الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

درع الســـــــماء

الفريق محمد حجازى قائد قوات الدفاع الجوى
الفريق محمد حجازى قائد قوات الدفاع الجوى

(عيون مصر الساهرة).. بهذه العبارة وصف الفريق  محمد حجازى، قائد قوات الدفاع الجوى رجال القوة الرابعة فى القوات المسلحة المصرية، فمن ينسى دورهم فى إسقاط 12 طائرة فانتوم إسرائيلية فى حرب الاستنزاف، وقطع اليد الطولى لطائراتهم فى نصر أكتوبر المجيد.. التقيناه واحتفلنا معه بالعيد الـ 53 لقوات الدفاع الجوى، وسلطنا الضوء على دورهم لاسيما مع سيناريوهات الحروب الحديثة التى اختلفت عن الحروب التقليدية، كما تحدثنا معه عن التدريبات المشتركة والتعاون العسكرى الذى تسعى إليه الدول الصديقة والشقيقة مع مصر، وكيف يحفظون أسرار التسليح فى عصر السماوات المفتوحة؟.. وهنا نص الحوار:



 

تحتفل قوات الدفاع الجوى كل عام فى الثلاثين من شهر يونيو بعيد الدفاع الجوى، فما هى أسباب اختيار ذلك اليوم؟

- كانت البداية عندما صدر القرار الجمهورى رقم (199) الصادر فى الأول من  فبراير 1968، بإنشاء قوات الدفاع الجوى لتمثل القوة الرابعة فى قواتنا المسلحة الباسلة.

وتحت ضغط هجمات العدو الجوى المتواصل بأحدث الطائرات (فانتوم، سكاى هوك) ذات الإمكانيات العالية مقارنة بوسائل الدفاع الجوى المتيسرة فى ذلك الوقت، تم إنشاء حائط الصواريخ، ومن خلال التدريب الواقعى فى ظروف المعارك الحقيقية خلال حرب الاستنزاف تمكنت تجميعات الدفاع الجوى صباح يوم 30 يونيو عام 1970 من إسقاط طائرتى فانتوم، وطائرتى سكاى هوك، وتم أسر ثلاثة طيارين إسرائيليين وكانت هذه أول مرة تسقط فيها طائرة فانتوم وتوالى بعد ذلك سقوط الطائرات حتى وصل إلى 12 طائرة بنهاية الأسبوع وهو ما أطلق عليه أسبوع تساقط الفانتوم واتخذت قوات الدفاع الجوى يوم الثلاثين من يونيو عام 1970 عيدًا لها.

حيث يعتبر ذلك اليوم هو البداية الحقيقية لاسترداد الكرامة ومنع طائرات العدو من الاقتراب من سماء الجبهة المصرية.

أمون رماية.. قدرة على الردع
أمون رماية.. قدرة على الردع

 

 

فى ظل الثورة الرقمية وتدفق المعلومات، لم يعد هناك أسرار خاصة فيما يتعلق بمنظومة التسليح، ما هو الحل للحفاظ على هذه السرية؟

- فى عصر السماوات المفتوحة أصبح العالم قرية صغيرة وتعددت وسائل الحصول على المعلومات سواء بالأقمار الصناعية أو أنظمة الاستطلاع الإلكترونية المختلفة وشبكات المعلومات الدولية... بالإضافة إلى وجود الأنظمة الحديثة القادرة على التحليل الفورى للمعلومة وتوفر وسائل نقلها باستخدام تقنيات عالية ما يجعل المعلومة متاحة أمام من يريدها.

ولكن هناك شىء مهم وهو ما يعنينا فى هذا الأمر.. هو فكر استخدام الأنواع المختلفة من الأسلحة والمعدات الذى يحقق لها تنفيذ المهام بأساليب وطرق غير نمطية فى معظم الأحيان..

والدليل على ذلك أنه فى بداية نشأة قوات الدفاع الجوى تم تدمير أحدث الطائرات الإسرائيلية (الفانتوم) من خلال منظومات الصواريخ المتوفرة لدينا فى ذلك الوقت وكذا التحرك بسرية كاملة لإحدى كتائب الصواريخ لتنفيذ كمين لإسقاط طائرة الاستطلاع الإلكترونى (الإستراتكروزر) المزودة بأحدث وسائل الاستطلاع الإلكترونى بأنواعه المختلفة وحرمان العدو من استطلاع القوات غرب القناة باستخدام أسلوب قتال لم يعهده العدو من قبل (وهو تحقيق امتداد لمناطق تدمير الصواريخ لعمق أكبر شرق القناة). 

