الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«مستريح إلكترونى».. والاسم «تسويق شبكى»!

انتشرت فى الأشهر الأخيرة طرق نصب مبتكرة، أو «مستريح» جديد، فى صورة تطبيقات إلكترونية أوقعت مئات الآلاف فى شراكها ونهبت أموالهم بزعم توظيفها، وكذلك تطبيقات لمنح قروض فورية تعمل على اختراق أجهزة المستخدمين وابتزازهم بأكثر من طريقة أشهرها الآن ما يسمى بـ «التسويق الشبكى».



 

الخسائر العالمية نتيجة الاحتيال على الإنترنت قدرت فى 2014 بحوالى 30 مليار دولار، وتشير الإحصاءات إلى أن حجم الاحتيال فى العالم تخطى 6 تريليونات دولار عام 2021.

وبحسب إحصائية لشركة «سايبر سيكيوريتى فينتشرز الأمريكية»، فإن الخسائر نتيجة عمليات الاحتيال عام 2022 تجاوزت 8 تريليونات دولار فى أنحاء العالم. وحذّرت دراسات حديثة لشركة جارتنر للاستشارات من ارتفاع تكلفة الجرائم الإلكترونية لأكثر من 10.5 تريليون دولار.

 

 

 

بيع الوهم

فى مصر عادت شركات توظيف الأموال، ولكن هذه المرة إلكترونيا.. ووقع مئات الآلاف خصوصا الشباب، فريسة لشبكات النصب والاحتيال الإلكترونى بفخ التسويق الشبكى.

مؤخرا انتشرت حملات الترويج لتطبيقات جمع الأموال تعمل بنظام «الجمعية الإلكترونية» ويصل العائد منها لمليون جنيه، مما جذب آلاف المودعين لتطبيق «مانى ماستر» الذى توقف بشكل مفاجئ.

وعبر السوشيال ميديا، قامت منصة «هوج بول» بالنصب على نحو 600 ألف مواطن والاستيلاء على أكثر من 6 مليارات جنيه، عن طريق 9 آلاف محفظة إلكترونية.

المنصة ظهرت فى أغسطس 2022 تحت مسمى «هوج بول» للاستثمار، وكان لها موقع إلكترونى وتطبيق على سوق بلاى مصر.

كان عليهم أن يقنعو آلاف المستخدمين بدورهم آخرين للاشتراك لزيادة أرباحهم، بينما انهالت المنشورات التى توضح المكاسب وصور الحفلات، مع زعم العمل بشكل رسمى.

بعدها تم القبض على 29 بينهم 13 بجنسيات أجنبية، أوهموا الضحايا باستثمار أموالهم عن طريق شراء آلات رقمية لتعدين العملات المشفرة مثل «البيتكوين» ووعدوهم بأرباح 4 دولارات يوميا مقابل كل 1000 جنيه، ووصل ما وضعه بعضهم داخل التطبيق لأكثر من 12 ألف دولار.

فى البداية سددت المنصة الأرباح للمستخدمين لتحظى بشهرة واسعة وسريعة، والترويج على مواقع التواصل الاجتماعى.

ودفع المحتالون مبالغ مالية إلى البلوجرز والأشخاص الذين لديهم عدد كبير من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعى وكل من يروج للموقع الإلكترونى الخاص.

ومن خلال اجتماعات يومية عبر الواتساب عرضت المنصة أوراق الشركة وخططها المستقبلية بعروض استثمارية جديدة.

 

 

 

وفى نهاية كل اجتماع كانوا يحددون موعدا للاحتفال لكل قائد فريق مميز لتنظيم.. على أن يحضر قائد الفريق بفندق أو قاعة احتفالات، ويقابل أعضاء فريقه المسجلين تحته، ويلقی كلمته، ويوزع مبالغ مالية وهدايا، ويلتقطون الصور حاملين شعار «هوج بول» وهم يتناولون وجبات الطعام.

توالت العروض القوية قبل إغلاق الموقع، وكانت بداية النهاية عندما أعلن التطبيق عرضا خاصا لشراء صندوقين بقيمة 200 أو 400 دولار، مقابل الحصول على ربح يعادل 5 أضعاف المبلغ المدفوع خلال 5 أيام. توقف التطبيق والموقع، وفقد المستخدمون القدرة على الوصول إليها.

منتصف أكتوبر عام 2021 ظهر تطبيق «الرمال البيضاء»، وروج البعض للتطبيق عبر مجموعة من فيديوهات تشرح كيفية الربح من الإنترنت، ترتكز على طريقتين، الأولى نظام الشجرة العمودى يحصل فيها المستخدم على 15 ٪ من قيمة اشتراك كل عضو جديد، بالإضافة إلى 5 ٪ من قيمة اشتراك المشتركين الباقين، والثانية عبر إتمام المهمات اليومية.

