الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

ابتعد عن الأضواء.. ولم يغادر الذاكرة

أحيانًا لا يحتاج الفنان لكى يتذكره الجمهور أن يكون صاحب مسيرة ممتدة لسنوات طويلة، أو أعمال متجددة لا تنضب، أو لديه صوت رنان لا يضاهيه أحد، بل ربما يكفيه أن يرتبط بذاكرة حياتهم؛ بمراحل الصبا والشباب، وقصص الحب الأول وجماله، والحنين للماضى وذكرياته.



 

 

 

كل ذلك يفسر سبب كون بعض المطربين ليسوا كغيرهم، لدرجة أنهم أصبحوا جزءًا من حياة جمهورهم، لا يمكن الانفصال عنهم بقدر ما يمكن للإنسان الانفصال عن ماضيه وذكرياته، وخير مثال على ذلك حالة الحزن الجارف التى تزامنت مع إعلان رحيل الفنان علاء عبدالخالق، أحد أشهر مطربى الثمانينيات والتسعينيات، فهو لم يكن مجرد مطرب عادى، بل جزء من حياة جيل كامل ارتبط به كفنان، وتعلّق به وبصوته المميز وما يحتويه من شجن ورومانسية، وبأغنياته التى عاش قصص حب لا تُنسى على كلماتها. بداية قوية.. ثم اختفاء

انطلق علاء عبدالخالق بقوة منذ مطلع الثمانينيات مع فرقة «الأصدقاء» التى لاقت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، ثم انتقل بعدها للغناء المنفرد الذى حقق فيه نجاحًا كبيرًا أيضًا، خاصة أنه تزامن مع بدايات ثورة غنائية شبابية جديدة بقيادة نجم الجيل وقتها حميد الشاعرى، وقدما معًا أول ألبوم غنائى بعنوان «مرسال»، ثم توالت الأغنيات والألبومات لعلاء عبدالخالق، التى كان آخرها ألبوم «عين بعين» فى عام 2002، ثم ابتعد منذ ذلك الحين عن الساحة الغنائية، وسط دهشة الجميع، سواء من زملائه فى الوسط الفنى أو الجمهور.

ظل الجميع يبحث ويتساءل عن سر اختفاء علاء عبدالخالق دون الوصول إلى إجابة واضحة، وترددت أنباء عن اعتزاله لكنه نفاها بشكل عملى، حيث عاد فى 2007 وقدّم ألبومًا غنائيًا جديدًا من خلال اليوتيوب بعنوان «حب مش عادى»، إلا أنه ابتعد من جديد عن الساحة الغنائية.

جيل تامر حسني

بعد عدة سنوات، عاد علاء عبدالخالق من جديد بأغنية «رسمى نظمى عزمى» مع الفنان تامر حسنى، التى قال عنها فى لقاء تليفزيونى سابق إنه وافق على المشاركة فيها حتى يختلط بجمهور الجيل الجديد، فضلا عن صداقته بتامر حسنى التى جعلته لا يتردد فى قبول الأغنية.

كما قوبل «عبدالخالق» باحتفاء كبير فى أولى حفلاته الموسيقية بعد فترة اختفاء فى ساقية الصاوى، فبالرغم من مخاوفه الكبيرة قبل الحفل فإنه تغلّب عليها، قائلا فى لقاء تليفزيونى فى عام 2015: «كنت متخيل إن مفيش حد هيحضر، وكنت خايف، لكن الجمهور كان كبيرًا وفاجئونى بمحبتهم واهتمامهم.. كان أغلب الحضور من الجمهور اللى عاش قصص حب على أغنياتى زمان».

عبدالخالق الذى اعتبر نفسه من جيل المحظوظين، وأنه «أخذ حقه وزيادة»، لأنه عمل مع عمالقة مثل عمار الشريعى، وسيد حجاب، وعبدالرحمن الأبنودى، وعمر بطيشة، وأحمد منيب... وغيرهم، عاد للابتعاد من جديد عن الساحة الغنائية، فاستمرت حيرة الجمهور حول هذا الغياب المتكرر، والذى طال هذه المرة.

ظهور «إعلامى» نادر

خلال ما يقرب من 21 عامًا من الابتعاد عن الساحة الفنية، ظهر علاء عبدالخالق فى لقاءات تليفزيونية معدودة، أولها فى عام 2015 مع الإعلامى عمرو الليثى فى برنامجه «بوضوح»، حيث تحدث عن بداياته وأبرز المحطات فى حياته وسبب غيابه عن الساحة الفنية، وقّدم على الهواء عددًا من أغنياته.

وفى عام 2017 ظهر فى برنامج «صاحبة السعادة» مع الفنانة إسعاد يونس، بصحبة نجوم الغناء فى التسعينيات، حيث شاركه فى الحلقة حميد الشاعرى ومنى عبدالغنى وحنان، وتحدث خلال الحلقة عن ذكرياته مع فرقة «الأصدقاء»، وعن أسرته التى تتكون من زوجته وابنيه التوأم «ميار وحكم» وأحفاده الأربعة. كما أشار إلى صلة القرابة التى تجمعه برئيس النادى الأهلى محمود الخطيب، موضحًا أنه تجمعهما صلة نسب، فابنه متزوج من ابنة الخطيب.

 

 

 

سنوات المرض.. والغياب

برر علاء عبدالخالق غيابه عن الساحة الفنية لفترات طويلة بعزوف شركات الإنتاج، حيث تغير حال السوق، وصناعة الكاسيت انتهت، وتغيّر الوضع تمامًا، مضيفًا: «الإنتاج مش زى الأول، والنفوس مش زى الأول، حتى الناس اللى بتسمع مش زى زمان»، وبالتالى وجد نفسه غير منتمً لهذا الجيل الجديد.

 هذا بالإضافة للسبب الأهم والأقوى ألا وهو تدهور حالته الصحية عامًا تلو الآخر، فقد عانى من التهابات فى الأعصاب أدت إلى ضعف البصر وارتعاش الصوت، لذلك قرر الابتعاد تمامًا نظرًا لظروفه الصحية، والتى وضحت جليًا مع آخر ظهور له فى حفل زفاف ابنته فى مايو الماضى، فقد ظهر بصورة مؤثرة بعد اختفاء دام سنوات، حيث بدت عليه أعراض المرض، فكان جالسًا على كرسى ويحاول التصفيق بصعوبة، وشاركه الغناء فى الحفل زملاؤه وأصدقاؤه من الوسط الفنى.

ورغم سنوات مرضه الطويلة لم يفكر علاء عبدالخالق فى الاعتزال على الإطلاق، وكلما تكررت هذه الشائعة خرج لنفيها، بقوله: «لم أفكر يومًا فى الاعتزال، وكل ما فى الأمر أنى بالفعل ابتعدت لسنوات بسبب حالتى الصحية والتى كانت تحول بين قدرتى على الغناء وإحياء الحفلات».

وقبل رحيله بعدة أشهر، كشف علاء عبدالخالق أن نقابة المهن الموسيقية لم تتواصل معه منذ أكثر من 5 أعوام، وأن أصدقاءه فقط هم الذين يتواصلون معه، مثل حميد الشاعرى، وهشام عباس، وحلمى عبدالباقى، وحسن عبدالمجيد، وعصام كاريكا، والمطربتان حنان ومنى عبدالغنى.

واستمر الابتعاد والمرض حتى وصل قطار النجومية لهذا المطرب الكبير إلى محطته الأخيرة، التى نزل إليها تاركًا خلفه جمهورًا يشعر بحنين جارف كلما سمع اسمه فقط.. فما بالك بأغنياته!