الخميس 22 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

عايزينها تبقى خضرا

منظومة الإصلاح الاقتصادى التى بدأت تؤتى ثمارها من خلال المشروعات التنموية الجديدة والشروع فى الخروج من حيز الوادى الضيق؛ كان لا بُدّ لها من إنشاء مجتمعات زراعية متقدمة نحو مستقبل «التنمية المستدامة» ومن هنا نشأت فكرة تخضير 5 ملايين فدان، وذلك من خلال مشروع الريف المصرى الحديث والدلتا الجديدة ومشروع المليون ونصف المليون فدان وتوشكى، فى إطار زيادة الرقعة الزراعية عن طريق العمل على زيادتها بنسبة 20 %؛ حيث تم توزيع الأراضى المخصصة للمشروع على مختلف أنحاء الجمهورية لتقليل الفجوة الغذائية وزيادة مساحة الأرض المأهولة بالسكان من خلال تشييد مجتمعات سكنية مجهزة بأحدث التقنيات حول المناطق الزراعية.



وتهدف المشروعات الجديدة إلى زيادة مساحة الرقعة الزراعية إلى 9.5 مليون فدان بدلًا من 8 ملايين فدان أى بنسبة 20 %، إعادة هيكلة الريف المصرى لتكون نواته مجموعة قرى نموذجية تعالج مشكلات الماضى ورسم صور أكثر وضوحًا للمستقبل.

فضلاً على توسيع الحيز العمرانى لاستيعاب الزيادة الطبيعية فى نمو السكان عن طريق إنشاء مجتمعات عمرانية متكاملة وعصرية؛ والتى تؤدى بدورها إلى زيادة المساحة المأهولة من 6 % إلى 10 %.

كما تعمل هذه المشروعات على الاستفادة القصوى من موارد مصر فى المياه الجوفية، زراعة المحاصيل التى تساعد على سد الفجوة الغذائية والتى تدر عائدًا ماليًا ضخمًا للبلاد، إضافة إلى زيادة صادرات مصر من المحاصيل الزراعية لتصل إلى 10 ملايين طن فى السنة، وإقامة صناعات مرتبطة بكل من النشاط الزراعى والثروة الحيوانية والصناعات الغذائية، وتمكين الشباب عن طريق خلق فرص عمل؛ حيث يوفر مشروع المليون ونصف المليون فدان أكثر من 25 ألف فرصة عمل.

 

 

 

مشروعات عملاقة

وقال الدكتور جمال عبدربه، عميد كلية الزراعة جامعة الأزهر، إن قطاع الزراعة ركيزة أساسية للاقتصاد القومى؛ حيث يُساهم فى توفير الغذاء للمواطنين والمواد الخام للصناعات الوطنية، وبنسبة 15 % من إجمالى الناتج المحلى، و17 % من الصادرات السلعية غير البترولية بقيمة 3 مليارات دولار (بخلاف التصنيع الزراعى)، ونحو 25 % من القوة العاملة.

وأوضح عميد كلية الزراعة جامعة الأزهر، أن إجمالى تلك المشروعات 5.2 مليون فدان؛ وتشمل «الدلتا الجديدة» بمساحة 2.2 مليون فدان، تنمية جنوب الوادى «توشكى الخير» 1.1 مليون، و«تنمية الريف المصرى الجديد» 1.5 مليون، «تنمية شمال ووسط سيناء» نحو 460 ألف فدان، بالإضافة إلى مشروعات أخرى ببعض محافظات الصعيد والوادى الجديد بمساحة 650 ألف فدان.

وأشار إلى أن تكلفة استصلاح مليون فدان تصل إلى 300 مليار جنيه، موضحًا أن الأراضى المستصلحة تمثل 30 % إلى 40 % من مساحة الأراضى القديمة، فالمساحة الزراعية الإجمالية فى مصر 9.5 مليون فدان، بينها 6.1 مليون قديمة، و3.4 أراضٍ جديدة ومستصلحة.

