الأربعاء 24 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الموازنـة العامـة للدولة مكانها الحقيقى.. المتحف

الموازنـة العامـة للدولة مكانها الحقيقى.. المتحف
الموازنـة العامـة للدولة مكانها الحقيقى.. المتحف


 
رحلة قصيرة قطعتها الموازنة العامة للدولة بين الذهاب إلى رئاسة الجمهورية والعودة مرة أخرى إلي الحكومة لتعديل بعض البنود فى محاولة لتقليص العجز وإزالة التهميش عن الطبقات الفقيرة التى تصارع من أجل الصمود أمام ارتفاع الأسعار المستمر.
 
 
تراجع عجز الموازنة فى العام الحالى بنحو 10٪ حيث يبلغ حجم المصروفات فيها 789 مليار جنيه مقابل 549 مليار جنيه إيرادات أى أن العجز فى الموازنة العامة بلغ 240 مليار جنيه وهو ما يعادل 10 ٪ من الناتج المحلى.
 
وارتفع معدل التضخم مابين 10 ٪ إلى 11 ٪ فيما تراجع معدل النمو الاقتصادى إلى 2 ٪.. وبالنسبة للدعم فقد تم تخصيص 104 مليارات جنيه لهذا البند من الموازنة.. وجاء بند الأجور ليوضح حجم الارتفاع الكبير الذى وصل إليه، فالعام الماضى تم تخصيص 184 مليار جنيه للأجور ولكن الموازنة الجديدة ضمت 207 مليارات جنيه تحت بند الأجور.
 
 
وكانت الموازنة العامة فى صورتها الأولى قبل أن تعود مرة أخرى من رئيس الجمهورية تحمل عجزاً قدره 292 مليار جنيه وهو ما يعنى استمرار الانحدار الاقتصادى نحو الهاوية خاصة أن انخفاض مستوى العملة المحلية وتأثر التصدير سلبيا بانخفاض الإنتاج الصناعى تسبب فى زيادة سعر العملة والذى تماشى مع انهيار المنظومة السياحية نتيجة الانفلات الأمنى.
 
 
وتحاول الحكومة من خلال اتخاذ عدة إجراءات تخفيض حجم الدين العام وتوفير مصادر للنفقات عن طريق فرض ضرائب جديدة بداية من العمل بقانون الضرائب العقارية وفرض ضرائب على الدخل لمدة ثلاث سنوات بنسبة 10 ٪ لمن يتجاوز دخلهم مليون جنيه فضلا عن ضرائب البورصة التى تسببت فى حالة من الجدل بين المستثمرين لتؤكد الموازنة أن التقشف سيكون السمة البارزة فى الاقتصاد المصرى.
 
 
وظهر انخفاض دعم الطاقة مع بداية الأسبوع الحالى من خلال تحريك أسعار الوقود والغاز كى يتوافق مع تخفيض دعم الطاقة المطروح فى الموازنة العامة وهو ما سيعانى منه المواطن لفترة خاصة أن الحكومة تحاول بشتى الطرق التفاوض لمنع رفض تعريفات النقل والسلع لامتصاص أى محاولات من بعض الجشعين لاستغلال الموقف.
 
 
∎ حلول صعبة
 
 
وأصدر المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، قرارات بزيادة أسعار الوقود الجديدة وجاءت الزيادة كالتالى: زيادة أسعار بنزين 80 بإضافة 70 قرشا ليصبح 160 قرشا للتر بدلاً من 90 قرشا، و75 قرشا زيادة لبنزين 92 ليصبح 260 قرش بدلا من 185 قرشاً، و70 قرشا للسولار ليصبح 180 قرشا بدلا من 110 قروش، وبنزين ''95'' من 585 قرشاً الى 526 قرشا.
وحمل القرار الكثير من الاعتراضات من جانب سائقى النقل والأجرة لتزداد التعريفة بنسبة 10 ٪ وهو ما يعنى أن العلاوة الاجتماعية التى حصل عليها الموظفون قد تم امتصاصها وستزداد الأسعار أكثر من معدل العلاوة الممنوحة للموظفين.
 
 
∎ متاحف مالية
 
 
أكد أحمد أبوالنور أستاذ الاقتصاديات الحرجة والأزمات بالجامعة الأمريكية أن الموازنة العامة بشكلها الحالى مكانها الذى تستحقه هو متحف وزارة المالية نظرا لأنها تعتمد فى المقام الأول على البنود والنفقات وهو أمر يصعب معه تحديد المقصر فى أداء واجبه أو المجيد فى عمله لأنها لا تعتمد بأى حال من الأحوال على تحقيق أهداف محددة يمكن من خلالها قياس مدى نجاح الحكومة فى ذلك.
 
