الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

رغبات جمال مشروعة

ريشة: نسرين بهاء
ريشة: نسرين بهاء

الجمال هو غاية كل امرأة، مهما اختلفت الأعمار، الطبقات الاجتماعية، المؤهل الدراسى، داخل كل امرأة غريزة الجمال والبحث عنه بطرق مختلفة، وكل امرأة تلتمس سبيلا للوصول إليه وفقا لما هو متاح أمامها من إمكانيات.



 

ولا يعد بحث المرأة عن الجمال شيئا جديدا، فمنذ قدماء المصريين والمرأة تلتمس الجمال بصور مختلفة، من خلال الشعر المستعار، العطور، الماسكات الطبيعية، الكحل والحلى.

ومع مر العصور تتطور أساليب التجميل وتصبح فى متناول اليد أكثر من السابق، طفرة فى عالم المكياج، العناية بالبشرة، العناية بالشعر وعمليات التجميل، وإلى الآن لا توجد امرأة لا تتبع روتينا للشعر، العناية بالوجه أو حتى الخلطات الطبيعيه، إضافة إلى لجوء الكثير لعمليات التجميل، نحت، شد، تكبير أو تصغير بعض المناطق، حقن الفيلر وتكبير الشفاه، البوتكس وعمل خدود أو إظهار خط الفك، تصغير الأنف.

الكثير من العمليات التى انتشرت وأصبحت ملاذ العديد من النساء، إضافة إلى ابتسامات هوليوود وبوليوود وغيرها.

هناك من يقف معارضا لتلك العمليات رافعًا شعار «الحلو حلو حتى لو صحى من النوم»، وأن الجمال يكمن فى الروح، وأن الله قد خلقنا فى أحسن تقويم وكان فى إرادته أن يخلقنا بتعديلات معينة وهى تلك التعديلات التى تذهب إليها الفتيات لتغيرها.

ولكن فى المقابل لا أرى أن هناك مشكلة فى أن تبحث المرأة عن الجمال بطريقتها الخاصة وبالصورة التى تجعلها راضية تمام الرضا أمام المرآة، وخاصة عندما يصل الأمر إلى الإرهاق النفسى والذهنى بسبب عدم رضا المرأة عن شكلها بسبب شىء معين.

الأمر قد يراه البعض تافها، ولكنه يستحق أن يؤخذ على محمل الجد، لأن عدم رضاك عن شكلك الخارجى، سيؤثر قطعًا على الحالة النفسية ومنها على ثقتك بنفسك أمام الاخرين ومن ثم على أدائك فى العمل أو سلوكك اتجاه المحيطين.

 قد يصل الامر أن تعزل بعض النساء أنفسهن بسبب السمنة المفرطة وعدم المقدرة على الالتزام بالحمية الصحية أو الرياضة، أو يجعل بعض السيدات يشعرن بسلوك عدائى اتجاه الآخرين وخاصة إذا تعرضن للنقد أو التنمر حتى وإن كان على سبيل المزاح.

لذلك ارفع من خلال «صباح الخير» شعار «إن كنت بحاجة إلى عملية تجميل اذهبى بدون تردد»، ولكن عليك أن تتحرى طبيبا جيدا، وأن تفحصى قبلها نتائج حقيقة ليست مجرد صور، وإنما على أرض الواقع، ولا تهتمى بالعروض والأسعار المغرية وأنت لست على علم، بنظافة المكان، الأدوات المستخدمة هل مصرح بها من وزارة الصحة، منتجات ذات ترخيص، ومعروفة، لأن هناك الكثير من صناع الجمال المزيفين «تحت بئر السلم»، فلا تسلمى وجهك أو جسمك فقط لأن السعر مغرى!

الثقة شكلاً

التجميل ليس له عمر، فهو ليس حكرا على من تجاوزت الخمسينات أو الستين لإزالة خطوط الجبهة أو تقليل التجاعيد وشد الرقبة.

قد تكون الفتاة فى العشرينات وتخضع لعمليات التجميل، فالأمر برمته لا يتوقف على عمر وانما يتوقف على مدى تقبلك لنفسك، ورضاك التام عن شكلك أمام المرأة وأمام الآخرين. لذلك توجهنا إلى دكتور مصطفى ادريس اخصائى جراحة التجميل جامعة القاهرة حيث قال: أغلب المترددين على العيادة، يكون السبب هو إعادة بناء الثقة بينهم وبين أنفسهم، أغلب الحالات التى صادفتنى، لفتاة مثلا فى سن الزواج، ولكن ترفض كل العرسان المتقدمين، بسبب عدم تقبلها لجسمها، تخجل من جسمها وترى أن به عيوب مثل ترهل الجلد بعد فقدان وزن كبير، سمنة فى منطقة البطن، وجود خفسة فى الأرداف، صدر أو مؤخرة صغيرة، أو أنف كبير، كل هذة المشاكل، تجعل الفتيات الصغيرات غير قادرات على تقبل أنفسهم، وبالتالى تهتز ثقتهم فى أنفسهن، ويبدأن بالانعزال عن شكل الحياة الطبيعى، فيرفضن الزواج، خوفا من أن يراها الزوج المنتظر بهذا الشكل».