واعتبر الدكتور على إسماعيل مدير معهد الأراضى والمياه السابق، أن مشروع المليون ونصف المليون فدان، بداية انطلاق الثورة الزراعية الحديثة؛ حيث يشمل 13 منطقة فى 8 محافظات، هى (قنا، وأسوان، والمنيا، والوادى الجديد، ومطروح، وجنوب سيناء، والإسماعيلية، والجيزة)، يضم المشروع 3 مراحل؛ الأولى مساحتها 500 ألف فدان فى مناطق الفرافرة القديمة والجديدة والمغرة وامتداد الداخلة وقرية الأمل وتوشكى وغرب المراشدة، والثانية 490 ألفًا فى الفرافرة الجديدة والقديمة، وغرب كوم أمبو، والمغرة، وغرب المنيا، وشرق سيوة، وجنوب شرق المنخفض، والمرحلة الثالثة 510 آلاف فى الفرافرة القديمة، والطور بجنوب سيناء، وامتداد جنوب شرق المنخفض، وغرب المنيا، ومنطقة غرب، كما يشمل منطقة المُغرة بمساحة 380 ألف فدان و350 ألفًا بالفرافرة و300 ألف فى غرب المنيا، و250 ألفًا بجانب 90 ألفًا جنوب منخفض القطارة و250 ألفًا فى كوم أمبو و150 ألفًا فى توشكى، ويتم توزيع الأراضى بنظام التمليك؛ حيث يصل سعر الفدان إلى 47 ألف جنيه بالتقسيط على 10 سنوات؛ فيما عدا المُغرة 22 ألفًا.

وتابع: إن هذه المشروعات الكبرى تستخدم الزراعات الذكية والابتكار الزراعى والميكنة الحديثة، وتتوسع فى أنشطة التصنيع الزراعى المرتبطة بها، وتخلق تجمعات تنموية جديدة، تلافى مشكلة التفتت الحيازى.

وأضاف إن التكنولوچيا الحديثة واستخدام آليات الذكاء الاصطناعى فى الزراعة يقلل كثيرًا من الفاقد ويُعظم الإنتاجية ويُحسّن جودة المنتجات الزراعية ويُرشّد استخدام المياه.

وأكمل «إسماعيل»: إن استصلاح الصحارى تمر بمراحل وإجراءات تستغرق وقتًا وجهدًا وبتكلفة كبيرة؛ تتمثل فى إجراء دراسات استكشافية للأراضى للتأكد مبدئيًا من صلاحيتها، ومدى توافر المياه ومصادرها، ودراسات ميدانية لحصر وتصنيف وتحديد درجة الصلاحية للزراعة، ثم تخطيط البنية التحتية من طرُق وكهرباء واتصالات وأنشطة مرتبطة، وتخطيط إقامة محطات معالجة المياه وحفر الآبار الجوفية ومد الترع وتحديد مسارات المياه والبنية الأساسية، وبالتوازى مع ذلك تجرى عمليات الاستصلاح والتسوية وتجهيز الشبكات الداخلية، ثم تحديد التراكيب المحصولية واختيار آساليب الزراعة والرى المناسبة.

 

 

 

وأوضح أن كمية المياه لدينا تبلغ 55.5 مليار متر مكعب من نهر النيل وتصل إلى 60 مليارًا بإضافة مياه الأمطار والمياه الجوفية، بينما احتياجات مصر السنوية نحو 80 مليارًا؛ ولذلك تلجأ الدولة إلى مشروعات إعادة تدوير المياه.

تنمية صديقة للبيئة

وحسب شركة تنمية الريف المصرى الجديد، تم إنفاق 3.6 مليار جنيه للبنية التحتية فقط، وحفر أكثر من 783 بئرًا؛ ليصبح إجمالى ما تم حفرها على أراضى المشروع 5114 بئرًا بتكلفة نحو 19.8 مليار جنيه، وتم إنشاء 8 محطات تحلية مياه صالحة للشرب بتكلفة 48 مليون جنيه، وتوفير شبكات الاتصالات والكهرباء والمياه.

ونجحت الدولة فى إعادة الحياة لمشروع توشكى؛ بحل مشاكله وتوفير جميع مقومات نجاحه؛ والقيام بأعمال هائلة إنشائية وفنية، وتوفير مياه الرى ومصادر الطاقة، وإنشاء المَحاور لربطه بشبكة الطرُق القومية.

وسيزيد المشروع الرقعة الزراعية بنحو 540 ألف فدان تصل مســتقبلاً إلى مليون فدان حول منخفضات توشكى؛ لزراعة جميع المحاصيل مثل القمح والخُضَر والموالح والمانجو، وتمتاز المنطقة بأرضها البكر التى لم تُستخدم فيها مبيدات أو كيماويات؛ مما يضمن إنتاج محاصيل آمنة وستتم اقامة مشروعات للإنتاج الحيوانى والسمكى.

