الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

فى ذكرى محمود عبدالعزيز

مـــن دفــاتـــــر «الســــــاحـر»

فى الرابع من يونيو عام 1946، شهد حى الورديان غرب مدينة الإسكندرية، مولد نجم كبير، عاش لفنه أكثر ما عاش لنفسه، فى مشوار غنى بالأعمال الخالدة بين الدراما والسينما، إنه النجم الراحل محمود عبدالعزيز، الذى احتفالا بذكرى ميلاده قبل أيام.



 

«الساحر» و«النمس» و«المزاجنجى» ألقاب أطلقها الجمهور والنقاد على محمود عبدالعزيز الذى مات قبل سبعة أعوام، إلا أنه لا يزال حيًا فى ذاكرة جمهوره ومحبيه، وهنا جاء التساؤل الأشهر: «لماذا لا يُنسى محمود عبدالعزيز»؟

 

 

 

الچان المتمرد

تعددت أسباب محبة الجمهور لمحمود عبدالعزيز، فتى الشاشة الچان الذى أتقن دور الحبيب الوسيم، حتى إنه قدم فى فترة زمنية قياسية تبلغ 6 سنوات، بطولة نحو 25 فيلمًا سينمائيًا ارتبطت بالشكل والمظهر الجذاب للفتى المحبوب، ولكن الساحر الذى احتوت جعبته على الكثير من الشخصيات، تمرد على هذه الحقبة واستطاع التلون بإتقان ليبدع فى جميع الأدوار التى قدمها بعد ذلك، والتى اختلفت اختلافًا كبيرًا عن بداياته التى اعتمدت فقط على الشكل الوسيم.

رسّخ محمود عبدالعزيز لموهبته الفنية بداية من فيلم «العار» عام 1982، ليواصل تقديم الأدوار المختلفة التى أثبتت جدارته، فقدم دور الأب فى سن مبكرة من خلال أفلام مثل «العذراء والشعر الأبيض» وفيلم «تزوير فى أوراق رسمية».

وفى هذا الصدد، يقول الناقد الفنى طارق الشناوى لمجلة «صباح الخير»، إن «محمود عبدالعزيز» تمرّد على شكله الوسيم، حصره المخرجون فى بداياته بدور الشاب الوسيم، ولكنه رفض أن يظل حبيسًا فى هذا الإطار واستطاع السير بخطى واثقة نحو موهبته الحقيقية التى أثبتها بتنوع مذهل فى أدواره».

 

 

 

المعايشة الذكية

يحكى الناقد الكبير طارق الشناوى موقفًا عن محمود عبدالعزيز، متعلقًا بفيلم «الكيت كات» الذى يعتبر من أهم الأفلام فى مشوار الساحر، قائلًا: «حضر محمود عبدالعزيز والمخرج داود عبدالسيد لتعزيتى فى والدى، وأثناء حضورهما العزاء استمعا إلى تلاوة شيخ ضرير يدعى عيد الأبيض، تعرفا عليه بعد الانتهاء من القراءة، أعجبتهما خفة ظله وطريقته فطلبا رؤيته فى اليوم التالى فى منزلى، وبالفعل جلسا معه واستطاعا أن يدمجا بعضًا من تفاصيل شخصية الشيخ عيد مع شخصية الشيخ حسنى التى قدمها محمود عبدالعزيز فى الفيلم، فضلاً عن ذكر اسم الشيخ عيد الأبيض الذى وجهت له تحية داخل أحد المشاهد البارزة فى الفيلم، وهو مشهد الميكروفون الشهير».

يواصل طارق الشناوى كلامه عن ذكاء محمود عبدالعزيز الفنى، مؤكدًا أنه كان يعلم جيدًا ما ينبغى عليه أن يقتبسه من الشخصية الحقيقية وما يجب عليه تجاهله، «لم يكن محمود عبدالعزيز ممن يتعايشون مع الشخصية الحقيقية بجميع تفاصيلها، ولكنه كان يأخذ ما ينفعه ويترك ما لا يضيف لشخصيته»، موضحًا أن هذه السمة تتعلق بالمعايشة الذكية للفنان الحقيقى.

وللمفارقة أضاف الشناوى: «الشيخ عيد الأبيض لم يشاهد فيلم الكيت كات.. ليس لأنه كفيف ولكن لأنه مات».

«محمود كان متعدد الألغام الدرامية؛ فى الكوميدى موجود وفى الرومانسى والتراجيدى. عمر ما حددته ملامحه» بهذه الجملة يصف طارق الشناوى الراحل محمود عبدالعزيز الذى أبدع فى محطاته الدرامية والسينمائية. ويضيف: «ولكن المخرجين لم يستفيدوا من موهبته استفادة كاملة، خاصة فى الألفية، أعماله القليلة ومشاركاته السينمائية المهمة لم تكن بالقدر الذى كان يجب أن تتم الاستفادة منه».

 

 

 

ولكن...!

من ينسى «رأفت الهجان»؟ ملحمة مصرية من ثلاثة أجزاء أخرجها الراحل يحيى العلمى، لتصبح من أهم مسلسلات الجاسوسية المصرية فى التاريخ الحديث، «محمود  المصرى» و«باب الخلق» و«جبل الحلال» و«رأس الغول» مسلسلات تركت علامة فى قلوب المشاهدين حتى اليوم، وحين تتم إعادتها تحصل على نسبة مشاهدة عالية.

يمتلك محمود عبدالعزيز 3 أفلام فى قائمة الأفضل فى تاريخ السينما المصرية، وهى «العار» و«البرىء» و«الكيت كات»، لم يكن من المصادفة أن يتم اختيار أفلام ابتعد فيها محمود عبدالعزيز عن تجسيد دور الفتى الوسيم، وجسد فيها شخصيات بعيدة كل البعد عن هذا المنحى، ليتوج باختيار ثلاثة من أهم الأفلام فى مشواره، فضلاً عن التكريمات التى نالها قبل رحيله.

 

 

 

الأب.. البطل الخارق!

«أبويا شقى شقى كبير جدًا وتعرض لإحباطات وسافر النمسا وباع جرائد ونام على الرصيف، بسبب مخرج أحبطه وقال له: أنت مالكش فى التمثيل سافر وشوف نفسك، أبويا بالنسبة لى كان البطل الخارق الوحيد اللى تأثرت به فى حياتى».. بهذه الكلمات تحدث الفنان كريم محمود عبدالعزيز عن والده خلال حلوله ضيفًا على الإعلامية منى الشاذلى فى لقاء سابق.

لعل اتساق محمود عبدالعزيز الأب والإنسان مع شخصية الفنان التى عاش بها مع جمهوره، هى التى صنعت مصداقيته ومحبته فى قلوب الجماهير. ومثلما اعتبره نجله بطلاً خارقًا، اعتبره محبوه فنانًا من طراز خاص؛ الوسيم الذى تمرد على وسامته، الشاب الذى قدم دور الأب فى «العذراء والشعر الأبيض»، الوطنى الذى قدم شخصية الجاسوس فى «إعدام ميت»، كان قادرًا على حفر اسمه بحروف ذهبية فى قلوب الجماهير.