم مطاوع وسمير العصفورى مرورًا بالأستاذ سيد راضى وهو آخر مخرج عملت معه كمساعد له، وكل هؤلاء الأساتذة حفروا بداخلى أفكارًا ومبادئ إلى أن تكوّنت لى شخصية جعلتنى أميز جيدًا بين الموهوب والمدعى، وتكوّن بداخلى رصيد جيد صنع منى تركيبة وشخصية خاصة مستقلة. كما أن الإدارة عنصر مهم من عناصر المخرج الجيد وأداة من أدواته فى كيفية إدارة الأشخاص ذات الطبائع والثقافات المختلفة.

 

 

 

• قدمت ما يقرب من 25 عرضًا مسرحيًا وحققت من خلالها نجاحات كبيرة، فما سبب هجرك للإخراج المسرحى؟

- لم أهجر الإخراج أو أتركه، فقد قدمت آخر عرض مسرحى عام 2010، ثم حدثت ثورة يناير، والمسرح شبه توقف لأكثر من 10 سنوات، وفى التوقيت ذاته كنت قد بدأت أشارك فى أعمال فنية كممثل منذ عام 1998 وحتى 2000، وعملت مع الفنان عادل إمام فى العرض المسرحى «بودى جارد» لمدة 10 سنوات، مما جعلنى غير قادر على التواجد بالمسرح بالشكل المُعتاد، فكنت أقدم عرضًا مسرحيًا كل عام وعلى مدار السنوات العشر التى قُدمت فيها «بودى جارد» لم أستطع تقديم سوى عرضين، والمسرح بدأ يعود لقوته منذ عامين فقط ولكنه ليس بالقوة المعتادة له، فأنا لن أخرج إلا إذا وجدت العرض المناسب الذى ينال إعجابى ويكون أفضل مما قدمته من قبل، فقد تركت الإخراج بإرادتى «بمزاجى» ولم أتركه من أجل التمثيل، فكُنت أمثل وأخرج فى ذات الوقت، ونجاحى السابق فى الإخراج المسرحى يشكل عائقًا كبيرًا فى العودة مرة أخرى. كما أننى أرفض التنازل، خاصة أن التمثيل استفدت منه ماديًا وجماهيريًا، ولكى أعود للإخراج فسأضحى بهذه المكاسب المادية مقابل استمتاعى بتقديم عمل متميز.

• كيف أثرت تجربة «بودى جارد» على مشوارك الفنى؟ وما أضافته لك؟

- «بودى جارد» هى التى أبعدتنى عن الإخراج نظرًا لاستمرارها 10 سنوات، وفى بعض الأحيان أقول «رُب ضارة نافعة» فقد جعلتنى أركز فى التمثيل، فبعد عرضها المسرح شبه توقف، فاهتمامى بالتمثيل أصبح ميزة لى وجعلنى أعمل فى الوقت الصعب الذى أعقب ثورة 25 يناير، ولولاها لجلست بالمنزل دون عمل مثل الكثير من زملائى المتميزين، فهذه التجربة كانت ميزة وعيبًا فى الوقت ذاته، فقد جعلتنى أبتعد عن الإخراج، لكنها ساهمت فى نجومية اسمى كممثل.

• هل تقديم دور لمدة 10 سنوات متواصلة شكّل صعوبة بالنسبة لك؟

- الوقوف على خشبة المسرح فى حد ذاته صعب، فالفنان فور وقوفه على خشبة المسرح مهما كانت نجوميته يشعر برهبة كبيرة، فكنت أرى الأستاذ العظيم فؤاد المهندس يحرص على الطلوع على خشبة المسرح قبل رفع الستار بربع ساعة، ويسير خلف الستار وهو يقرأ القرآن، ثم يخبط لفتح الستار ويكون متوترًا حتى الدخلة الأولى، فمواجهة الجمهور ليست سهلة على الإطلاق فالمسرح فيه مواجهة يومية، وهذا يتطلب أن يكون الفنان يقظًا وذهنه حاضرًا وسريع البديهة ليعرف كيف يخرج من أى مأزق قد يتعرض له، وبخلاف ذلك لم يكن هناك أى صعوبة فى تقديمى لدور واحد على مدار 10 سنوات.

 

 

 

• هل ندمت على أعمال شاركت فيها أو رفضتها من قبل؟

- ندمت على أعمال رفضتها ولُمت نفسى كثيرًا وقتها، فقد رشحت لفيلم أمريكى وكنت مترددًا فى الموافقة على المشاركة فيه، ومخرجه كان متمسكاً بوجودى كثيرًا وتواصلوا معى أكثر من 5 مرات، وكان هذا أكثر عمل ندمت على رفض المشاركة فيه، وقدمه زميل آخر وحقق نجاحًا كبيرًا.

• هل تشاهد نفسك مع الجمهور أم ترفض خاصة أنك كثير النقد واللوم لذاتك؟

- آخر مرة شاهدت نفسى فيها على المونيتور كان فى «ابن حزم» مع الأستاذ الراحل حسام الدين مصطفى، وكنت سعيدًا بأدائى وشعرت أننى قدمت عملًا جيدًا، وبالفعل ردود الأفعال التى جاءتنى حول دورى فيه كانت جيدة، وبعد عرض المسلسل لم أر نفسى مرة أخرى، وأرى نفسى مع الجمهور أثناء عرض العمل، ثم أبدأ بتقييم أدائى. وفى بعض الأحيان كنت أستسهل بعض الأعمال فى الصغر، وتعلمت أنه لا يوجد شىء سهل، ويجب أن أبذل جهدًا كبيرًا فى أى دور أقدمه، فطيلة عمرى أحاسب نفسى حسابًا عسيرًا وأعاقبها، فلم أذهب لأى شخص كتب عنى نقدًا سلبيًا لأساله لِمَ كتبت ذلك عنى، لكن أقرؤه باهتمام شديد حتى أعرف إذا كان نقدًا موضوعيًا أم لا.

• كيف ترى الحالة التى يمُر بها المسرح فى الوقت الحالى؟

- أرى أن هناك عروضًا مسرحية جيدة، فالمسرح الكوميدى أعيد افتتاحه بعرض جيد وهو «طيب وأمير» ومدير المسرح الفنان الكوميدى ياسر الطوبجى تلميذ من تلاميذى، فأول مرة مثّل فيها كانت معى، فهو فنان جميل، كما أن هناك عرضًا يُعرض بالمسرح القومى وهو «سيدتى أنا» واستمتعت كثيرًا بمشاهدته.