الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
ساعدوا النيل

ساعدوا النيل

عندما يشعر المواطن بأنه يعاصر حكومة تعمل من أجل تنمية البلاد، ويلمس ذلك فى المشروعات والطرق وتجديد البنية التحتية وتوسيع المساحات القابلة للزراعة وتعمير المناطق التى ظلت لقرون غير مأهولة، حتى لو كان يعانى حاليًا من الأزمة الاقتصادية، فإنه لا بد أن يحلم بأن تقف بلاده على قدميها بثبات، وأن يمنح أحلامه مداها. 



وبين أحلامى الشخصية أن تغدو مصر الوجهة الأولى سياحيًا فى العالم، وهو ليس مجرد حلم؛ بل فى الحقيقة ينبغى أن يكون هدفًا يسعى له الجميع حكومةً وشعبًا. فلدينا أقدم وأهم معالم تاريخية فى العالم، ولدينا تنوع مدهش فى البيئات السياحية، كما تمتلك مصر مدنًا ساحلية تتنوع طبيعة كل منها، وشواطئ تتسم بالجمال، كما تتيح فرصة ممارسة الرياضات المائية والبحرية، وألوان مختلفة من الأنشطة التى تجذب السياح، إضافة إلى المناطق الصحراوية الساحرة، والمناطق الجبلية، إلى آخر ما تفيض به مصر من مواقع وبيئات سياحية. 

لكن هذا حلم لا يمكن أن يتحقق من دون بنية إدارة سياحية ثورية وجديدة، لا تقوم فقط على جهود الدعاية والتسويق، بل ينبغى أن تتكامل معها ثورة «ثقافية» لدى العاملين فى مجال السياحة بجميع فئاتهم؛ إدارة، وتسويق وخدمات، وبلا استثناء، بمعنى أن أى شخص يعمل فى مجال السياحة والفندقة والخدمات الترفيهية المصاحبة لا بد أن يكون مؤهلًا تأهيلًا عالى المستوى، مهنيًا وأخلاقيًا وثقافيًا، لأن كل فرد، فى الحقيقة، يمثل ويعكس وجهًا من وجوه مصر أمام العالم، وأى افتقاد لهذه العناصر يمكن أن تخسر مصر بسببه الكثير على مستوى سمعتها فى مجال السياحة. 

فى أرجاء أوروبا لا يمكن أن يشعر السائح بأنه «هدف» للاستغلال أو الابتزاز، فالأسعار واضحة ومعروضة بشفافية وغالبًا عن طريق الوسائط الإلكترونية، وغير مبالغ فيها، فهذا أحد شروط التنافس فى قطاع السياحة فى العالم، ولا يمكن أن يرى رجال أمن يحيطون به فى كل موقع سياحى يشعرونه بأنه فى مواقع أمنية وليس فى زيارة سياحية للترفيه، وهذا لا يعنى عدم تواجد أفراد الأمن، بل عملهم بشكل دقيق لتأمين الأماكن السياحية، ولكن باستخدام وسائل حديثة مثل الكاميرات وأجهزة الكشف الأمنى. 

أسمع من أصدقاء عرب مهتمين بمجال السياحة، عن معاناتهم فى اتفاقاتهم مع شركات سياحة مصرية بسبب ثقافة ترى فى السائح «فرصة» يجب استغلالها بأى وسيلة حتى لو أدى ذلك لعدم عودة السائح مرة أخرى. أى على طريقة «انتش واجرى»، وهى ثقافة كفيلة بتدمير أى نشاط اقتصادى وليس السياحة فقط، وإن كانت خطورتها فى السياحة لا تقارن بأى مجال آخر.

وظنى أن الشارع المصرى أيضًا مطالب بأن يكون جزءًا من أدوات السياحة فى مصر، بأن يمنح الفرد أو المواطن لنفسه الفرصة فى التفكير فى الكيفية التى يريد بها أن يزور أى وجهة سياحية. أن يتمثل نفسه سائحًا لا يحب ولا يجب أن يشعر بمضايقات أو تحرش، أو أن حريته فى الحركة مقيدة، أو بمحاولات الاستغلال من قبل مقدمى الخدمات السياحية وبينهم أيضًا سائقو سيارات الأجرة مثلا. 

اعتدنا أن نردد «من يشرب من مياه النيل يعود إليها مرة أخرى»، وهى مقولة من مقولات التراث الشعبى، لكنها تعبر فى جوهرها عن جمال مصر التى تدعو زوارها لتكرار الزيارة مرات ومرات، وتشير إلى كرم مصر، وارتباطها بالنيل الذى يعد مصدر الحياة والخير. 

هذا المثل ينبغى أن يصبح شعارًا لجميع العاملين فى مجال السياحة ولمقدمى أى خدمة فى هذا المجال من قريب أو بعيد، أو حتى من المارة الذين إن رأوا السياح ساعدوهم إذا احتاجوا للمساعدة، ورحبوا بهم كعادة المصريين.

مصر هبة النيل، والنيل واحد من أسباب غواية زوار مصر وضيوفها للعودة إليها مجددًا، وعلى المصريين أن يعاونوا النيل فى مهمته الجليلة.