الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

.. فى وداع الضلع الثالث للأصدقاء

هادئ الملامح والصوت، دمث الخلق شديد التميز، ترى النجم الراحل علاء عبدالخالق فلا تخطئه عينك، ولا ذاكرتك، تستعيد بمجرد سماع صوته الكثير من الذكريات التى نشأت عليها فى فترة الثمانينيات والتسعينيات، ومع رحيله يوم 4 يوليو الجارى، ضجت المواقع والعناوين باسمه، وأصبح عنوانها مليئًا بذكريات جيل كامل وضع عليها عبدالخالق بصمته.



 تستعيد معكم مجلة «صباح الخير» عددًا من أبرز المحطات التى شهدها مشوار علاء عبدالخالق الفنى.. من المعهد للأصدقاء

 درس علاء عبدالخالق فى معهد الموسيقى العربية، وتخصص فى عزف الناى، ولا عجب أن صوته كان يحمل نغمة هادئة ومميزة تمامًا كصوت آلته الموسيقية، وهناك تعرف على النجمتين منى عبدالغنى وحنان، اللتين أصبحتا ضمن أصدقائه المقربين.

 

 

 

وبدأ فى البحث عن فرصة حقيقية لبدء مشواره الفنى، وصادف بحثه نفس توقيت بحث الموسيقار العبقرى عمّار الشريعى عن أصوات ليؤسس بها فرقة موسيقية، أُطلق عليها فيما بعد «الأصدقاء»، والتقى الشريعى بعبدالخالق ليستقر على صوته إلى جانب مطرب آخر هو نجل شقيق الشيخ سيد النقشبندى.

«أنا تعبت من البحث شوف لى أنت بقى مطربين يشاركوا فى الغناء فى الفرقة».. هكذا طلب عمار الشريعى من علاء عبدالخالق ترشيح أصوات جديدة تشاركه فى فرقة الأصدقاء، ليقوم عبدالخالق بتقديم حنان ومنى عبدالغنى زميلتيه فى المعهد إلى الشريعى الذى وافق على الفور وضمهما، ثم استبعد المطرب الآخر لتقام الفرقة على أكتاف زملاء المعهد الثلاثة.

كان عمار الشريعى يلقب علاء عبدالخالق بـ «ديك البرابر» فبعد وجوده منفردًا وسط نجمتين فى الفرقة، رأى الموسيقار خفيف الظل بحسب ما كان يصفه المطرب الراحل، أن هذا اللقب هو الأنسب له، لتنطلق فرقة «الأصدقاء» بقيادة عمار الشريعى إلى النجاح، خاصة بعد طرح أغنية «الحدود» عام 1980 وهو نفس عام تأسيس الفرقة، وتخطى نجاحها التوقعات.

العزف المنفرد 

لم تستمر فرقة الأصدقاء طويلا، سنوات قليلة ثم انحلت الفرقة الثلاثية بعد أن حقق أصحابها شهرة جيّدة، لينطلق كل منهم فى رحلته المنفردة بحثًا عن النجاح فى مكان آخر.

«كنت فاكر الشركات هتخطفنى، وروحت شركة كاسيت شهيرة وقدمت لهم نفسى، لكن اعتذروا لى وقالوا لى مفيش مكان فاضى على الخريطة دلوقت فمحدش خطفنى ولا حاجة، وبعدين روحت مرة تانية واتفقنا وقابلت هناك حميد الشاعرى».. هذا ما جاء فى تصريح خاص على لسان علاء عبدالخالق لبرنامج «بوضوح» مع الإعلامى عمرو الليثى.

لم يطل بحث علاء عبدالخالق عن فرصة، صاحب الصوت المحبوب فى ذلك الوقت، التقى بصديق عمره الفنان حميد الشاعرى، لتبدأ رحلتهما معًا، باختصار كان كلاهما «وش السعد» على الآخر، بدأ الشاعرى فى التلحين والتوزيع لمطرب آخر لأول مرة مع عبدالخالق، وأطلقا أول ألبوم خاص به وهو مرسال عام 1985.