الشرط الأول بسداد 30 ألف جنيه، والتأكيد للمشركين الجدد أنه سيتم الحصول على أرباح أكثر بكثير من خلال متابعة أشخاص ومشاهدة فيديوهات عبر موقعى فيسبوك ويوتيوب.

وخلال شهرين تمكن التطبيق من ضم 6 ملايين مشترك، بقيمة 3 إلى 5 مليارات جنيه.

ومع بداية عام 2022، توقف سحب الأرباح فى الموقع، وتحويل الأموال إلى عملات رقمية مشفرة وأغلق التطبيق.

 

 

 

ابتزاز وتهديدات

فى سياق متصل؛ وقع آلاف المصريين ضحية لمافيا تطبيقات القروض الفورية، التى يتم الترويج بإعلانات مكثفة على مواقع التواصل بأسماء مختلفة (مونى لوتس، واى واى كاش، كاش بيبى، كاش آب، كاش ماما، و»لاكي»...)، تزعم منح قروض فورية تصل إلى 100 ألف جنيه.

يقوم المستخدم بتحميل التطبيق على هاتفه وإدخال بياناته الشخصية ومنحه أذونات الوصول إلى قائمة الاتصال والصور، ليعطيه قرضا ويطالبه بالسداد خلال أيام حتى يمنحه قرضا بقيمة أكبر.

عقوبة «النصب الإلكترونى» هى الحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وبغرامة لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تتجاوز 50 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وقال الخبير الاقتصادى د. سرحان سليمان، إن المنصات الوهمية تؤثر على الاقتصاد الوطنى وتُفقد الثقة فى الاستثمار، وتهدد الأمن القومى، وعلى الجميع التعامل بحذر مع منصات التواصل الاجتماعى، وخاصة فى التعاملات المالية بعدم وضع الأموال مع أشخاص يتحدثون عن فوائد مالية ضخمة، والتعامل مع المواقع المعروفة فى مجال التجارة الإلكترونية.

وأضاف «سليمان» أنه رغم تحذيرات العديد من البنوك المركزية على مستوى العالم، من التعاملات المالية المشفرة، والعملات الالكترونية الجديدة ينتشر التعامل بها على مواقع ومجموعات التواصل الاجتماعى، ويوجد أكثر من 6700 عملة رقمية يتم تداولها.

يضيف: «أعتبر الضحية شريكًا فى جريمة، تتمثل فى التحايل على المنظومة النقدية الرسمية وما يرتبط بها من قوانين مكافحة غسل الأموال». 

 

بلغ عدد الضحايا 600 ألف
بلغ عدد الضحايا 600 ألف

 

وتجرم مصر «إصدار العملات المشفرة أو الاتجار فيها أو الترويج لها أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها».

غياب الوعى

من جانبه، قال اللواء محمد عبدالواحد، خبير الأمن القومى وأمن المعلومات، أن تلك التطبيقات تستغل غياب الوعى الإلكترونى والأمية الرقمية لمستخدم الانترنت وأطماع البعض فى تحقيق مكاسب مادية سريعة ودون جهد. 

ويضيف: «مواقع المحتالين تظهر فى الصدارة على محركات البحث، لأنهم يقومون بنشر إعلانات وشراء الظهور فى أولى الصفحات، بل وشراء إعلانات فى منصات التواصل الاجتماعية لعرض مواقعهم بعروض وهمية، وينشئون مواقع موقتة تنتحل صفة شركات عالمية، وتضع عروضًا كبيرة على المنتجات، وحال دخول المستخدم وتقديم طلب للشراء يتم الاستيلاء على معلومات بطاقته البنكية وسرقة أمواله.

وأضاف «عبدالواحد»: «من ناحية أخرى، قد يصل للبريد الإلكترونى رسائل تتضمن روابط مسابقات أو جوائز مغرية، أو يتم إرسال بريد إلكترونى مزور يبدو كأنه من صديق أو جهة رسمية وهى عملية تصيد إلكترونى، إذ يطلب البريد معلومات حساسة».

يضيف: كثيرا ما يؤدى تثبيت تطبيقات مهكرة، والضغط على روابط معينة لاختراق البيانات الشخصية كالصور والملفات، وكذا سرقة بعض المعطيات مثل كلمات المرور وأرقام البطاقات البنكية. 

وأحيانا يتم انتحال صفة صديق على الإنترنت بنفس الاسم والصورة الشخصية، لطلب خدمة ما، كالحصول على شحنة للهاتف أو معلومات شخصية.

يضيف: يرسل النصابون عددًا كبيرًا من طلبات الصداقات العشوائية من حسابات مختلفة، وفى كثير من الأحيان تحمل أسماء فتيات.