يكمل: «أيضا هناك نوع من الأشخاص يترددون على العيادة لتغير شكل الجسم، فمثلا هناك حالات، عاشوا باهتمام لأجسامهم، من حيث الرياضة والتغذية السليمة، وحدثت ظروف مفاجأة، غيرت شكل الجسم، مثل فترة كورونا زاد أوزان العديد بسبب غلق «الجيم» والتفرغ التام للاكل، أو تعرض بعض الحالات لامراض، توجب لهم تناول جرعات من الكورتيزون، وتلك الحالات التى عاشت تحافظ على شكل جسدها، وبسبب ظروف ما تغير شكل جسدهم الممشوق والرشيق، يكونوا محبطين ومستاءين كثيرا، ويحتاجوا أن يرجعوا إلى أجسامهم التى تعودوا عليها، فيلجأوا إلى عمليات تجميل، شفط الدهون وحقنها فى اماكن مختلفه من الجسد».

وأما بالنسبة للمتزوجات، فللآسف أغلب المترددات كل منهن، تكن مشحونة بالسلبية من زوجها، فهو غير راض عن جسمها، أو عن شكلها وغير معجب بحجمها، وتسمع منه كلام جارح عن شكل جسدها، ومقارنات سيئه وسخيفة بينها وبين أجسام فنانات وهكذا، ودائما وأبدًا يكون رأيى أمام السيدة التى تود إجراء تجميل، إذا كان هذا نابع من داخلك، فقومى به، أما إذا كان نابع لإرضاء الزوج، فلا تقومى به، لأن هنا تكمن المشكلة فى زوجك وليس بك، فان قمتى بإجراء هذا التجميل، لن يكف عن البحث فى عيوب جسدك، وشكلك، وستقومى بتعويده على أن يبحث على العيوب الموجودة بك لتقومى بتصليحها».

يضيف د.مصطفى إدريس: «هناك بعض الحالات التى تتعرض لتخويف من الزوج، بتركها أو الزواج عليها، والمشكلة هنا للآسف ليست فى السيدة المقبلة على التجميل وأنما فى الزوج الذى يفكر بتلك الطريقة، هو يحتاج تغير لعقليته وطريقة تفكيره.. وليس على السيدة أن تغير من جسمها أو شكلها فى شىء، لمجرد أن تعجب الزوج بسبب إجحافه ولتنال الرضا، ولا يتزوج عليها، لأنه سيتحجج بأشياء أخرى».

 

 

 

و مع انتشار عمليات التكميم، والأشخاص المتبعين لحمية غذائية جعلتهم يفقدون أكثر من 50 كيلو، أصبح هناك متلازمة مرتبطة ارتباطًا وثيقا بفقدان الوزن، وهى عملية شد ترهلات الجلد، لأن من المؤكد صعب بل يستحيل، إمكانية التعايش بعد فقدان 60 أو 70 كيلو، ووجود جلد زائد بدون قصه وشد الجسم، لأن أبسط الأمور سيتعرض لعائق حركى بسبب الترهلات، إضافة إلى صعوبة الاهتمام بالجسد من حيث العناية والنظافة الشخصية، مما سيحدث بين ثنيات الجسم التهابات وأحيانا تكون فطريات، لهذا أصبحت عمليات الشد ضرورية جدًا، فالأشخاص حتى بعد عمليات التكميم لا يستطيعون أن يشعروا بفرحة تحول جسدهم أو تغيره إلا بعد شد الترهلات، لظهور شكل الجسم.

فالتكميم دائما ياتى فى ظله الشد.. وتلك هى أغلب المشاكل الجسدية، التى تؤثر سلبا فى نفسية المرضى، أغلبها يتمحور فى شكل الجسد، حالة ترفض الزواج، وأخرى ترفض الاختلاط بالناس والنزول إلى العمل، لأنه يتطلب أن تلبس ملابس رسمية، وهى لا تتناسب مع جسدها، ومضيفات وطيارين رجال، اصبح حجمهم غير متناسب، وتغير شكلهم وهيئتهم، اضطروا إلى ترك العمل، أو أخذ إجازات مفتوحة باحثين عن حل التكميم وشفط الدهون، وبالطبع عمليات التجميل، ساعدتهم نفسيًا، وجعلتهم يندمجون مرة أخرى مع المجتمع والعمل، ويتصالحون مع أنفسهم. 

