الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
طيب وأمير.. «الكلاسيكى» يربح دائمًا

استراحة مشاهد

طيب وأمير.. «الكلاسيكى» يربح دائمًا

أن تقدم لجمهور 2023 عملًا مستوحى من تراث نجيب الريحانى وبديع خيرى، فهو تحدٍ يحتاج إلى شجاعة فنية وثقة فى الأدوات والمهارات المسرحية المتوافرة لديك، لكن المسرح الكوميدى بقيادة الفنان ياسر الطوبجى نجح إلى حد بعيد فى تلك المهمة، وكان أمينًا على تراث الكبيرين؛ الريحانى وخيرى، وقدَّم عرض «طيب وأمير» جامعًا بين الرسالة الواضحة الراقية والضحك الذى لا يتوقف، دون السقوط فى فخ الابتذال أو الاعتماد على ما يقوله الناس عبر منصات التواصل الاجتماعى، كما تكرر فى أعمال كوميدية عديدة. «طيب وأمير» ينطلق من نفس فكرة مسرحية «سلامة فى خير»، ويقترب من فكرة فيلم «صاحب الجلالة»، حيث أمير دولة سرسستان الذى يستعين بشخص بسيط ليقوم بدوره فى زيارة للقاهرة، حتى يعيش حياة طبيعية بعيدًا عن أبهة الإمارة، وفى الوقت نفسه ينجو من محاولة اغتيال، أما الطيب فقادته الظروف للفندق الذى ينزل فيه الأمير ووزيره وحاشيته لأنه تعرض لموقف عارض أثناء تسليم عهدة بمليون جنيه للبنك، وكان عليه الحفاظ على هذا المبلغ 3 أيام كاملة خلال الإجازة، فنصحه أحدهم بالإقامة فى فندق. أحدهم هذا هو الإضافة التى تحسب لأحمد الملوانى كاتب النص ومحمد جبر مخرج العمل، الشخصية أو «الحبكة» التى حرَّكت الأحداث، نظنه طول الوقت «الفضولى» أو «الحشرى» لكنه كان بمثابة «القدر» الذى يغير مجريات الأمور، ويفكر بدلاً عن الموظف الطيب سعيد الذى وقع فى حيرة من أمره بعدما وجد نفسه مسئولاً عن مليون جنيه دفعة واحدة.



 

طيب وأمير
طيب وأمير

 

اعتمد العرض على فكرة الثنائيات وقدمها بنجاح كبير، بداية من ثنائية صاحب الشركة وابن شقيقه الفاشل الحانق على «سعيد الطيب»، ثم ثنائية سعيد والفضولى، وصولاً لموظف الفندق ومساعده، حتى الأمير ووزيره، والأمير وفتاة الاستقبال، والشرير وابنته، حتى ثنائية فرقة الاغتيال الكوميدية، كل هؤلاء تداخلوا مع بعضهم البعض ونجحوا فى إنتاج الضحك بشكل متواصل من الدقيقة الأولى حتى إسدال الستار، مع الاحتفاظ بالنهاية الريحانية التى نشاهد فيها الطيب يحصل على جزاء أمانته، عكس أعمال كثيرة نرى فيها الأشرار ينتصرون فى النهاية كما فى بعض مسلسلات رمضان على سبيل المثال.

المخرج محمد جبر بات اسمًا بارزًا فى معادلة المسرح المصرى خلال السنوات الأخيرة، لم يكتف بنجاحات المسرح المستقل، وها هو يؤكد جدارته عبر خشبة مسرح الدولة وفى أول عرض تحت إدارة ياسر الطوبجى وبإشراف خالد جلال دينامو مسرح الدولة الذى لا يهدأ. يعرف جبر كيف يحافظ على إيقاع العمل ولا يوفر فرصة دون إطلاق الضحكات، لكن أهم ما يحسب له فى هذا العرض هو حسن اختيار كل الممثلين، وإعطاء الجميع الفرصة للإضحاك والظهور دون ربط ذلك بالمساحة.

الفنان هشام إسماعيل ابن المسرح قدّم الشخصية باقتدار والتزام يحسب له، ولم يحاول ولو لمرة الخروج عن النص من أجل الاستحواذ على انتباه الجمهور، لهذا أحب الناس الشخصية وتعاطفوا معها وفرحوا لها فى النهاية، وتامر فرج يؤكد من جديد أنه ممثل كوميدى محترف، وساعدته الشخصية وقاموسها كثيرًا على ذلك، فيما كانت المفاجأة فى عمرو رمزى المقل فى تواجده كممثل والذى انطلق للأمام كثيرًا عبر شخصية الأمير.

وكالعادة يثبت أحمد السلكاوى أنه ممثل مسرحى مخضرم ولم يؤثر ظهوره فى النصف الثانى من المسرحية على تحقيقه الأثر المعتاد فى نفس الجمهور، وتثبت شيماء عبد القادر مجددًا أن غيابها المتكرر يحرم الجمهور من موهبة فطرية يجب أن تستغل، وكنت أتمنى مساحة أكبر لموهبة محمد يوركا. كما أجادت نهى لطفى فى شخصية الحبيبة، مع الإشادة بالممثلين الذى قدموا شخصيات «شريف» و«نعمان» و«مساعد مدير الفندق» و«الزوجة» و«الأم» ورجل العصابة، بالإضافة للممثل المخضرم مجدى عبد الحليم.

أخيرًا، قدم شخصية الفضولى بتميز «محمد جبر» فى العرض الذى شاهدته بسبب غياب طارئ لشريف حسنى، ما يدفعنى للذهاب مجددًا بعد ما وصلنى من إشادات بالطاقة الكوميدية الكبيرة التى يقدمها حسنى فى «طيب وأمير».