الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«مرسال» التسعينيات فى زمن السوشيال ميديا

ريشة: خضر حسن
ريشة: خضر حسن

لم يدرك علاء عبدالخالق وهو يشدو حبًا فى المزيكا والجمهور والوطن والحبيبة بـ «بحب بكل براءة وجراءة وخوف...» أنه سيصبح صوتًا ذهبيًا لا يصدأ بمرور الزمن، محملاً بالحنين لجيله؛ باحثين عنه قديمًا فى شرائط «الكاسيت»، متصدرين «تريند» السوشيال ميديا مؤكدين فى وداعه «بنحبك باستمرار.. لآخر الأمر».



التسعينيات VS الألفينيات

 يرى الشاعر عادل سلامة أن «شركة الإنتاج» أهم أسباب تميز هذا العصر الموسيقى؛ فى مرحلتى «الكاسيت» و«السى دى»، عكس الآن, حيث أغلب المطربين يتحملون مسئولية الإنتاج، كذلك قدرة «الأغنية الهيد» فى نجاح الألبوم الذى تغير بسيطرة الأغنية السينجل.

يوضح «سلامة» خلال حديثه لمجلة صباح الخير: «الهيد تؤدى لنجاح الألبوم تجاريًا كما هو الآن نطلق عليه أغنية (التريند) بالسوشيال ميديا، بينما بقية أغانى الألبوم تتيح مساحة لمشروع الفنان بتنوع أشكاله، منافسة أكبر عكس الآن معظم الأغانى متجهة للإيقاع الراقص أو المفردات الجامدة كغدر الصحاب وما شبه».

يتفق الناقد مصطفى حمدى أن أكثر مميزات زمنه الفنى، وجود وسيط وأدوات تحكم عملية صناعة الأغنية نفسها، وهذا ما أنتج أعمالًا حقيقية «لا زالت عايشة»، عكس ما قيل إنها «أغان خفيفة موضة»، والدليل حزن الكثيرين على رحيل علاء عبدالخالق وعلى رأسهم جيله الذى يشعر كأنه فقد جزءًا من هويته.

يضيف الناقد الموسيقى ضمن حديثه لمجلة «صباح الخير»: «الانتقادات قديمًا لاحقت المطربين (أى حد بيغنى)، لكن التجربة والزمن أثبتا العكس، والنجاح بشرط مروره بعدة خطوات؛ شركة ترعاه فنيًا، وملحنين وشعراء وموزعين يتبنوه».

يوضح مصطفى حمدى أن هناك فترة تغير حدثت بالمزيكا، نتيجة رحيل فنانين كبار أمثال عبدالحليم حافظ، وأم كلثوم، وجيل رموز الغناء، بدأت من أواخر السبعينيات وتطورت لـ «موسيقى الجيل»، الشكل الموسيقى الذى قاده حميد الشاعرى فى أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات.

 

 

 

يتابع واصفًا: «بالتأكيد كان يميزه استخدام وسيط (الكاسيت)، وترويجه وتداوله للأغانى، ومبيعاتها أثر اقتصاديًا بشكل إيجابى فى صناعة الكاسيت والمزيكا، ليست مدخلاتها كما الحال الآن بواسطة السوشيال ميديا».

 ويتفق الملحن أحمد حمدى رؤوف مع هذا التحليل، ويرى أن «الذوق الفنى» كان أهم عنصر جاذب لأطراف الصناعة، عكس عصر الديجتال، حيث يدفع المنتجين لتقديم نماذج فنية تحاكى نجاحات أخرى.

ويقول فى حديثه لمجلة «صباح الخير»: «الاعتماد على نسب المشاهدات كمؤشر لنجاح الأغنية بخلاف زمان كان المقياس فى ثراء الأصوات وتنوعها مع المنتجين مما أتاح أغانى (مقسوم)، و(سلو)، و(هاوس تكنو)، كذلك ظهور أصوات كعلاء عبدالخالق المتميز جدًا فى خامة صوته».

