عبقريــة الإنســــان

«معرفة الآخرين حكمة، أما معرفة نفسك تنوير».

.. إنها مقولة للفيلسوف الصينى «لاوتزو»، وقد آمن بها الحكماء على مر العصور، بل إن اكتشاف الذات يؤكد عبقرية الإنسان التى تفوق حدود المنطق والخيال، حيث إن قوة العقل البشرى لا حدود لها كما يقول د. براسانا راو بانديلا الكاتب والباحث الهندى المتخصص فى علم النفس، الذى أصدر أربعة كتب منها ما تناول موضوع العيش سعيدًا، ومنها كتاب: «متعة الحياة» الصادر حديثًا عن دار الفاروق للاستثمارات الثقافية عن قسم الترجمة بالدار.

والكتاب يؤكد أن الحدود الوحيدة التى تقيدنا هى فقط تلك التى نضعها لأنفسنا، فقد خلق الإنسان ليكون فريدا من نوعه، وعليه أن ينقِّب عن ثروته الدفينة، وعما لديه من هبات إبداعية ومواهب وقدرات خاصة، ويذكر الكاتب أن رأس الإنسان يحمل بداخله مائة مليار خلية دماغية، والسعادة الحقيقية تنطوى على الاستخدام الكامل لقوى المرء ومواهبه، وقد جمع د. براسانا العديد من الآراء التى تؤكد هذا المعنى مثل قول الكاتبة الأمريكية أرديس ويتمان: «إن كون المرء نفسه يعد قوة طبيعية وإنسانية وكونية»، ويرى الشاعر الإنجليزى ييتس: «أن السعادة ببساطة هى النمو، فنحن نكون سعداء عندما ننمو فى كل مناحى الحياة».

فالسعادة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمعرفة الذات، والشخص الوحيد الذى يمكنه أن يجلب السعادة لحياتك هو أنت، لذا يقول «ديورانت»: «اشرب كأس الحياة المملوء بالكامل حتى نهايته، واشكر الله على ما فى الحياة من تحديات وعلى ما تهبه من جمال وحكمة وعمل وحب».

ويقول د. براسانا فى كتابه «ابدأ فى مشاركة نصيبك من السعادة مع الآخرين حتى وإن كان ضئيلاً»، فالمجتمع الذى يعيش على مبادئ الترابط والأخذ والعطاء هو الأكثر سعادة، والمرء الذى يسعى لمعرفة نفسه يلتقى بها، ويحاورها، ويثق بها سيعرف كيف يعيش.

ويتساءل د. براسانا: «ينتقل الأشخاص من مكان لآخر فى معظم الوقت على افتراض أن كل شىء فى الحياة يوجد فى مكان آخر»!

ويضيف: «من يرد أن يستمتع بالحياة يجب أن يتخلص من هذا السلوك»، فعلى المرء أن يكون سعيدًا حيث يكون، والوقت المناسب هو الآن، لنعِش فى الحاضر فلكل لحظة حداثتها الفريدة، وكما يقول الشاعر «كاليداسا» فى إحدى قصائده: «إن عيش اليوم بصورة جيدة يجعل كل أمس حلم سعادة، وكل غد رؤية أمل».

ومن أهم ما طرحه د. براسانا من رؤى حول تحقيق السعادة ومشاركتها مع الآخرين:

«السعادة هى فن تكوين باقة جميلة من الزهور المتاحة، فأى شىء صغير حولنا يمكن أن يُدخل علينا السرور، ويجعلنا سعداء».

كما يقول الكاتب الأمريكى بوب جودارد: «من يمنح السعادة لغيره، تكون السعادة مكافأته»، كما يقول الشاعر اللبنانى جبران خليل جبران.

أما الكاتب الروسى «ليو تولستوى» فيقول: «إن أردت أن تكون سعيدًا فكُن»