ونحن لدينا اليقين إلى أن السر لا يكمن فقط فيما نمتلكه من أسلحة ومعدات، ولكن مما لدينا من قدرة على تطوير أسلوب  استخدام السلاح والمعدة بما يمكنها من تنفيذ مهامها بكفاءة تامة علاوة على الارتقاء المستمر بمستوى تأهيل الفرد المقاتل.

 

برادار .. تأمين المجال الجوى على كافة الاتجاهات الاستراتيجية
برادار .. تأمين المجال الجوى على كافة الاتجاهات الاستراتيجية

 

لو راجعنا سيناريو الحروب الحديثة نجد أن تحييد سلاح الدفاع الجوى يأتى كأسبقية أولى فى أى حرب... هل من الممكن توضيح ما يمثله ذلك من عبء على قوات الدفاع الجوى؟

- نتيجة المتغيرات الحادة التى تشهدها الساحة الدولية اليوم والتطور السريع والحاد فى تكنولوجيا التسليح، فإن امتلاك قوة الردع وأساليب مجابهتها أصبح أكثر طلبا وأشد إلحاحا وأصبحت القوة العسكرية لأى دولة من المتطلبات الأساسية... للدفاع عن الحقوق ولحماية المصالح ولدرء المعتدين صونًا لأمنها القومى وأصبحت الحروب وتطورها مبنية على العلم والتكنولوجيا، وتظهر أهمية دور الدفاع الجوى والتركيز على تحييده دائمًا فى بداية العمليات العسكرية من خلال طبيعة المهمة الملقاة على عاتقه من تأمين المجال الجوى وتأمين التجميعات الرئيسية للقوات المسلحة والأهداف الحيوية المهمة على كافة الاتجاهات الإستراتيجية.

وعند تحييد الدفاع الجوى يصبح لدى العدو الفرصة للحصول على السيطرة الجوية وامتلاك مسرح العمليات وتحقيق التأثير على كافة الأهداف وخاصة فى ظل التوسع فى استخدام الهجمات السيبرانية والعدائيات الجوية الحديثة من أسلحة ذكية وصواريخ طوافة وطائرات بأنظمة غير مأهولة وأنظمة حرب إلكترونية بصورها ومداياتها المختلفة كل ذلك لتحييد عناصر الدفاع الجوى، وذلك يتطلب استعدادا قتاليا وكفاءة قتالية عالية فى السلم والحرب لاستيعاب التكنولوجيا المتقدمة..(فرجال الدفاع الجوى هم عيون مصر الساهرة).

تحرص القوات المسلحة على التعاون العسكرى مع العديد من الدول العربية والأجنبية، والذى يعتبر إحدى ركائز التطوير فكيف يتم تنفيذ ذلك فى قوات الدفاع الجوى؟

- هناك  اهتمام دائم من قوات الدفاع الجوى على امتلاك القدرات، والإمكانيات القتالية التى تمكنها من أداء مهامها بكفاءة عالية من خلال تطوير وتحديث أنظمة الدفاع الجوى مع مراعاة تنوع مصادر السلاح طبقًا لأسس علمية ونتيجة للخبرات والمستوى التدريبى العالى لقوات الدفاع الجوى تسعى الدول الصديقة والشقيقة  للتعاون العسكرى بمجالاته المختلفة وذلك فى ظل العلاقات السياسية المتنوعة وأهميتها بالمحيط الإقليمى والدولى وهذا يتم تنفيذه فى قوات الدفاع الجوى من خلال  تنفيذ التدريبات المشتركة مثل التدريب المصرى / الأمريكى المشترك ( النجم الساطع )، التدريب المصرى / اليونانى / القبرصى المشترك ( ميدوزا)، التدريب البحرى المصرى / الفرنسى المشترك ( كليوباترا)، التدريب المصرى / الأردنى المشترك (العقبة)، التدريب المصرى / الكويتى المشترك (اليرموك)، التدريب العربى المشترك (درع العرب) لاكتساب الخبرات والتعرف على أحدث أساليب التخطيط وإدارة العمليات فى هذه الدول.

