السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
كيف نجح الإنجليز  فى ضبط النسل؟!

كيف نجح الإنجليز فى ضبط النسل؟!

التعليم مفتاح النجاح فى ضبط النسل، وعدم السقوط فى مأساة الزيادة الرهيبة فى عدد السكان.. هذا ما توصلت إليه دراسة حديثة أنجزها علماء جامعة أوكسفورد.



والحقيقة هى أن المجتمع البريطانى على الرغم من مشاكله وعيوبه، والخلل الذى أصاب مؤسسة الزواج ونظام العائلة، فإنه كما تكشف هذه الدراسة المهمة، نجح فى الحفاظ على معدل مواليد يليق بمجتمع متقدم ويساعد على مزيد من التقدم، ولا يعانى ما تعانيه مجتمعات أخرى من الزيادة المفرطة فى المواليد التى تعوق تقدمها وازدهارها.

تكشف الدراسة التى قام بها فريق من الباحثين والعلماء فى «مركز ليفرهولم» للعلوم الديموغرافية بقيادة البروفيسور «جون ارميش» أن تعداد المواليد قد انخفض بنسبة ملحوظة لدى النساء المتعلمات اللاتى أنجبتهن عائلات متعلمة. 

بناء على بيانات هيئة الإحصاء البريطانية تبين أنه بين سنة 2010 وحتى 2020 كان هناك عدد أقل من حالات الإنجاب بين النساء المتعلمات وأن عملية الإنجاب نفسها تتم فى مرحلة متأخرة لديهن. فالنساء اللاتى حصلن على مستوى تعليمى أفضل يملن بدرجة ملحوظة إلى تأخير عملية إنجاب أطفالهن، وأيضًا يفضلن عددًا أقل من الأبناء والبنات.

 

ريشة: أحمد جعيصة
ريشة: أحمد جعيصة

 

وهذا عكس ما كان يحدث عادة بين غير المتعلمات أو الأقل تعليمًا، لكن الدراسة رصدت أن هناك اتجاهًا عامًا نحو تقليل عدد المواليد لدى كلتا المجموعتين، ربما بتأثير المتعلمات، وربما نتيجة مصاعب وزيادة تكلفة الحياة فى الوقت الراهن.

فمعدل مواليد النساء فى مجموعة «المتعلمات تعليمًا عاليًا بنات عائلات متعلمة تعليمًا عاليًا» هبط إلى ما نسبته 1.8مولود إلى 1.4 لكل منهن خلال السنوات العشر (بين 2010 و2020).

أما غير المتعلمات فإنهن ينجبن عادة فى سن مبكرة، لكن لوحظ أنهن أيضًا اتجهن إلى تقليل عدد المواليد، مع زيادة فى الاتجاه نحو تأخير الإنجاب.

ويقول القائمون بالدراسة أنهم وجدوا انخفاضًا مثيرًا فى معدلات المواليد لدى كلتا المجموعتين.

وكان الانخفاض الأكبر فى عدد المواليد بين النساء الأقل تعليمًا المنتميات إلى والدين أقل تعليمًا، حيث هبط عدد مواليد المرأة فى هذه المجموعة من أكثر من طفلين وذلك خلال السنوات من 2010 إلى 2012 إلى أقل من طفلين، فى السنوات من 2017 إلى 2020. 

كل النساء يؤخرن الإنجاب!

ويقول بروفيسور «أرميش»:

لقد أثبتت دراسات سابقة أن التعليم عامل مهم جدًا فى مسألة الإنجاب لدى المرأة بصفة خاصة، وبينما قامت دراسات سابقة بفحص مختلف للأمر فإن دراستنا هذه هى أول بحث يجمع بين فحص مستوى تعليم الأم وأيضًا مستوى تعليم والديها، وأثر ذلك على الموقف من الإنجاب من حيث التوقيت وأيضًا من جهة العدد. والآن كل النساء يؤخرن وقت الإنجاب ويضبطن عدد مواليدهن، ولم يكن هذا يحدث فى عقود سابقة، وهذا ما كشفته دراستنا.

وتقول الدراسة أن النساء المتطلعات إلى مستقبل مهنى أفضل يملن إلى تأجيل الإنجاب وتحديد عدد مواليدهن، بدرجة أكبر بكثير من غيرهن ممن لا يتطلعن إلى أى تقدم مهنى.

فالنساء الأقل تعليمًا والمنتميات إلى عائلات أقل تعليمًا يكن عادة أصغر سنًا عندما ينجبن الأطفال، لكن الدراسة تبين أن الاتجاه إلى تأجيل الإنجاب وخفض عدد المواليد أصبح سائدًا الآن بين مختلف المجموعات المتعلمة وغير المتعلمة من نساء بريطانيا.

وهو نجاح يعنى أن هناك وعيًا عامًا قد تولد تجاه مفهوم الأسرة والإنجاب والتقدم المهنى للمرأة والحرص على توفير ظروف حياة أفضل لكل أفراد الأسرة، وللمجتمع ككل.. نجاح كبير إنسانيًا واجتماعيًا واقتصاديًا.  وما لم تشر إليه الدراسة، فلم تكن فى حاجة إلى الإشارة، هو أن هذا التطور الاجتماعى حدث بشكل تلقائى وطبيعى، ودون حملات توعية وتدخلات من جهات وأطراف مختلفة ودون قرارات من الحكومة أو قوانين من البرلمان أو حملات من وسائل الإعلام والصحافة، وحتى دون تدخل من رجال الدين أو رجال السياسة.. فالوعى الاجتماعى يحدث مع انتشار التعليم وتوفيره وتسهيله للجميع خاصة للنساء.. أمهات المستقبل.