الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

فى عيد ست الحبايب

«نون النسوة».. وميم الأمومة

فئات مختلفة، وشخصيات مؤثرة إلا أنها ليست شهيرة، لهن أدوار فاعلة فى المجتمع، وخلق أجيال سوية، قادرة على التفكير والإبداع، غير متواكلات أو محملات تقصيرهن على شماعة الظروف. 



هن سيدات يستحققن إبراز دورهن وعطائهن، كنماذج مشرفة يحتذى بهن، سواء فى العمل العام أو تغيير مسار الحياة الاجتماعية، فاستحققن «وسام الاحترام» بجدارة.

تملأ حياتهن قصص من الكفاح والصمود، ساعيات لأهداف سامية، عبر رسائل عملية أو تعليمية، تقودهن لطريق الغاية.

لا تعرف المستحيل

محاربة من الدرجة الأولى من أجل الوصول لهدفها، سلاحها العلم والصبر والإيمان بالله، والتحدى أهم سمات حياتها، وأبناؤها وزوجها هم الداعمون لها فى مسيرة كفاحها، على قدر عال من الوعى والثقافة، مخططة من الطراز الرفيع، استطاعت تكوين أسرة ناجحة، وأبناء يقدسون الحياة العلمية والعملية، تحملت الكثير من أجل المشاركة فى تأسيس النقابة العامة للعلوم الصحية.

هى الدكتورة منى السيد حبيب، الأمين العام لنقابة العلوم الصحية، تخطت عامها الخمسين، بدأت رحلة كفاحها منذ أن كانت فى المرحلة الثانوية، وتحويل مسار تفكيرها وحلمها من الدراسة بإحدى كليات اللغات، أو أن تصبح أستاذة جامعية، إلى الالتحاق بالمعهد الفنى الصحى، الذى لم يكن لدى خريجيه نقابة تجمعهم فى بداية الأمر، ولا هو مجال مؤهل لاستكمال الدراسة.

وتخصصت فى المختبرات الطبية، وبالفعل بعد أن تخرجت وتسلمت عملها بالإدارة الصحية بالمنصورة, حدث لها موقف كان الفارق فى حياتها، كانت كلمات وجهها لها معلمها الذى ذهل من وجودها بالصحة، وكان يتوقع لها منصبًا مهمًا.

 

 

 

تأثرت وأبكتها الكلمات ما جعلها تعيد النظر فى حياتها العملية والعلمية ووصلت إلى أن قدراتها لا يجب أن تتوقف عند هذا.. وصلت إلى يقين بأن أحلامها تستحق الكفاح أكثر من ذلك وخططت لهدفها وهو أن تستكمل تعليمها، وتؤسس نقابة للعلوم الصحية.

وبدأت مرحلة جديدة فى حياتها عام 2009، كانت فيها أمًا لـ 4 أبناء تخطو خطوتها الأولى نحو تحقيق هدفها لتأسيس النقابة، والتى شاركت فيها مع عدد من الطامحين لنفس الحلم بتجميع استمارات من الفنيين الصحيين.

وتحملت ضمن مسئوليتها الـ 19 مركزًا التابعين لمحافظة الدقهلية، عانت خلالها كثيرا، وتعرضت لهجوم من نماذج محبطة، وضغوط كثيرة، إلا أنها لم تيأس، واستمرت فى العمل.

تم الإعلان رسميا عن تدشين النقابة العامة للعلوم الصحية بمقر نقابة الصحفيين، وبعد أن تمت أهم خطوة فى تحقيق هدفها، بدأت استكمال الدراسة وتخرجت فى كلية الحقوق، ثم حصلت على ماجستير اقتصاد سياسى، إلى جانب الدراسة ببكالوريوس المختبرات الطبية، ثم الحصول على درجة الدكتوراه فى الاقتصاد السياسى، ودبلوم فى الكيمياء الحيوية الطبية، ثم دبلومة مكافحة العدوى.

وتزامنت تلك الدراسات مختلفة التخصصات جميعها فى توقيت واحد من عام 2012 وحتى 2022، بخلاف دورها كزوجة وأم.

بالتوازى كانت تسعى إلى توفيق أوضاع النقابة التى كانت حديثة التأسيس، وتم بالفعل توفيق أوضاعهم حسب القانون الجديد فى عام 2018، على يديها وبإصدارها لتأسيس 26 نقابة فرعية بالمحافظات، وأسست 26 أمانة عامة، حيث انتخبت أمينا عاما للنقابة العامة لدورتين متتاليتين، لتصبح أول سيدة فى النقابات العامة فى منصب «أمين عام».