 
وأشار أبوالنور أن هناك لغزاً لا يزال غائبا منذ حكومة بطرس غالى وهو التضخيم الكبير فى دعم الوقود على غير العادة حيث إن الحكومة تقيس دعم المواطن بالسعر العالمى للوقود وليس حجم ما تدفعه من دعم حقيقى للمواطن وهو ما يؤدى إلى تضخيم رقم الدعم بشكل كبير على غير الواقع وهو ما يفتح الطريق أمام الحديث عن بنود سرية داخل الموازنة لا يعلم أحد عنها شيئاً ولابد للمختصين أن يلاحظوا ذلك لتفادى أى محاولة للسطو على المال العام دون وجه حق فلا توجد أى تنمية حقيقية داخل الموازنة الحالية بسبب إثقالها بالديون المحلية والخارجية فضلا عن ارتفاع بند الأجور والدعم.
 
 
وأوضح أبوالنور أن الحل ليس فى فرض قوانين جديدة للضرائب فهناك على سبيل المثال 65 مليار جنيه ديون على الممولين لم تحصل الدولة عليها منذ ثلاث سنوات فضلا عن عدم البحث وراء الاقتصاد السرى وإظهاره للعلن على أقل تقدير وبالتالى فإن محصلة الضرائب ستزيد دون أدنى شك.
 
 
وتابع أبوالنور أن مستوى دخل المواطن يتآكل نتيجة الكثير من العوامل أهمها ارتفاع الأسعار الكبير دون وجود ضوابط رادعة للمخالفين فضلا عن ارتفاع الخدمات وتقليل فاتورة الدعم وهو ما سيساهم فى شعور المواطنين بعدم القدرة على الاستمرار فى مستواهم المعيشى السابق وبات عليهم اتخاذ قرار بالتضحية ببعض البنود حتى يمكنهم معايشة الواقع المتقشف اقتصاديا.
 
 
وأكمل أبوالنور حديثه: على الحكومة العمل على سد احتياجات المواطنين دون المساس بمستوى دخلهم الذى يتآكل بسبب ارتفاع الأسعار السنوى.
 
 
∎ اتجاه جديد
 
 
أكد الدكتور إبراهيم عبدالله أستاذ التمويل بجامعة الأزهر أن الموازنة العامة للدولة بشكلها الحالى تحاول تخفيض فاتورة الدعم عن المواطن لتخفيف العبء عن الدولة فى حين سيتم استغلال ما تم توفيره فى تحسين شكل العشوائيات والارتفاع بالمستوى الصحى للمواطن والعمل على إنشاء طرق جديدة تخفف من معاناة المواطنين مروريا وتفتح آفاقاً جديدة نحو تعمير المناطق غير المأهولة بالسكان ولكن ما أجمل الحديث عن ذلك دون أن يحدث على أرض الواقع.
 
 
وأشار عبدالله إلى أن الاقتصاد المصرى ظل يعانى لفترة طويلة بسبب السياسات الخاطئة فى التعامل مع الأزمات حتى وصلنا إلى ما نحن فيه الآن حيث يصعب الاستمرار فى سياسة الاقتراض الخارجى باستمرار لسداد عجز الموازنة خاصة أنها عندما ردت مرة أخرى إلى الحكومة كان فارق العجز بين الإيرادات والمصروفات خياليا وكان يجب السيطرة عليه من خلال اتخاذ عدة إجراءات مهمة قد يدفع ثمنها المواطن.
 
 
∎ فوضى الأجور
 
 
أكد الدكتور محمد صفوت قابل عميد كلية التجارة بجامعة المنوفية أن هناك فوضى فى منظومة الأجور وكان لابد على الدولة وضع صورة واضحة فقد رأينا تخفيضاً فى بعض القطاعات للأجور من خلال تطبيق الحد الأقصى عليهم مثل قطاعات البترول والبنوك ولكن هناك حالة من التذمر جراء ذلك ومطالبة برفع الحد الأقصى عن القطاعات التى تحصل على مبالغ مرتفعة ويبدو أن هذا الأمر سيكون مثار جدل فى المرحلة المقبلة لاسيما أنه لا تزال المطالبات تتوالى على الحكومة بفرض الحد الأدنى للأجور وتحديد ملامح كادر الأطباء وهو ما يعنى زيادة أعباء جديدة إذا لم تفلح الحكومة فى تطبيق الحد الأقصى على مختلف القطاعات دون استثناء.
 
 
وأشار قابل أن الحكومة قررت رفع الأجرة 10٪ فقط فإذا كانت الأجرة على سبيل المثال جنيهاً واحداً فكيف سيدفع المواطن عشرة قروش وهذه العملة تم وقف التعامل بها ولا يوجد أمام السائقين سوى تقاضى الحد الأدنى للعملة 25 قرشاً أى أن الزيادة ستصل إلى ربع الأجرة تقريبا والغريب أن السائقين يرون أن هذا الرقم لا يتوافق مع الزيادة التى شعروا بها فى الوقود وهو الأمر الذى زاد من سخط الجميع.