الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
خدعوك وقالوا: سرك فى بير!

من بين السطور

خدعوك وقالوا: سرك فى بير!

عبارة نسمعها أو نرددها بين الحين والآخر، تتكون من ثلاث كلمات فقط وهى «سرك فى بير»، والمقصود بها عندما يكشف إنسان لآخر عن أسراره محذرًا من البوح بها أو الإفصاح عنها للناس أو فضح أسراره عند الناس، ثم تكتشف بعدها أنهم خدعوك فقالوا «سرك فى بير» ومالهوش قرار وهيهات بين الوعود البراقة الوهمية والحقيقة المزعجة التى تمتزج بالألم والحسرة والمرارة.



وكعادة المصريين عندما يقولون: «سرك فى بير» فلا تخاف أو تقلق من كلام الناس، لكن المفاجأة عندما ينكشف السر وينفضح الأمر ويتواصل الهمس والكلام مع شخص أنه من المفروض أمين على أسرارك، لكنه كان يستقطبك ويغريك بكلامه المعسول قائلاً: «فضفض وطلع اللى جوه قلبك» ويجرجرك حتى تستسلم له فى الكلام، ثم تفاجأ بخيانته لك ويفضحك فى كل مكان، لنخرج من هذه المواقف الموجعة بأن كل شىء انكشف وبان، فلا داعٍى أبدًا أن تبوح بأسرارك لكل من هب ودب أو لأى إنسان مهما كان، فخزائن أسرارك ملك خالص لك ولا يوجد مبرر أو داعٍ لأن تتكلم عن أسرارك الشخصية أو غيرها لأحد جملة أو تفصيلاً.

ولأن مثل هذه الأمور تجعلنا نخرج بدرس مفيد جدًا فلا يجوز أن تكون أسرارك مشاعًا للجميع، وأرفض تمامًا من يستميلك قائلاً: «سرك فى بير» ولا تجعل أحدًا يقول لك مثل هذا الكلام المعسول!

كما أن التجربة أو العشرة مع الناس تفضح كل شىء فلا بد أن نتعلم من الزمن الذى نعيشه أو نحياه، والطبيعى أن الشخص الذى يصون سرك ليس فى حاجة أن يقول لك هذا أو يعدك بعدم كشف المستور، فلا يوجد أحد فى الدنيا يستحق هذا أو أن يكون أمينًا على سرك كما تظن.

وهنا نتساءل: ماذا تفعل مع الذين وعدوك وقالوا: «سرك فى بير»، ثم خدعوك وأفصحوا عن أسرارك لكل الناس أو بمجرد أى خلاف دب بينكما.. فالحياة كما تعلمنا مواقف وأخلاقيات حتى لو كانت هناك خلافات أو خصام أو مقاطعة، فلا يوجد ما يستدعى أن تكشف نفسك لأحد ولا تعط خصوصياتك لأحد لا تثق فيه كنفسك.

والسر لا ينفع أن يتم سرده لأى إنسان مهما كان، فالبنى آدم بطبيعته غضوب، ومن الممكن فى أى لحظة أن يغضب أو ينفعل، وبالتالى يقوم بكشف أسرارك وعليك دائمًا أن تضع سرك داخل نفسك فقط، فالإنسان الأمين بات كالعملة النادرة، وقد يكون من الصعب أن تجده أو تعثر عليه.

وهنا سؤال: هل يوجد عندك إنسان تأتمنه على أسرارك؟ ثم تفاجأ بالإجابة بأن الكثيرين قالوا: لا يوجد.

فلا تميل أن تبوح بأسرارك إلى إنسان ويجب أن تتريث وتنتقى الإنسان الذى يستحق دون أن يفضحك أو يكشف سرك وإن كان من الصعب أن تفضفض أو تحكى لأحد «عمّال على بطال»، وبقدر الإمكان سيطر على نفسك، لكن هذا لا يمنع أن هناك الأمين منهم حتى لو كانوا قلة نادرة.

فلا ينفع الإنسان أن يظل كاتمًا لأسراره مهما كان حتى لا ينفجر فى لحظة ما، فلا تنسوا قصة شمشون الجبار ودليلة التى كشف لها عن سر قوته، ورغم أنه كان يحبها، لكنها خدعته وخانته وكشفت عن سره وأضاعته.

فالذى تربى على الأمانة يكون أمينًا فى كل شىء والعكس صحيح، فيجب أن تكون أمينًا على بيتك أو كذلك مع زوجتك وأولادك أو أصدقائك فالأمانة لا تتجزأ طالما استأمنك أحد عليها.