وهناك تدريبات ذات طبيعة خاصة بقوات الدفاع الجوى تتميز بالتخصصية مثل: التدريبات مع الجانب الأمريكى لمجابهة الطائرات الموجهة بدون طيار، التدريب المصرى / الروسى المشترك (سهم الصداقة)، التدريب المصرى / الباكستانى المشترك (حماة السماء)، التدريبات الخاصة بقوات الدفاع الجوى بحضور المراقبين من اليونان وقبرص والبحرين وباكستان والسعودية، ونخطط لتدريبات مشتركة مع دول أخرى فى المستقبل القريب بما يزيد من الروابط مع الدول الصديقة ويساعد على تبادل الخبرات والمهارات.

 

بتشورا.. استعداد قتالى وتطوير دائم
بتشورا.. استعداد قتالى وتطوير دائم

 

 

يواكب التطور السريع فى تكنولوجيا الطيران تطورًا أسرع فى تكنولوجيا الدفاع الجوى.. فما هو الدور الذى قامت به كلية الدفاع الجوى لإعداد الطلاب فى ظل التطور فى التكنولوجيا؟

- تعتبر كلية الدفاع الجوى من أعرق الكليات العسكرية على مستوى الشرق الأوسط فمنذ إنشاء مدرسة المدفعية المضادة للطائرات فى مصر كأول نواة لتدريب ضباط الدفاع الجوى  وما أعقبه من صـدور أمــر تشكيــل كليــة الدفــاع الجــوى فى يوليو 1974، وكأحد الدروس المستفادة بعد حرب أكتوبر تم تطوير الدراسة بها بإدخال التعليم الهندسى لمواكبة التطور التكنولوجى فى أسلحة ومعدات الدفاع الجوى الحديثة فى سبتمبر 1979.

ونظرًا لأهمية دور كلية الدفاع الجوى فى الوصول بخريجى كلية الدفاع الجوى لأعلى المستويات العلمية لا تتوقف أعمال التطوير والتحديث فى المناهج العلمية الهندسية والتكنولوجية والمعامل الهندسية لضمان تخريج ضباط قادرين على التعامل مع أحدث الأسلحة والمعدات ذات التقنية الحديثة والأنظمة الإلكترونية المعقدة وهو ما يظهر جليا فى الأنشطة العلمية لمدرسى وطلبة الكلية خلال فترة الدراسة والمشاريع الهندسية لخريجى الكلية والتى يمكن اعتبارها نواة لكافة بحوث تطوير (أسلحة الدفاع الجوى / المقلدات). ولا يقتصر دور كلية الدفاع الجوى على تخريج ضباط الدفاع الجوى المصريين فقط بل يمتد هذا الدور ليشمل تأهيل طلبة من الدول العربية والأفريقية الصديقة.

تنفيذ التدريب العملى من خلال الفصول التعليمية والتى بها أجزاء ومقاطع من محطات الصواريخ الحقيقية باستخدام الوسائط المتعددة ومساعدات التدريب المتطورة والمقلدات التى تحاكى المعدات الحقيقية.

توصف قوات الدفاع الجوى دائمًا بأنها درع السماء القادر على صد أى عدوان جوى، كيف يحافظ سلاح الدفاع الجوى على جاهزيته كقوة رابعة فى القوات المسلحة المصرية؟

- نحن كرجال عسكريين نعمل طبقا لخطط وبرامج وأهداف واضحة، إلا أننا فى ذات الوقت نهتم بكل ما يجرى حولنا من أحداث ومتغيرات فى المنطقة، والتهديدات التى تتعرض لها كافة الاتجاهات، وما تثيره من قلق.

ويتم الاستعداد القتالى العالى والدائم من خلال الحفاظ على حالات وأوضاع استعداد متقدمة تكون عليها القوات طبقا لحسابات ومعايير فى غاية الدقة، خاصة أن الحروب التقليدية لم تنته والدليل الحرب الروسية الأوكرانية، وإننا نضع نصب أعيننا الإعداد والتجهيز باستشراف الغد وبالتطوير المستمر.

وأود أن أطمئن الشعب المصرى أن قوات الدفاع الجوى القوة الرابعة فى القوات المسلحة المصرية تعمل ليلًا ونهارًا سلمًا وحربًا فى كل ربوع مصر عازمة على حماية سماء مصر ضد كل من تسول له نفسه الاقتراب منها .

ونعاهد الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة والفريق أول محمد زكى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى على أن نسير قدمًا فى تطوير وتحديث قوات الدفاع الجوى وأن نظل دوما جنودًا أوفياء بناةً للمستقبل حافظين العهد مُضحين بكل غالٍ ونفيس نحفظ للأمة هيبتها ولسماء مصر قدسيتها لتظل مصر درعًا لأمتنا العربية».