الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الجمال فى عالم «عبدالعال»

عرفت الفنان الكبير عبدالعال حسن ابن روزاليوسف عن قرب لسنوات. كنت أنتظر افتتاح معارضه لأكتب عنها، سواء فى صباح الخير أو خارجها، وكنت أستمع له، فقد كان فنانًا بارعًا وحكاءً رائعًا. وعندما كان يتحدث كنت وأصدقاؤه ننصت له، وبخاصة عندما يتكلم عن الفن سواء فى مصر أو فى العالم.



 

وصحيح أن الفنان الكبير رحل عن عالمنا فى عام 2021 ولكن أعماله ولوحاته بقيت بيننا، وفى عشرات المطبوعات، وعلى جدران المتاحف والهيئات المختلفة.

 

 

 

وأوائل الأسبوع الماضى نظم الفنان محمد طلعت صاحب جاليرى مصر بالتعاون مع زوجة الفنان الراحل وأبنائه معرضًا مهمًا للفنان عبدالعال بعنوان «عالم عبدالعال».

واللافت أن المعرض الذى احتشد بلوحات وبطلات عبدالعال واسكتشاته ضم أيضًا مرسمه ومحتوياته ليعرضها لجمهوره، فتجد المكتب الذى كان يرسم عليه أعماله ورقعة للشطرنج الذى كان يجيده، وكذلك الفرشات والألوان والموسوعات الفنية، والمطبوعات التى احتضنت أعماله، وعلى رأسها بالطبع مجلته الأثيرة «صباح الخير».

فى المعرض الذى حرص الفنانون ومحبو  عبدالعال على حصوره ستجد مجموعة متنوعة من الأعمال التى تجاوزت الثلاثين عملًا، فيها بصمة عبدالعال، وقدرته على تصوير المرأة بشكل أكثر جمالًا، سواء كانت سيدة مجتمع أو بائعة فى السوق أو فلاحة مصرية بسيطة، كما ضم المعرض مجموعة من الاسكتشات الرائعة التى رسمها الفنان عبدالعال فى المطبوعات التى عمل بها، والتى كشفت عن قدراته الفنية على التعبير بالرسم بجوار النص المكتوب ليضيف له حيوية وجمالًا.

 

 

 

وكثير من أعمال المعرض عرضت من قبل، والبعض الآخر يعرض لأول مرة، ولكن ما يلفت الانتباه أن كل اللوحات تتوهج وتكشف عن عالم أكثر جمالًا لفنان عشق فنه وأخلص له.

والفنان التشكيلى الراحل عبدالعال حسن ابن مدينة بورسعيد ولد بها عام 1994، وعاش بها متأثرًا بالبحر وألوانه، متشربًا تفاصيله من المراكب والقوارب التى يمتلئ بها ساحل مدن القناة،، وعاش فى مناخ رائع لطفل يعشق الفن، (حتى أنه فى الإعدادية تسلم شهادة تقدير من الرئيس جمال عبدالناصر، قبل العدوان على بورسعيد ومدن القناة).

عاش عبدالعال التهجير، وعايش أجواء الحرب، وبعد حصوله على الثانوية العامة انتقل للعيش بالقاهرة وحصل على بكالوريوس الفنون الجميلة بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف بقسم الزخرفة، الاسم القديم لقسم الديكور الآن. 

وتحكى الكاتبة دينا توفيق زوجة الفنان عبدالعال «عندما جاءه التعيين لوظيفة فى إحدى الإدارات الحكومية، رفض الالتحاق بها وتوجه إلى مجلة صباح الخير التى اعتاد على مراسلتها وكان قارئًا نهمًا لها، وعند التحاقه للعمل احتضنه كل من الفنان الكبير حسن فؤاد والكاتب الكبير لويس جريس فى تلك البدايات، وتتلمذ الفنان الشاب على أيدى عمالقة الفن التشكيلى مثل الراحل جمال كامل.

وتضيف دينا: «استطاع عبدالعال فى فترة وجيزة أن يصبح فنان الغلاف الذى تتألق به صباح الخير أسبوعيًا بألوانه الباذخة، وتلك اللمسات وضربات الفرشاة التى تمنح لوحات أغلفته للموديلات الجميلات ألقًا خاطفًا، ويلمع اسم عبدالعال منذ ذلك الحين فى منتصف السبعينات كفنان بورتريه من طراز فريد، ويبرز نجمه كفنان تشكيلى لا يشق له غبار فى الثمانينات والتسعينات والألفية الجديدة وحتى عام 2013 آخر عهده بالفرشاة والألوان حين فقد بصره ولم يفقد بصيرته».

 

 

 

وبحب تقول دينا توفيق: «عبدالعال عاش ليرسم، وقد مجدت وخلدت فرشاته وألوانه المرأة المصرية عبر مشروعه الثرى فى فن البورتريه المعاصر، وكأنه يصنع سجلًا جغرافيًا لتاريخ المرأة المصرية شمال وجنوب مصر وشرقها وغربها، ويجوب أسواقها وحقولها وأزقتها وشواطئها وشوارعها بعيونه يسجل جمالها وشقاءها وملامحها فى كل أوقاتها ولا يغفل ثيابها وحليها». رحم الله الفنان الكبير عبدالعال بقدر ما منحنا من جمال.