الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

منين من مصر يا زول؟!

ريشة: أحمد جعيصة
ريشة: أحمد جعيصة

علاقة وطيدة ومتأصلة بين مصر والسودان بدأت منذ سنوات بعيدة, أبعد من المعروف من التاريخ القديم، هناك على ضفاف النيل الذى يجرى فى أراضى الدولتين،كان الانتقال بين سكانهما مستمرا والاتصال لم ينقطع يوما. وقد ظهرت أقدم الروايات عن السودان وملوك مصر منذ عهد الملك «سنفرو» فى نقش حجر «بالرمو» ،ثم فى عهد الملك بيبى الأول ،وهكذا تباعًا حتى يومنا هذا بين الأحداث والمواقف،الوحدة والمقاومة.



 

حاليًا فإن أبناء السودان فى مصر أكبر وأبرز الجاليات وتأتى فى المرتبة الثانية بعد السوريون ضمن حوالى 9 ملايين من الجنسيات المختلفة التى تستضيفهم مصر.

يتمركز أبناء السودان فى مصر فى عدد من المحافظات أبرزها جنوب أسوان ثم القاهرة وتحديدا فى مناطق الألف مسكن، عين شمس وحدائق القبة.

وتنقسم فئاتهم بين طلبة ومهاجرين ومقيمون.

 أسوان هى أقرب محافظة مصرية للسودان تفصلهما حوالى 400 كيلو متر على الحدود ويستخدم العائدون من السودان الموانئ البرية الفاصلة بين الحدود مثل قسطل وأرقين البرى حتى الوصول لموقف وادى كركر بأسوان.

 

 

 

وهناك يعيش كثير من أبناء السودان بحيث لا يستطع أحد التفريق بينهم وبين المصريين خصوصًا فى مناطق مثل «دراو والنوبة» نظرا للقرب الجغرافى والتشابه فى العادات والتقاليد بين الشعبين.

أما فى القاهرة فهناك شوارع وحارات بعينها ربما تشعر فور دخولها أنك سافرت للسودان وأنت لاتزال على أراضى مصرية ومنها مثلًا حارة الصوفى والتى تتفرع من شارع عبدالخالق ثروت أشهر شوارع القاهرة، حيث تعد تجمعًا سودانيًا بامتياز.

منذ دخول الحارة تجد شركة سياحة معلقًا عليها لافتة للإعلان عن رحلات دائمة من وإلى الخرطوم،ثم مع السير لدقائق تجد على الجانبين أسماء سودانية للمحال والمطاعم منها محلات لبيع العطارة السودانية والمطاعم التى تعد أشهر الأكلات المعروفة ثم المقهى الرئيسى الذى يجلس عليه مختلف الأعمار من أبناء الجالية ليشربوا القهوة السودانى والعراديب.

وصلت شهرة حارة الصوفى لكل النازحين من الأفارقة خصوصًا أبناء السودان، وأصبحت قبلتهم الدائمة التى يشعرون فيها أنهم فى وطنهم ومع أقاربهم وأصدقائهم حتى أنهم يصفون طريقها لأى سودانى يقرر العيش فى مصر والجملة الدارجة (روح على العتبة عند تمثال إبراهيم باشا ابن إسماعيل باشا وهتوصل لحارة الصوفى.

أما فى عين شمس الأقدم بين الأحياء المصرية، فإن خط مترو الأنفاق يقسمه إلى جهتين عين شمس الشرقية وعين شمس الغربية، وتتمركز الجاليات الإفريقية فى عين شمس الشرقية وتحديدا فى شارع أحمد عصمت وإبراهيم عبدالرازق، لذلك فأغلب مكان هذه المناطق فى البناء السودان.

 

 

 

شوارع بأسماء سودانية

وفى مصر شوارع كثيرة بأسماء سودانية، شارع السودان مثلًا من أشهر شوارع محافظة الجيزة وأطولها، يبدأ فى ميدان الكيت كات وينتهى عند شارع فيصل. ويفصل شارع السودان بين أحياء إمبابة وبولاق الدكرور من ناحية والمهندسين والدقى من ناحية أخرى.

