الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الكلام الذى يسعد القلب 2 

الكلام الذى يسعد القلب 2 

تناولت فى المقال الماضى لقاء جمعنى بالكاتب الكبير الراحل جمال الغيطاني حدثنى فيه عن مبيته فى الهرم الأكبر لليلة قبل أن يلتحق به فريق أخبار الأدب فى اليوم التالى، وعلاقته بالحضارة المصرية القديمة، واقتطفت من الحوار سؤالًا وجهته إليه عندما أخبرنى عن دراسته عن العلاقة بين عصر المماليك وعصر الحضارة المصرية القديمة، وتمثل تعليقى فى سؤال عن إمكانية أن تكون حضارة كبيرة كالحضارة المصرية قد مارست القمع، فأجابنى بأنه ليس هناك قمع، بل عقيدة يلتزم بها الجميع. 



اخترت هذا الموقف لإثارة السؤال حول المفاهيم التى نتلقاها من الغرب عن الديمقراطية باعتبارها الوسيلة الوحيدة للنهضة. وكيف أننى تبينت أن هذا واحد من الأوهام التى عشناها كجيل رومانسى لم يطلع بشكل ناضج على تجارب أخرى مهمة حققت النهضة مثل الصين وسنغافورة والهند وغيرها. وأكرر أن ذلك لا ينطلق من الانحياز للديكتاتورية كما قد يفهم بعض من يفكرون بثنائيات الحلال والحرام. 

ولمزيد من التوضيح أقول: يتصور البعض أن نقد الديمقراطية كفر ثورى وحرام إخوانى، والحقيقة أن نقد الديمقراطية ليس فقط مشروعًا وحلالًا، بل وضرورى جدًا لفهم ما يحدث فى العالم.

ونقد الديمقراطية ليس، ولا يمكن أن يكون، انحيازًا للديكتاتورية أو ضد التعددية، بل دعوة لمراجعة أفكارنا، وهو ما يفعله الغرب فى معقل الديمقراطية التى يواجه الغرب على ما يبدو وتحت شعارات الديمقراطية أزمات عديدة.

وأعود للمقارنة بين نموذجى الهند والصين، فالهند على سبيل المثال تحولت من دولة فقيرة إلى سابع أقوى اقتصاد فى العالم، وقللت من نسب الفقر كثيرًا ولكنها، لم تتمكن من القضاء على الفقر حيث يمثل عدد الفقراء فى الهند ثلث عدد السكان البالغ تقريبًا مليارًا و300 مليون نسمة. 

لكن الهند بفضل نظامها الديمقراطى تمكنت من فرض مفاهيم التعددية لدولة تعرف بأنها شبه قارة تضم عشرات اللغات والإثنيات والأديان التى يدين بها الشعب الهندى، أقول: استطاعت عبر هذا النظام تقليل حجم التداعيات التى تولدت من التعددات، والتعصبات والاختلافات الموجودة فى المجتمع الهندى، لكنها لم تتمكن من القضاء على التعصب، وهو ما يتجلى راهنًا فى الصعود اللافت للتيار القومى الهندوسى وعملهم الدؤوب للتمكين للقوميين الهندوس فى البلد على حساب الديانات والقوميات الأخرى، خاصة المسلمين.

أما فى الصين، وقد تعرضت لعدد من المراحل التاريخية التى أثرت وأضعفتها اقتصاديًا حتى بداية السبعينات، ففى عام 1978، بلغت قيمة صادرات الصين 10 مليارات دولار فقط، أى أقل من 1 فى المئة من حجم التجارة العالمية. ولكن فى عام 1985، بلغت قيمتها 25 مليار دولار، وبعد عقدين فقط ارتفعت قيمة الصادرات الصينية إلى 4,3 تريليون دولار مما جعل الصين أكبر دولة مصدرة للسلع فى العالم.

كما أعلن البنك الدولى أن أكثر من 850 مليونًا من الصينيين تمكنوا من الخروج من دائرة الفقر، وأن البلاد تسير حثيثًا للتخلص من الفقر بشكل كلى بحلول عام 2030.

وفى الوقت ذاته، تسارعت مستويات التعليم بشكل هائل. ويتوقع بنك ستاندارد تشارترد أن تكون 27 فى المئة من القوة العاملة فى الصين تحظى بتعليم جامعى بحلول عام 2030، وهو معدل يساوى وضع ألمانيا الآن. فتأمل! 

وللحديث بقية.