 توالت الألبومات والأغنيات التى حفرت فى ذاكرة جيل الثمانينيات والتسعينيات، فضلا عن الدويتوهات التى شاركها مع حميد الشاعرى وفريق المزداوية الذى كوّنه حميد الشاعرى نفسه مع ناصر المزداوى والذى لم يدم طويلا أيضًا، وفى عام 1987 أطلق ألبوم «وياكى» وبعد عامين طرح ألبوم «علشانك» ثم توالت الألبومات سنويًا حتى الألبوم الأشهر «طيارة ورق» عام 1997، تبعه بألبوم «الحلم» ثم «الليلة» ليكون آخر ألبوماته «عين بعين» عام 2002.

انقطاع فنى

ابتعد علاء عبدالخالق عن الساحة الفنية مطلع الألفينيات بعد ألبوم «عين بعين»، واستمر انقطاعه عن طرح الأعمال الغنائية مدة ست سنوات كاملة، ومع بدء انتشار الإنترنت فى مصر والوطن العربى طرح نجم التسعينيات الشهير ألبوم «حب مش عادى» عبر موقع يوتيوب، لم يلاقِ الدعاية اللازمة أو يحقق النجاح المطلوب، ولكن علاء عبدالخالق ظل محتفظا بصوته المميز وبمجرد طرح أغنية «لولا الهوى» مع الفنان تامر حسنى، عادت صورته للأذهان وطالبه الجمهور بالمزيد.

انسحاب شديد الأناقة

 غاب علاء عبدالخالق عن المشهد الفنى، غيابًا أنيقًا، لم يسمع الجمهور من قبل أنه قد دخل فى خلاف مع أحد، أو شارك أحد زملائه موقفًا سلبيًا واحدًا عنه، بل فى هدوء شديد ابتعد ليحتفظ جمهوره بالصورة التى يعرفها عنه بعد إصابته بأحد الأمراض العصبية.

المرض العصبى الذى أصاب علاء عبدالخالق ضربه فى العصب البصرى ليصاب بضعف شديد فى النظر، ولعل هذا هو أحد أسباب ظهوره دائمًا بنظارة شمسية خلال فترات ظهوره الأخيرة، فضلا عن إصابته بضعف فى الأحبال الصوتية مما أبعده مجبرًا عن الغناء وعزف الناى.

«كان راجل بيتوتى بيحب بيته وأسرته، ولما تعب قفل على نفسه شوية، لأنه عايز الناس تشوفه زى ما هو فى صورته قبل المرض».. بهذه الكلمات نعت الفنانة منى عبدالغنى صديقها الراحل، مؤكدة ما كان يشعر به الجمهور تجاهه من وفاء وهدوء وحرص على صورته كفنان قريب من قلوب الناس.

 

 

 

لماذا أحبه الجمهور؟

ربما لا تسعنا الكلمات هنا لتحليل أسباب محبة الجمهور لعلاء عبدالخالق، ولكن الخطوط العريضة والأساسية لهذه المحبة كانت متعلقة -بجانب الموهبة والقبول- إلى الإنسانية التى كانت تفوح من صوته، كان صوته المميز طيبًا هادئًا، يصاحب جمهوره فى الحزن مثل صديق وفى يود التخفيف عن صاحبه، لم يكن يميل لنشر الحزن والكآبة بقدر المواساة والمحبة.

 على الصعيد الشخصى عاش علاء عبدالخالق بدون مؤامرات، صاحب الجميع بمن فيهم زملاؤه ومحبوه، لم يختلف مع مطرب على الساحة، كان يفعل فقط ما يحبه وما ينتظره منه جمهوره، ربما كانت هذه الأسباب الأهم للمحبة التى حفرها نجم جيل الثمانينيات والتسعينيات فى قلوب جمهوره الذى حزن لرحيله كحزنه لرحيل فرد عزيز من دائرة المقربين.

وداعًا علاء عبدالخالق، صاحب الموهبة الراقية التى لم تشبه أحدًا ولم تتصادم مع أى شخص، وداعًا يا صاحب «الطيارة الورق» التى طرنا معها لفوق، قبل أن تتركنا محلقين فى سماء أغنياتك وترحل وحيدًا.