أما شارع عطبرة : فهو متفرع من شارع السودان أيضًا ويعود اسم عطبرة لواحد من الأنهار الرئيسية فى السودان والمتفرع من نهر النيل وكذلك على اسم مدينة عطبرة بالسودان.

وفى حى مصر الجديدة هناك شارع الميرغنى هو شارع لتخليد سيرة السودانى السيد على الميرغنى، وهو زعيم سودانى توفى عام ١٩٦٨ كان كبير الأسرة الميرغينية المعروفة فى مصر والسودان وإريتريا والتى عرفت بقيادة الطريقة الختمية الصوفية.

وقد عاش الميرغنى فى مصر إبان الثورة المهدية فى السودان وكانت له مواقف مؤثرة فى رفض عروض الاحتلال البريطانى، وكان من الداعمين للأحزاب السودانية التى كانت تنادى بالوحدة مع مصر.

وللمطبخ السودانى سحره، خصوصًا مع تشابه الأطباق السودانية مع الأطباق المصرية

ويعتبر الفول المدمس السودانى واحد من أشهر الأطباق هناك والتى تعد أيضًا فى المطاعم السودانية بمصر.

أما طبق «الملاح نعيمية» فهو طبق سودانى يُشبه العصيدة لكنّه يختلف فى مكوناته ويتم طهيه بأشكال وإضافات مختلفة.

 

 

 

وهناك أطباق أخرى مثل الملاح ويصنع من الخضراوات مثل البامية والملوخية والرجلة والبطاطس والقرع واللحوم بمختلف أنواعها خاصة لحم الضأن أو من البقوليات كالبازلاء والفاصوليا والعدس وكذلك ملاح الويكة وهو يصنع من البامية المجففة وهو وجبة واسعة الانتشار فى السودان وبين الأشقاء السودانيين فى مصر.

ويعشق السودانيون القهوة التى تنافس مكانتها الشاى إضافة للقهوة هناك مشروبات أخرى ذات رواج منها: العرديب وهو مشروب يشبه التمر هندى، وعصير «عواسة الابرى» وهو مشروب خليط من الذرة المخمرة والبهارات وبعض الأعشاب.

ويحتاج إعداد الأبرى عدة أيام، إذ يتم تحضيره قبل شهر رمضان وهو المشروب التقليدى الذى يفضله الشعب السودانى وله تسمية أخرى وهو «الحلو مر»، إضافة إلى مشروبات والابرى الأبيض والتبلدى.

وتنتشر بين السودانيين فى مصر السعوط أو التمباكو والبرنجى وكلها أنواع من التبغ السودانى.

ولأن للسودان أصولا ضاربة فى الجذور المصرية، فكثيرون من المصريين لهم أصول سودانية مثل الرئيس محمد أنور السادات كانت والدته سودانية تدعى ست البرين من مدينة دنقلا، تزوجها والده حينما كان يعمل مع الفريق الطبى البريطانى فى السودان ثم استقرا فى مصر وولد السادات فى قرية ميت أبو الكوم بالمنوفية.

أما الفنان إبراهيم خان فقد ولد من أب سودانى وأم مصرية وعاش معظم حياته بمصر ومثل الكثير من الأفلام تصل إلى حوالى 50 فيلمًا وكذلك العديد من المسلسلات التليفزيونية وقد عمل فى بدايته بإذاعة ركن السودان التى تحولت بعد ذلك إلى اسم إذاعة وادى النيل، إلى أن قابل أحد المنتجين بالصدفة، فأقنعه بإمكانية عمله ممثلاُ وأكد له أنه يصلح للتمثيل.

ريشة: جون مراد
ريشة: جون مراد

 

 

وأخيرًا المطرب عصام كاريكا الذى ولد بأسوان لأب مصرى وأم سودانية. وعاش فترة من الزمن فى محافظة أسوان، ثم بعدها انتقل إلى القاهرة وبدأت رحلته للأضواء .