بالتوازى أيضًا استطاعت أن تصل بأبنائها لدرجات علمية عالية، تخرجت الابنة الكبرى فى كلية الصيدلة وتزوجت، والابن الثانى خريج تجارة إنجليزى، وآخر العنقود توأم بكليتى التجارة والآداب إنجليزى.

تربيتها قائمة على حب العلم والثقافة وحرية الاختيار، وقدمت نصيحة ربت أبناءهم عليها وهى «ليس هناك شىء مستحيل» تقول: «اليوم به 24 ساعة إذا أحسنت تنظيمهما، سوف نجد الوقت لإنجاز أعمال أكثر مما تتوقعها».

رسالة عطاء

واحدة من الشخصيات اللاتى كان لها نصيب من اسمها, هى «رضا صابر»، التى تمتهن التمريض منذ 28 عاما، عشقت مهنة «ملائكة الرحمة»، حيث عطاؤها المستمر، ومساعدة الآخرين، وخاصة المرضى بسبب ضعفهم واحتياجهم للمساعدة.

تدرجت حتى تولت منصب رئيس التمريض بأحد مستشفيات هيئة التأمين الصحى، بجانب عملها الإنسانى فى قسم العناية الفائقة.

تقول: «تعاملت مع الكثير من المرضى، وخاصة من كانوا يعانون من فقدان الوعى، وكانت سعادتى فى تمريضهم والتحدث إليهم، مع يقينى بأن بعضهم قد يكونون فاقدى الوعى وغير مدركين لما حولهم، ولكن مساعدتى قد تشعرهم بعدم الوحدة، وتعطيهم الأمل فى تلقى العلاج، الذى هو طريق الشفاء».

أحبت عملها، حيث تعتبره خدمة إنسانية من الدرجة الأولى، مما كان دافعا لتفانيها فيه، كانت تحاول دائمًا تغيير الصورة الذهنية عن مهنة التمريض، والتى أكدت أنها غير سليمة أحيانا، فكل مهنة بها من يخطئ ومن يصيب، والتمريض يحمل الرحمة والإخلاص، وهو ما تحاول دائما غرسه فى أقرانها، بل وتعميق سبل نشر رسالتها عبر دراسة مجال جديد أوسع انتشارا.

الإعلام كان غايتها، فى البداية وانطلقت لدراسته عام 2013، حيث رأت أنه السبيل الوحيد لتغيير نظرة المجتمع فيما تسبب فيه بعض العاملين بالتمريض وبدراسة المجال الجديد، يمكنها من الخروج والحديث لجميع فئات المجتمع، بل ونظمت محاضرات تثقيفية لزملاء عملها، عن كيفية تحسين الصورة الذهنية عن مهنة التمريض». 

بدأت الدراسات العليا، وتم نقلها من مستشفيات التأمين الصحى إلى الصحة المدرسية، فحاولت غرس معانى العطاء، وحب الخير، وتقديم المساعدة فى الأجيال الجديدة، وإكسابهم القيم والأخلاق، وبعد تسوية حالتها الوظيفية أصبحت أخصائى علاقات عامة.

قالت إن تغيير مسارها التعليمى والعملى، فإن هدفه نشر ثقافة الرحمة، وخاصة لأكثر الفئات ضعفا وهم المرضى. 

 

 

 

إدارة للذات 

التربية والتعليم دائمًا مرتبطان ببعضهما البعض.

وفى هذا المجال هذه قصة سيدة مصرية من ذلك النوع المعهود فى تحدى الصعاب، واستمرار الكفاح نحو حياة كريمة لأسرتها وأبنائها لتخرج للمجتمع مواطنين صالحين بقدر عالى من التفكير هى باحثة الدكتوراه جيهان رفعت.. هى امرأة محبة للثقافة.. وتعلم وتتعلم.. لديها من الملكات التى جعلتها أمًا لـ3 أبناء فى فئات عمرية مختلفة، بين المراحل الجامعية والثانوية والإعدادية، إضافة إلى تفوقها فى المجال الأكاديمى إلى جانب عملها بالتدريس وهى أخصائى إرشاد أسرى ونفسى وتعديل سلوك أطفال.

محطات حياة جيهان رفعت، بدأت منذ أن تخرجت فى كلية التجارة، واستكمال الدراسات العليا، حتى تزوجت وأصبحت أما تتحمل مسئولية أسرة.

وكان عليها الاختيار بين عملها وتربية أولادها، وكان الحل الثانى أنسبهم بعد تفكير وبكل رضا، موضحة أن هناك من يستطيع القيام بمهامها فى العمل، وليس هناك من يقوم بتربية أبنائها كما تريد.

