السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
العمل من البيت .. وباء جديد!

بلاد برة

العمل من البيت .. وباء جديد!

«العمل من البيت»..



فكرة انتشرت كظاهرة عمت بريطانيا خلال فترة الخوف من تفشى وباء كورونا، لكنها استمرت حتى الآن بعد أن خفت وطأة الوباء.. 

وأصبحت هى نفسها وباءً جديدًا.. امتدت آثاره لتشمل ضعف الإنتاجية وهبوط سرعة تلبية احتياجات الجمهور إلى الثلث!

 

وقد سمح للموظفين بالعمل من المنزل وقتها لتفادى التعرض لعدوى كورونا. لكن الكثيرين «استحلوا» ذلك ولم يعودوا للعمل من مكاتبهم كما كان الحال قبل كورونا، ورغم انحسار الوباء فشلت الحكومة البريطانية فى إعادة موظفيها للعمل فى دواوينها.

وترتب على ذلك تقصير كبير فى الخدمات وتقصير فى مواجهة الأزمات، فبينما كانت عملية استخراج جواز سفر جديد تستغرق ثلاثة أسابيع فى المتوسط، قبل كورونا، أصبحت الآن تمتد إلى عشرة.

ولتحديد موعد اختبار قبل الحصول على رخصة قيادة سيارة أصبح على المتقدم أن ينتظر 16 أسبوعا، وليس ستة أسابيع فقط. وأصبح على ورثة من توفى أن ينتظروا أربعة أشهر قبل أن تنتهى الإجراءات البيروقراطية لتسلمهم الميراث والأوراق الرسمية، وكانت العملية لا تستغرق أكثر من شهرين. 

 

ريشة: أحمد جعيصة
ريشة: أحمد جعيصة

 

36 ساعة تأخير!

وقس على ذلك خدمات أهم مثل سيارة الإسعاف التى أصبح تأخرها عن الحضور الفورى لإنقاذ المريض مضرب الأمثال وبلغ فى بعض الحالات 36 ساعة تأخيرًا.

وهكذا زاد معدل البطء فى تحديد مواعيد تلقى المرضى للعلاج والعمليات الجراحية، ليبلغ حدودًا يموت معها المريض فى بعض الحالات قبل أن يحل موعد عمليته.

ويقول «جو فينتر» مدير «حملة حماية دافعى الضرائب»: إن دافعى الضرائب يعانون من البطء الزائد الذى أصاب الخدمات فى كل مجال، بعد الزيادات الضريبية التى لم يسبق لها مثيل منذ 70 سنة، فإذا كان الموظفون غير قادرين على القيام بأعمالهم على الوجه السليم من منازلهم فيجب أن يعودوا إلى مكاتبهم.

وزاد الطين بلة أن بريطانيا تشهد منذ شهور حركة إضرابات شملت العديد من قطاعات العمل قام بها عمال السكك الحديد ومترو الأنفاق والممرضات والأطباء الشباب والمحاضرون فى الجامعات والمدرسون وموظفو جوازات السفر.. والكل يطالب بزيادة فى الأجور تتناسب مع زيادة الأسعار.

وفى الفترة الأخيرة كشف غياب الموظفين عن العمل من مكاتبهم عن فشل ذريع أصاب أجهزة وزارة الخارجية البريطانية التى يعمل أكثر من نصف موظفيها من منازلهم، فلم تتم مواجهة أزمة إجلاء المواطنين البريطانيين من السودان خلال الأحداث الأخيرة هناك على المستوى المطلوب، وكان التقصير واضحًا وأثار أعضاء البرلمان وكتاب أعمدة الصحف. وحتى أعضاء حزب المحافظين الحاكم.

وعندما واجهت أجهزة الإعلام الوزير بهذا التقصير لكون نصف موظفى وزارته يعملون من منازلهم قال إنه لا يهتم إن كان الموظف يعمل من بيته أم مكتبه أم من قلب الصحراء!

ما العمل!

السير «إيان دانكان سميث» هو زعيم سابق لحزب المحافظين الحاكم وهو صاحب أعلى صوت يندد بظاهرة العمل من البيت وآثارها الضارة على الاقتصاد والخدمات وهيبة الدولة، يقول:

لقد حان الوقت لأن تقوم الحكومة بمواجهة ظاهرة العمل من البيت، وأعتقد أن السماح للموظفين بالعمل يومين فقط من مكاتبهم يخرب الاقتصاد، وتضعف ثقة الناس فى أداء الحكومة كما أنها تحطم أجواء الحياة اليومية المحيطة بمكاتب العمل.. المحال والمطاعم والمقاهى وصناع الساندويتشات.

لقد انهارت الإنتاجية كما نرى، حيث لا يأتى الناس لأعمالهم ومكاتبهم، وهناك عوائق كثيرة تحيط بالعمل من البيوت.

أعضاء البرلمان من الحزب الحاكم يطلبون من الحكومة أن تواجه الأمر بحزم حتى لا تتهم بالفشل فى دعم الاقتصاد والخدمات، يقول «هنرى سميث»: المزعج فى الأمر أن هناك قطاعًا كبيرًا من العاملين فى الحكومة يبدو وكأنه لا يهتم بالعودة إلى العمل من دواوين هذه الحكومة، وكأننا ما زلنا تحت قيود العزلة فى البيوت التى فرضها تفشى الوباء وقتها!