الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
المتحف البريطانى يحظر «مومياء»؟!

المتحف البريطانى يحظر «مومياء»؟!

كلمة «مومياء» التى توصف بها بقايا أجسام قدماء المصريين المحنطة منذ آلاف السنين، وتعرض فى توابيتها فى المتحف البريطانى منذ مئات السنين.. أصبحت عبارة محظورة!



فقد قرر خبراء المتحف منع استخدامها إطلاقًا، وغيروا كل البيانات المصاحبة لها فى أرجاء المتحف وكل مطبوعاته ودراساته وأوراقه الرسمية، مستبدلين العبارة الشائعة جدًا فى مختلف أنحاء العالم، بعبارة أخرى، بل أكثر من عبارة بديلة.

 

القرار الغريب أثار مناقشات واستفسارات، مع علامات دهشة.. وتساؤلات حول الأسباب التى أدت إلى هذا التغيير المفاجئ بعد مرور مئات السنين؟!

«ديفيد أبولافيا» أستاذ تاريخ منطقة البحر المتوسط فى جامعة كامبريدج، وصف هذا القرار بأنه غريب.

بينما قال «كريس ماكجفورن» رئيس حملة «التعليم الحقيقي» أن لعنة الفراعنة أصابت هؤلاء «الأكاديميين» بالجنون!

أما «جيرمى بلاك» مؤلف كتاب «تركة الإمبراطورية البريطانية حول العالم» فقال إنه عندما تفصل إدارات المتاحف نفسها عن الثقافة الشعبية الشائعة، تفقد القدرة على فهم كيف نستوعب نحن كلنا الكلمات ونفهمها ونعرف تاريخها ومعانيها.

وأضاف: «كان الأفضل لهم أن يركزوا على ترتيب محتويات المتحف بما يشجع كل الناس على زيارته، بدلًا من الانحناء لضغوط مجموعة صغيرة لا تمثل إلا أقلية محدودة».

وهو هنا يشير إلى انتشار ظاهرة غريبة فى أوساط الثقافة والإعلام تعتمد تغيير الكلمات والتسميات والعبارات الشائعة بدعوى إما إنها تمثل عصر الإمبريالية والاستعمار، أو إنها تنطوى على معانى عنصرية أو معادية للمرأة.

ويصل التطرف فى هذه الظاهرة إلى المطالبة بعدم الإشارة إلى أى إنسان بنوعية جنسه.. فلا نخاطب الرجل بعبارة «السيد» ولا المرأة بعبارة «السيدة».. فماذا نقول؟

اخترع هؤلاء المتطرفون فكريًا ويطلق عليهم وعلى لغتهم «أووك» كلمات جديدة بديلة لا يستعملها أحد.. وبلغ بهم التطرف حد المطالبة بوصف المرأة الحامل دون الإشارة إلى أنها أنثى!.. فيسمونها «الشخص الحامل»!

وامتدت هذه اللوثة لتصل إلى المتحف البريطانى وعدد آخر من المتاحف هنا فى بريطانيا التى تضم مجموعات ضخمة من الآثار الفرعونية والمومياوات، فغيرت هذه المتاحف بيانات التعريف الخاصة بالمومياوات المعروضة فيها لإلغاء كلمة «مومياء» واستبدالها بعبارات أخرى مثل «بقايا بشرية محنطة».

 

ريشة: أحمد جعيصة
ريشة: أحمد جعيصة

 

عمرها 400 سنة

وكلمة «مومياء» تعرفها بريطانيا منذ 400 سنة، فقد ظهرت سنة 1615 لكن البعض يرى أن لها تاريخًا أقدم يرتبط بعصر الاستعمار. وقد وجدت مومياوات عديدة طريقها إلى بريطانيا فى زمن الإمبريالية وفى العصر الفيكتورى حيث انتشر تقديم هذه المومياوات وعرضها على الناس فى المتاحف. وهكذا تحولت بقايا البشر الموتى إلى معروضات يتفرّج عليها البشر الأحياء!

وقال متحدث باسم المتحف الوطنى فى أدنبرة عاصمة إقليم أسكتلندا شمال بريطانيا أن المتحف رفع عبارة «مومياء» عن بقايا أجسام المصريين القدماء المعروضة فيه واستبدلها بكلمات مثل «بقايا بشرية».

  وأضاف: كلمة «مومياء» ليست غير صحيحة، لكنها تنطوى على إقلال من إنسانية الجسد المعروض لدينا، فنحن نريد احترام هذا الإنسان، ولذلك نستخدم عبارة «شخص محنط». 

وباسم «الاحترام» تم تبديل العبارة الشائعة والمستمدة من الكلمة العربية «مومياء» بعد مرور مئات السنين.   

ويقول المتحدث باسم متحف اسكتلندا: عندما نعرف اسم صاحب هذه البقايا نضع الاسم على بطاقة البيانات أو نكتب «بقايا رجل محنط» أو امرأة أو صبى إلخ.. لأننا نشير إلى إنسان وليس مادة للعرض.

وهو ما يعلنه المتحف البريطانى بالقول إنه يريد التأكيد للزوار أنهم أمام بشر كانوا أحياء يومًا ما.

  لكن من أين نشأت فكرة إلغاء عبارة «مومياء» واستبدالها بكلمات أخرى مختلفة؟

يقول «جو اندرسون» من متحف اسكتلندا إنهم اتبعوا ما رأته الدكتورة «مارجريتمايتلاند» خبيرة آثار المتوسط فى المتحف، التى كانت أول من وصف كلمة «مومياء» بأنها من بقايا العصر الامبريالى فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وقالت إن هذه الكلمة الآن تشير إلى الوحشية.

هل هذا ما تعنيه الكلمة عند كل الناس؟

 أم أن المسألة هى مجرد انصياع المسئولين عن المتاحف لظاهرة غريبة تفرضها أقلية مصابة بلوثة فكرية؟!