كما يوجد بالمشروع أكبر مزرعة تمور فى الشرق الأوسط؛ مثل المجدول والبرحى وعجوة المدينة والعنبرة، تضع مصر فى المركز الثانى على الأقل فى إنتاج التمور عالميًا؛ من خلال زراعة أصناف ذات جودة وقيمة اقتصادية عالية. وسيرفع الإنتاج من 1.8 إلى 2 مليون طن سنويًا، وعدد الأشجار من 15 إلى 18 مليون نخلة.

وسوف تتم إقامة مصانع لمنتجات التمور مثل الكحول والخل والسكر السائل، واستخدام نواتج تقليم النخيل فى صناعة الأخشاب والورق والكمبوست.

وتُعتبر «الدلتا الجديدة» مشروعًا تنمويًا متكاملاً؛ حيث يساهم فى توفير أكثر من 5 ملايين فرصة عمل، مساحته 2.2 مليون فدان، وممتد من محور «روض الفرج - الضبعة» حتى العلمين، وموقعه استراتيچى؛ لقربه من موانئ (الإسكندرية، السخنة، دمياط) ومطارى سفنكس وبرج العرب، ويرتبط بالطرُق الرئيسية والمناطق الصناعية الكبرى؛ مثل مدينة السادات والسادس من أكتوبر وبرج العرب.

كما يساهم المشروع فى زيادة الإنتاج المحلى من المحاصيل الاستراتيچية؛ خصوصًا القمح والذرة، بالإضافة إلى الخُضر والفاكهة والمحاصيل التصنيعية بنسبة 10 - 15 %.

ومن المقرر انتهاء استزراع مليون فدان خلال عامين؛ وتبلغ المساحة المحصولية 1.6 مليون فدان كنتيجة للتكثيف المحصولى.

أمّا المَصادر الرئيسية للرى فى المشروع فهى المياه المعالجة ثلاثيًا؛ الناتجة عن عملية الرى الزراعى غرب الدلتا بدلًا من إلقائها فى مصرف المكس وتلويث شواطئ الإسكندرية، فى المحطة العملاقة بمنطقة الحمام. وأيضًا مياه النيل من خلال ترعة عملاقة جارى تنفيذها. وكذلك السَّحْب من خزان المياه الجوفية منطقة غرب وجنوب العلمين بنسب مدروسة.

وجارٍ إنجاز البنية التحتية واللوچستية للمشروع، وأضخم نهر صناعى فى العالم بطول 114 كيلو؛ وينتج نحو 10 ملايين متر مكعب من المياه، وبه 22 كم مواسير مدفونة تحت الأرض؛ لنقل المياه الجوفية والصرف الزراعى والسطحية، بعد معالجتها بمحطة الحمام، ويمتد المسار المفتوح للنهر بطول 92 كيلو مترًا.

 

 

 

 

 

 

وقال الدكتور محمد عزت، المنسق الفنى للفرق البحثية فى مشروع الدلتا الجديدة، إنه تم تخصيص 70 % من الأراضى للمحاصيل الحقلية مثل القمح والشعير والذرة؛ وكذلك التوسع فى زراعة المحاصيل الزيتية كالسمسم وعباد الشمس والكينوا، وسيتم إنشاء قرى نموذجية للعاملين ومصنع لإنتاج الزيوت. ومحصول البنجر يمتاز فى هذه التربة؛ لذا سيتم إنشاء مصنع لإنتاج السكر.

وبالتوازى مع ذلك يتم تنفيذ خطة تأمين التغذية الكهربائية لمشروعات الاستصلاح؛ بتكلفة تتجاوز 20 مليار جنيه، بإنشاء 17 محطة محولات كهرباء جديدة؛ 8 منها بمنطقتى الحمام ورشيد؛ لتوصيل التيار الكهربائى لـ 8 محطات رفع مياه.

 وتم إنشاء محطة محولات كهرباء متنقلة بوادى النطرون لبدء الزراعة بـ 300 فدان أكتوبر الماضى، وإنشاء خطوط نقل جديدة بطول 65 كيلو مترًا لتشغيلها. وسيتم تشغيل 6 محطات محولات متنقلة بالمناطق التى ستتم زراعتها لحين إنشاء الـ 17 محطة محولات دائمة خلال عام.

وتم تنفيذ الخط الهوائى المزدوج الدائرة ثلاثى الموصل من محطة محولات مستقبل مصر حتى موقع محطة محولات متنقلة؛ بطول 65 كم، وتشغيله فى أكتوبر الماضى، بتكلفة 442 مليون جنيه، ومشروع «مستقبل مصر» للإنتاج الزراعى هو باكورة «الدلتا الجديد»؛ الذى يشمل كذلك مشروع جنة مصر، ومناطق أخرى.

