الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

لجوء استثمارى.. لأهل سوريا

مصر أرض العروبة ومأوى وملجأ جميع النازحين من الأشقاء العرب والأفارقة، حيث يعاملون فيها معاملة أبناء البلد، يعيشون معهم، ويأكلون طعامهم، ويشربون مياههم، يتعلمون، ويعالَجون من الأمراض، يعملون فى مهن مختلفة، ويتعايشون مع الواقع جنبًا إلى جنب مع المصريين.



 

وطبقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن المفوضية السامية لشئون اللاجئين بالأمم المتحدة، والمنظمة الدولية للهجرة، يوجد فى مصر 9 ملايين لاجئ، من 133 دولة، وأكثر من 95 % منهم نازحون من 4 دول وهى السودان بواقع أكثر من 4 ملايين لاجئ، يليها سوريا ب 1.5 مليون، ثم اليمن وليبيا بواقع مليون لكل منهما، بينما توزع الـ 5 % الباقية على باقى دول العالم.

الجالية السورية

السوريون واحدة من أكثر الجاليات العربية اندماجًا مع المصريين، نظرًا لتقارب ثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم، وهو الأمر الذى دعم توطيد العلاقات الاجتماعية بينهم، وتقويتها من خلال الزواج، ومن ثم التداخل بين الأسر اجتماعيًا واقتصاديًا.

استقبلت مصر السوريين بأعداد كبيرة فى أعقاب «ثورات الربيع العربى»، كان الوضع فى سوريا أكثر تعقيدًا، حيث تحولت إلى حرب أهلية دامية، مما أجبرهم على الهجرة من بلدهم واللجوء إلى مصر، وكانت «نبض العروبة» كما عرفها العرب، هى أكثر الدول احتضانًا للسوريين، الذين حولوا منطقة بأكملها داخل القاهرة الكبرى «مدينة 6 أكتوبر» إلى «حارة دمشقية»، نقلوا إليها جميع تفاصيل حياتهم ومعالمها داخل وطنهم، متضمنة التراث السورى داخل المطاعم والمحال التجارية والأنشطة التى يعملون بها.

 

 

 

أحياء دمشقية

لم تعزل مصر السوريين النازحين إليها، فى مخيمات للاجئين، كما حدث مع أشقائهم الذين لجأوا إلى معظم دول الجوار السورى، بل يعيشون فى بيئة حضارية، حيث يتركزون داخل 5 محافظات هى: القاهرة والجيزة، والقليوبية والإسكندرية ودمياط، وأصبحوا جزءا منها، ويتمتعون بحرية التنقل والعمل، والحصول على الخدمات الأساسية من الدولة، مثل التعليم بالتساوى مع المصريين، وكذلك فى مجال الصحة والعلاج.

هذا ما قاله المهندس راسم الأتاسى، رئيس الجالية السورية فى مصر، عضو هيئة اللاجئين التابعة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، حيث أشار إلى أن مصر هى بلد الأمن والأمان، التى احتضنت السوريين دون شرط أو قيد، لاعتبارهم إخوة، ولم تفرق بين الأشقاء العرب على أرضها، فهى أكثر الدول احتواءً لهم، مؤكدًا على قوة الروابط بين الشعبين، ونجاح السوريين فى العديد من الصناعات، وتأسيس الكثير من الشركات والمحال التجارية بمصر، حيث قامت الدولة المصرية بتلك الأعمال شأن الإقامة، وتطلب منهم السلطات تأشيرة لدخول البلاد، بعد أن كانوا يتوافدون عليها بطرق غير شرعية عبر الحدود المصرية السودانية.

وكان احتضان المصريين للسوريين سببًا فى خلق نسيج اجتماعى جديد بين الشعبين، حيث تعتبر منطقة السادس من أكتوبر، وأحياء مصر القديمة أكبر تمركز للسوريين، حتى غزت تجاراتهم منطقتى العتبة والموسكى بمحال الملابس الجاهزة والمنسوجات والمفروشات بوسط العاصمة، وهى تنافس المستورد فى الجودة والسعر.

 

 

 

أما مدينة أكتوبر فتحول حى «الفاتح» بها إلى حارة دمشقية، وأنشأوا بها العديد من الشركات التجارية بتكلفة مالية عالية، كما تتنوع مشروعاتهم تجاه المأكولات، وخاصة الحلوى التى أصبحت شهيرة فى مصر، والمقاهى، والملابس الجاهزة.

ويحرص الكثير من السوريين على الدخول فى عالم الاستثمار، وإنشاء سجل تجارى لتقنين أوضاعهم، ويصدر البعض منهم منتجه للدول العربية والأجنبية، مما يساهم ذلك فى تشغيل العمالة السورية والمصرية على حد سواء، وتحقيق أرباح هائلة بالملايين. 

يربط الشعبين المصرى والسورى علاقات تاريخية منذ الفكر القومى العربى، ووحدة الدولتين منذ عام 1958، كما أن موقع مصر الاستراتيجى يضعها دائمًا فى قلب الحدث، وبعد قيام الثورة السورية لجأوا إلى مصر، وتحسنت أوضاعهم فيها بشكل كبير، فأصبح لهم حق الإقامة مع أسرهم، بل يستطيعون تدشين المصانع والشركات.

تأثير وتأثر

استطاع السوريون النجاح فى مجالات الاستثمار، والتى يغلب عليها المشروعات متوسطة الحجم، ويليها الصغيرة، وبنسبة أقل المشروعات الكبرى.

ففى عام 2014 ظهر تجمع لرجال الأعمال السوريين فى مصر، برئاسة خلدون الموقع، الذى شكل لجنة المستثمرين السوريين، بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية فى عام 2016، والتى أعلن وقتها المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة المصرى السابق، عن إنشاء مدينة صناعية سورية متكاملة على مساحة تصل إلى حوالى 500 ألف متر، وكان مقدر لهذه المنطقة أن تضم 100 شركة ومصنع سورى.

ومنذ عام 2017 بدأت علاقات اقتصادية متبادلة بين المستثمرين والشركات السورية والمصرية، وزادت زيارات رجال الأعمال بنهاية عام 2018، وخلال تلك الفترة قدر حجم الاستثمارات السورية فى مصر بنحو 800 مليون دولار، فى صناعات الغزل والنسيج، والصناعات التكاملية، مثل صناعة الأثاث والمفروشات، والملابس، والزجاج، والأحذية، والمنتجات الغذائية، والورقية، والبلاستيكية، وغيرها، وهذه الأنشطة الاقتصادية تختلف على حسب أوضاعهم المادية.

 

 

 

يتخذ تجمع السوريين فى مصر، شكلاً مهنيًا وحرفيًا وطبقيًا أكثر من الأساس الجغرافى لانتماءاتهم، ونجد أغلبهم من دمشق وحمص وحلب.

وفى عام 2018 تم تسجيل دخول 42.741 أسرة سورية، منهم 48.4 % إناث، و51.6 % ذكور، و31.9 % أطفال تحت سن 17 سنة.

والتحق حوالى 40 ألف طالب سورى بالمدارس المصرية خلال العام الدراسى 2017 - 2018، بالإضافة إلى تقديم الرعاية الصحية الأساسية لحوالى 20 ألف طفل سورى، فى حين وصل عددهم خلال عام 2022 إلى 1.5 مليون لاجئ سورى.

ومع تزايد أعداد السوريين فى مصر، بلغ عدد رجال الأعمال إلى حوالى 30 ألف مستثمر سورى، وما يقرب من 1254 شركة، بحسب إحصائيات الهيئة العامة للاستثمار.