ذائقة الجمهور

التوجه الاستهلاكى لأغانى التسعينيات قصده الجمهور والمطربون مؤخرًا للتجديد، لكنه أثار الجدل بين القبول والرفض؛ منها اختيار الفنانين هانى عادل والدقاق لإحياء حفل أكوستيك تحت مظلة فرقة «H.O.H» مغنين بأشعار صلاح جاهين. كذلك تجربة عمرو مصطفى مع الذكاء الاصطناعى وصوت أم كلثوم، التى يراها «حمدى» تجربة «غير إبداعية» ومحاولة منه للعودة للساحة بعد إصابة أعماله بالاضطراب.

يعلق مصطفى حمدى: «أنغام ما قبل السوشيال تعبوا فيها وصُنعت بإبداع، ويمتلك صنّاعها أفكار مشاريع موسيقية، كان هناك مساحة تجريب وقتذاك؛ محاولة لمواكبة تطور الموسيقى بالعالم، بخلاف ما تشهده من أزمة كبيرة مؤخرًا؛ فلا نمتلك شكلًا موسيقيًا جديدًا خارج (الراب) و(آر أند بى)». يضيف: «الراب أصبح قديمًا فى العالم كله، هناك عملية بحث مستمرة على أشكال موسيقية جديدة تجذب الجمهور، أثر على ذلك تدخل التكنولوجيا فى صناعة الموسيقى جعلها تعتمد على فكرة (الإيقاع) «Beat بدلاً من الميلودى واللحن».

 

 

 

صوت جيل

 بخلاف الترابط الذى نراه بين الفنانين قديمًا، عكس نزاعات السوشيال ميديا، وسببه تعاملهم كجيل يمتلك تجربة فنية، يرسخون وجوده بتوصيل صوته، بحسب وصف «حمدى».

كذلك الحال مع «عبدالخالق» الذى ذاع صيته مع الموسيقار عمار الشريعى، حينما شاركه فرقة «الأصدقاء» مع الفنانتين منى عبدالغنى وحنان، مقدمين عددًا من أهم الأغنيات منها «الحدود».

يقول مصطفى حمدى عن تأثير «الأصدقاء» المهم فى تجربة علاء عبدالخالق الغنائية؛ إذ تلقفتها أشهر شركات الإنتاج مثل «سونار» بعد نجاحها.

يضيف: «عمار الشريعى ذكى لم يستأثر بهم عكس المنتجين الجُدد، أتاح الفرصة لـ عبدالخالق تقديم مشروعه الغنائى الرومانسى والمختلف عن أغانيه الاجتماعية معهم؛ والتجديد مع صديقه حميد الشاعرى ثم الخروج من عباءته.. علاء مشروع هادئ يغنى لمزاجه المقتنع به بعيدًا عن النجومية والنزاعات».

كذلك يرى «سلامة» أن «شركات الإنتاج» تسببت فى قوة الصلة، ويصف: «نفس المنتج ماضى مع عدد من المطربين، الشركة نقطة الالتقاء؛ يتشاركون الذوق الموسيقي؛ الحال نفسه مثلاً مع تبادل الأغانى «كمغناوى» وغيرها بين علاء عبدالخالق ومحمد محيى».

 

 

 

يضيف: «هذا بجانب طرح شريط كوكتيل يجمع نجوم الشركة «الشرق» مثلاً. عكس الآن إنتاجات الفنانين منفردة سناجل بعيدة عن هذا النوع، حالة المقاربة نراها مؤخرًا بين «مجتمع» مطربى المهرجانات أكثر من مطربى أغنية البوب الكلاسيك».

فى السياق ذاته، يؤكد «رؤوف» الرؤية نفسها تجاه «عبدالخالق» والذى قصد تعاونه مع مختلف الشعراء والملحنين أبرزهم الراحل أحمد الحجار، ويصف ذكرياته معه قائلا: «كان لى حظ جميل فى لقائه بمنزل عمار الشريعى، وإدراك رؤيته تجاه تقديم ما يتفق معه وذوقه عدد كبير من الناس والسعى المتواصل فى التجديد لكل الأذواق.. وهذا هو الفن الحقيقى».