 ويقع علـى امتداد مـحـور «روض الفرج - الضبعة» الجديـد؛ بطول 120 كم وعمق 60 : 70 كم، ويبعد 30 دقيقة من مدينة 6 أكتوبر، وستتم زراعة نصف مليون فدان ستضيف نحو 3 ملايين طن قمح، توفر احتياجاتنا منه بنسبة 90 %، وحالة خلط جزء منه بالذرة نكون غطينا احتياجاتنا بالكامل.

 

 

 

بشاير الخير

وتم تنفيـذ البنية الأساسية للمشروع بتكلفة 8 مليارات جنيه؛ من تمهيد الطرق الداخلية وحـفـر آبـار جوفيـة، ومحطتـين للكهربـاء وشبكة كهربـاء، ومخازن مستلزمات الإنتاج ومبانٍ إدارية وسكنية.

واستصلاح 350 ألـف فـدان باستخدام 2600 جهـاز ری محوری مطـور، وفى موسم 2020/ 2021 تمّت زراعة 17 ألف فدان قمح، 17 ألف فدان ذرة صفراء، 8 آلاف شعير، 42 ألف فدان بطاطس، 46 ألفًا بنجر السكر، 12 ألفًا من السودانى، 5 آلاف بطاطا، 6 آلاف فاصوليا بيضاء، 15 ألفًا بصل، 10 آلاف طماطم، و3 آلاف لكل من البسلة والجَزر والخيار والفراولة.

وقال اللواء محمد عبدالفضيل شوشة، محافظ شمال سيناء، إنه تم البدء بالمشروع القومى لتنمية سيناء عام 1994 وتوصيل مياه النيل إلى سيناء عبر ترعة السلام التى تضيف 400 ألف فدان إلى الرقعة الزراعية؛ منها 125 ألفًا بالمحافظات المجاورة و275 ألفًا بشمال سيناء، وتضيف محطة معالجة مياه بحر البقر 600 ألف فدان جديدة بالمحافظة، ويجرى تنفيذ المرحلة الأولى لاستصلاح وزراعة 460 ألف فدان وإنشاء البنية الأساسية لها. وسيتم إنشاء مجتمعات عمرانية متكاملة بأعلى درجات الجودة؛ من حيث البنية الأساسية والمرافق العامة وسُبُل العيش من كهرباء ومياه وصحة وتعليم وملاعب رياضية وأجهزة حكومية.

والمشروع يعتمد على استغلال مياه من مصرف بحر البقر، ومصرف قادوس غرب قناة السويس. وجارٍ عمل البنية التحتية للرى ونقل المياه واستصلاح الأراضى. وتساهم مياه محطة معالجة مصرف المحسمة فى زراعة 55 ألف فدان؛ تزيد إلى 105 آلاف.

وسيتم تحويل المياه من محطة السلام داخل 2 سحارة أسفل قناة السويس؛ حيث تم تنفيذ 4 خطوط قُطر 3800 مم؛ لنقلها من السحارة إلى القناة المكشوفة بطول 750 مترًا؛ ومنها إلى قناة الدخول للأراضى بطول 586 مترًا.

وهناك 285 ألف فدان منزرعة، بخلاف إنشاء 18 تجمعًا زراعيًا متكاملاً ستحقق 5000 فدان؛ بإجمالى 2122 مستفيدًا؛ منها 11 تجمعًا فى «الحسنة» بشمال سيناء و«نخل» بوسطها؛ وتوفر البيت والأرض الزراعية المجهزة. إلى جانب الانتهاء من 186.5 ألف فدان من الأراضى الجديدة ضمن المرحلة الأولى لمنظومة الرى الحديث فى شمال سيناء والإسماعيلية والسويس، وإنشاء 481 منشأة للحماية من السيول فى سيناء.

وفى هذه المشروعات يتم تخصيص 25 % من المشروع لشباب الخريجين والفئات الاجتماعية بواقع خمسة أفدنة لكل فرد وسيتم السداد بعد الزراعة مباشرة.

كما تم تخصيص من 1000 إلى 10 آلاف فدان لصغار المستثمرين بتطبيق قانون التمليك أو حق الانتفاع.

خُصّص لكبار المستثمرين المصريين من 10 إلى 50 ألف فدان كحق انتفاع بعد سداد ثمَن المِلكية.