نظرتها للتربية لا تقتصر على الاحتياجات الأساسية من طعام وشراب وملبس، ولكن التربية هى أن تعلمهم كيف يتعلمون ويفكرون، ليصبح لديهم العقل الواعى المستنير الناقد، تعطيهم حرية الاختيار وتحمل المسئولية، تشاركهم فى جميع مشاكلهم وأفكارهم وتناقشهم، للوصول لنتيجة صحيحة تتفق مع الأخلاق والقيم المجتمعية والدين.

كان لدى جيهان موهبة التدريس.. لتبدأ استكمال دراسات عليا فى مجال التربية، وهذا ما جعلها تخوض فى مجال أكثر تخصصا وهو الإرشاد التربوى والنفسى، وأثناء ممارستها لمهنة التدريس اكتشفت الطلاب الذين يعانون من صعوبات التعلم «ذوى احتياجات خاصة»، وهو ما أثار فضولها، وقامت بشراء الكتب للتعرف على كيفية التعامل مع تلك الفئة الخاصة من الطلاب بشكل أفضل، لتساعدهم فى التعلم والقدرة على توصيل المعلومات لهم حتى لا يتخلفون عن أقرانهم».

استمرت فى دراستها مع العمل إضافة إلى مهامها كأم دون كلل أو ملل، وكانت القراءة هى الصديق الأول لها فى حل المشكلات وتربية أبنائها بشكل سليم وسوى، مع حرصها الشديد ودعمها الذاتى لنفسها، فخاضت مجالا جديدا وهو الصحة النفسية والإرشاد الأسرى وتعديل السلوك، حتى تستطيع فهم معرفة التطور النفسى لأبنائها، وكيفية التعامل مع مشكلاتهم بشكل علمى وعدم الاكتفاء بالخبرات أو الإحساس، وباتت تسير وتجاهد فى جميع الجبهات التى تنتظرها فى وقت واحد، وأصبحت فى عالم موازٍ للحياة الطبيعية.

الإرشاد الأسرى أهم المحطات التى وجدت فيها نفسها، وكان الصبر والتحمل حليفها للوصول، والسؤال الدائم لها كان: كيف تعملين بمجال الأسرة ولم تستمرى فى زواجك؟ 

وروت بكل بساطة بأن العلاقة الزوجية طرفان، ولا بد من حرصهما معا على إنجاحها، لأنه عند حرص طرف واحد بشكل دائم على الحفاظ على الأسرة وتجاوز الكثير من المشكلات، ومع استمرارية ذلك يجعل الطرف الثانى يشعر بأنه مضمون ولا يمكن أن يتخلى عن الأسرة، ولكن مع كثرة الضغط وبمرور الوقت تفقد الأسرة هذا التماسك لاختلاف احتياجات الطرفين، ولذا كانت دائما حريصة على عدم التقصير حتى وهى بمفردها، للحفاظ على سلامة أبنائها النفسية، فأصبحت الأب والأم فى نفس الوقت.

فخر لأولادها

دعاء السيد فى الأربعين من عمرها، تخرجت ابنتها الكبرى فى كلية الهندسة، والابن الأصغر بالمرحلة الجامعية.

وهى لهم الأم والأب، والسند والداعم الأساسى فى حياتهم، بعد أن تركها الزوج وحيدة لعدم قدرته على تحمل المسئولية.

تخرجت فى كلية التربية الفنية، حيث تتمتع بذوق رفيع وحس فنى وموهبة الرسم.

وكانت من أوائل دفعتها ما أهلها للتعيين بالحقل الأكاديمى فى ذلك الوقت كانت أمًا حديثة خلال رحلتها حرصت على أن تكون صديقة لأبنائها، وتتبع أساليب جديدة فى التربية، حتى تجد فيهم ما لم تستطع تحقيقه لذاتها، وكان هدفها الأول أن يفخر بها أبناؤها.

إلى جانب دورها كسند لأبنائها وعملها، استطاعت أن تستكمل دراستها العليا وعندما حصلت على الماجستير، قال لها ابنها «أنا فخور بكِ يا أمى»، تقول:

وقتها شعرت بزوال كل التعب فى رحلة كفاحها معهم، واستطاعت تحقيق ما سعت إليه «فخر أبناؤها بها»، ربتهم على العلم والأخلاق والفضيلة، الوصول بهم إلى بر الأمان وأصبح صغيرها هو رجل البيت، والآن تنتظرها أيام قليلة على مناقشة رسالة الدكتوراه.