الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
وصباح الخير يا سيناء

وصباح الخير يا سيناء

كنت طفلة صغيرة حين تغنت الرائعة شادية بصوتها الرائق المتفرد بأغنية مصر اليوم فى عيد، أتذكر تلك السنوات الأولى من عمرى وأنا شديدة الإعجاب بصاحبة هذا الصوت الذى بات يداعب أذنى إلى الآن، وكان أداؤها الحركى وتفاعلها مع كلمات الأغنية لافت، بكل شموخ وكبرياء، وإحساس بتحقيق استكمال النصر وتبعاته فيملأ صوتها المبهج بجرس موسيقى يصعب نسيانه، هذه الذكرى ظلت تعيش فى وجدانى وحفرت فى مخيلتى، وحفزت واستدعت الروح الوطنية داخلى فى هذا العمر المبكر، ربما لأننى من أسرة عسكرية تعى تمامًا قيمة وقدر هذا الوطن، ونشأنا على قبول التضحية من أجله مهما كلفتنا، وكنت أشعر بزهو وفرحة والدىَ باستعادة أرض سيناء يوم الخامس والعشرين من إبريل عام 1982، الذى أصبح عيدًا قوميًا نحتفى به لاستعادة تلك الأرض الغالية، هذه البقعة المروية بدماء وشهداء خيرة جنودنا وضباطنا وأبناء مصر كافة، هذا الفضاء الأرضى المبارك، رقعة تتمثل فى شبه جزيرة لكنها أغلى حيز على وجه البسيطة، والتى تشهد تجلى رب العزة على جبل الطور ليكلم نبيه موسى عليه السلام.



ولم تكن طبيعة تلك الأرض كغيرها صماء وإنما تنطق جمالًا وإبداعًا من صنع الخالق، فأستشعرها جنة الله فى أرضه، تتعانق فيها الجبال الشامخة المعبرة عن عظمة وجلاء، مع السماء الصافية وزرقة البحر بدرجاته، فتمتع الناظرين بسحر التكوين الإلهى. ليس فقط هذا ما يميز سيناء، وإنما حباها الله بثروات لا تقدر، فهى مترعة بخيرات لا أول لها ولا آخر، محفوفة بصنيعتها الخلابة فى كافة مدنها، لذا فهى قبلة الغزاة والطامعين، لموقعها الجغرافى الفريد واقتناص ثرواتها، لكن اهتمت بها الدولة وطالتها أيادى التنمية، وفتحت فيها المشاريع والاستثمارات لتتحول من بؤرة للإرهابيين فى السنوات الأخيرة لمصدر بديع أخاذ يشع طاقة إيجابية لمريديه. وأبناء هذه البلدة تسير فيهم الوطنية حتى النخاع، فهم بذور نقية طاهرة تخدم أصولها بمحبة ونزعة وفية، ورأيت ذلك فى الرجال والنساء، لأصدقاء كثر فى مقدمتهم بنت سيناء الدكتورة سهام جبريل النائبة السابقة والزميلة العزيزة فى المجلس القومى للمرأة، فهى لا تترك مناسبة وطنية أو قومية إلا وتسعى بمشاركتها لتؤكد على دور المرأة السيناوية التى شبت على الإيثار من أجل الدفاع عن وطنها، فهى رمز للبطولة والنضال هى وأسرتها. كذلك الدماء الذكية لشهداء الوطن فى حربنا الشرسة ضد الإرهاب، والتى عشت منها لحظات عصيبة لاستشهاد أحد أصدقائى وزملائى فى أكاديمية ناصر العسكرية العليا العقيد أحمد الكفراوى، حين استشهد فى واحدة من العمليات المفجعة فى بئر العبد، حادث صادم أليم كغيره من الحوادث التى اكتوت بها قلوبنا وراح ضحيته شباب يملؤه الأمل والحيوية، لكن نبض الوطن دائمًا يعلن صموده وانتصاره مهما بلغت التحديات.أرض مقدرة دفعنا ثمنها غاليًا وسنضحى من أجل أمانها واستقرارها واستدامة تنميتها. وستظل سيناء غالية على كل مصرى، يدرك أهميتها الاستراتيجية والسياسية، وستصبح سيناء أقوى بأبنائها ويبقى حفاظنا عليها دين فى رقابنا جميعًا. ومع إشراقة شمس كل يوم جديد نتذكرها بمحبة العاشقين ونناجيها بصباح الخير يا سيناء.