يعود د. مصطفى درويش ويقول: أكثر عمليات التجميل التى تطلب مؤخرًا وبشدة، نحت الجسم، وهو نقل الدهون من مناطق السمنة مثل البطن وتوزيعها لأماكن أخرى كالأرداف والمؤخرة، وتأتى فى المرتبة الثانية من حيث الطلب فى عمليات التجميل بعد النحت، تكبير الثدى بالسيليكون، وثالث عملية من الأكثر طلبا، تصغير الأنف».

فى بداية ظهور عمليات التجميل، كان الفنانات والفنانين يتوجهون إلى لبنان، وكانت عمليات التجميل حكرا على المذيعات والفنانات، ولكن الآن متاحة بأسعار جيدة.

وأكد دكتور مصطفى إدريس قائلا: عمليات التجميل فى زيادة مستمرة، ومنتشرة وبأسعار تنافسية، بسبب زيادة عدد جراحى التجميل ،بالطبع هناك أسعار مرتفعة، ولكن حتى الجراحين بأسعار تنافسية، موهوبون وماهرون، مصر حاليا من أكثر البلاد التى تملك جراحين محترفين، وأصبحنا ملاذ للكثر من الدول الخليجية.

ومن حيث فشل العمليات أو إجراء مضاعفات فيما بعد الجراحة التجميلية، قال د.إدريس: أصبحت النسبة ضئيلة جدًا عن سابق عهد مجال التجميل أو بداياته، ولنكن متفقين أن لا توجد عملية بدون مضاعفات أو مخاطر، فهناك أشخاص ممكن أن يتوفوا لمجرد دخولهم غرفة العمليات لإزالة خراج!

للجودة ثمن

دكتور رامى العنانى استشارى جراحة التجميل بالكلية الملكية بإنجلترا قال: لا توجد فئة عمرية معينة تتردد على العيادة، الآن كل الأعمار تتردد على عيادات التجميل، والاختلاف يكمن فى طلب كل فئة عمرية، فمثلا فى الأعمار الصغيرة أوائل العشرين أو أصغر بيكون طلبهم تصليح مشاكل اتولدوا بها، صغر حجم الثدى، تجميل الأنف، تجميل الأذن، تراكم دهون فى مناطق معينة، أو زيادة فى مناطق معينة غير قادرين على التخلص منها، مع الزيادة فى العمر، تبدأ تظهر مشاكل أخرى لها علاقة بتراكم الدهون اكثر، وترهلات الجلد، سواء فى الوجه أو الجسم وهى أمور يعانى منها الفئات العمرية الأكبر». 

يكمل: «أكثر الطلبات التجميل فى الوجه، وهناك الكثيرون ممن يعانون فى سقوط ملامح الوجه، وترهل، وهنا يطلبوا رفع وشد الوجه ليصبح شبابى أكثر، وهنا تظهر إجراءات مختلفة سواء برفع وشد الوجه أو حقن مواد مثل الفيلر المدمج، وتعطى امتلاء مع نضارة، مع استخدام البوتكس وغيرها، إضافة على الصعيد الآخر، الأشخاص المهتمين بالشكل الطبيعى من خلال جلسات النضارة وإضافة الحيوية للبشرة بدون تدخل جراحي».

وحسب العناني: فإن اختلاف الأسعار تعتمد على أكثر من معيار، أولها خبرة الدكتور، الأشخاص أحيانًا يكونوا غير ملميين بهذا الأمر، ويتحرون الشهرة فقط، وأحيانًا الشهرة تكون ليست على أساس طبى، المعيار الثانى هو الأدوات الحديثة وهى مكلفة جدًا، وهو أمر خارج عن إرادتنا فى ارتفاع التكلفة لارتفاع ثمن الأدوات المستخدمة، والآليات المتعبة، ولابد أن يضع المريض فى عين الاعتبار البحث ا لسليم.

يكمل: للآسف يسعى البعض إلى التكاليف الأقل أحيانًا بدون الأخذ فى الاعتبار تلك النقاط، وهذا يؤدى لهم بمشاكل، وهذه أسباب لحدوث مضاعفات أو الوصول إلى نتائج غير مرغوب فيها. 

ومن أهم العوامل التى تؤدى إلى الوصول للنتيجة المرغوبة والمثالية هو، بناء الثقة بين المريض والطبيب، وأن كلا الطرفين يسمعوا لبعضهم البعض، فعادة الشخص ياتى إلى طبيب التجميل وهو محمل بكثيرا من الآمال والأحلام والتوقعات، التى قد لا تتناسب معه وفقا للمعاير الطبية، فمثلا تطلب المرأة أن يصبح جسمها «كيرفى» بمنحنيات معينة غير قابلة للتحقيق، وأحيانا يطلب المريض تكبير أماكن معينة بشكل أكبر من اللازم وهو أمر بالمعايير الطبيبة سيكون من الخطأ تحقيقه، وهنا إذا رفض الطبيب دون أن يوضح سيذهب المريض ربما لآخر غير متخصص أو أقول جودة ليحقق له ما يريد مخلفا مضاعفات وتشوه فى الجسد، وإذا انساق الطبيب وراء كلام المريض دون أن يقوم بما يتوجب عليه والتعريف بما هو قابل للتحقيق بالمقاييس الطبية، سيتسبب له فى مشكله فى حياته.

أغلب شكاوى المرضى، أما جسدية أو نفسية، فإذا أراد الشخص إجراء عملية ما، هنا يتوقف الامر على امانة الطبيب ومهنيته، فلابد أن لا يجرى له عملية التجميل قبل الذهاب إلى طبيب نفسى، لأن من خلال الطبيب النفسى قد لا يحتاج إلى إجراء عملية التجميل، وتحل مشكلته أو عقدته اتجاه شىء معين غير محبب لديه وسبب له عقدة.

لكن هل المقبلين على عمليات التجميل، يشعرون بانعدام ثقة فعلاً فى أنفسهم، أم أنهم باحثون عن الكمال، أو أنه هوس شائع بعمليات التجميل التى اصبحت متاحة وهدف كل البنات.

ولتلك الأسئلة حاورت « صباح الخير » دكتور عمرو سليمان استشارى الصحة النفسيةقال: هناك نوع طبيعى من الأشخاص، يروا فى اعتقادهم أن إذا قاموا بعملية تجميل معينة سيزيد ذلك من جمالهم، أو ساقوم بتحسين مظهرى، أو ستضيف تلك العملية شكل مميز أو سلام نفسى، أو من باب التغيير، فما المانع أن تقوم فتاة بإجراء عملية أو إضافة لمسة جمالية للتغير ؟

يكمل: «لكن فى الطب النفسى نحن نقف عند واحد من اضطرابات الوسواس القهرى، وهو اضطراب عدم الرضا بتناسق الجسد، وهو مرض نفسى يجعلنى أرى أن لدى نقص ما، وأن هذا النقص فى كل جسدى، وبناءً على هذا نجد أن هناك بعض السيدات يقمن بعمليات تجميل كثيره فى أجزاء جسدهن وفى وجوهن، وكل من حولهم يرون انهن ليس بحاجه إلى المزيد من العمليات وينصحوهن بالتوقف إلى هذا الحد، ولكن لأنهن مصابات بهذا المرض النفسى يكن غير قادرات على التوقف لأنهن ترين نقصا وعدم رضا وتقبلا للشكل، وذلك لانهن مصابات بنوع من التشوه فى القشرة البصرية بيجعلهم طوال الوقت يروا أن هناك عيوب فى أجسامهم أو وجههم، وهذا الامر يدفعهم إلى اللجوء أكثر وأكثر إلى عمليات التجميل وفى كل مره يقوموا بعمل شىء زيادة، حتى تصل تلك الزيادة إلى التشوه غير المقبول، مثل زيادة الأرداف بشكل مبالغ فيها، أو الخد، ملئ الشفاه، وأكم من أشخاص قاموا بتشويه أنفسهم بسبب الزيادة والهوس بعمليات التجميل».

أضاف: «بناءً على هذا فليست كل عمليات التجميل ضرورية أو حقيقية، ولكن إذا تعامل معها الإنسان بمستوى طبيعى يكون الأمر طبيعيا وليس مرضيًا، وأنما محاولة لتجديد الثقة فى النفس، والاحساس بالتغير بشكل مختلف، أما الخروج عن النسق الطبيعى هذا ما نحذر منه فى الطب النفسى، لأن فى حالة انتشاره لا يظهر ذلك مؤشر أو رد فعل نفسى سليم،  ولذلك قبل إجراء عملية التجميل، لابد من اخذ رأى طبيب نفسى، لأن له تأثير مهم جدًا على رأيك واستمرارك فى هذه العمليات، الجمال ليس سبه أو عيب، و لكن العيب هو استمرارك فى شىء تظن من خلاله انك بذلك سترضى نفسك، و لكن ما قد يحدث هو تشوه جسدك،  و مردود هذا الأمر على ثقتنا بأنفسنا، ليس دائم لأن ربط ثقتنا بأنفسنا بتغيير فى شكلنا يجعلها مهتزة .. لذلك ثقتنا بأنفسنا كبشر مبنية على خبرة تراكمية من السلوك الذى نمارسه.