إحسان

إبراهيم محمد عامر - ريشة: نسرين بهاء
يتزوج أحمد من إحسان بعد قصة حب طويلة وشهيرة. كانا زملين منذ مدرسة الابتدائية وحتى الجامعة. وإلى وقت زواجهما والحارة كلها تقول: أحمد لإحسان، وإحسان لأحمد.
رفضت أمها فى بادئ الأمر، وقالت لأمه:
• دة لسه متخرج. قدامه جيش وشغل ولسه ياما..
تعود الأم منكسرة غاضبة لأحمد. يبكى أمامها، فتبكى لأجله.
يلعب الحظ لعبته، فتنمحى العقبات من طريق أحمد عقبة عقبة.
فى خلال سنة كان قد استقر به الحال فى وظيفة لدى إحدى الشركات مندوبا للبيع، بعدما نال تأجيلًا من التجنيد لمدة ثلاث سنوات.
وتقدم ثانية، فرفضت الأم مرة أخرى.
قالت فى لؤم:
• جاى لها حد جاهز أكتر، لسه راجع من السفر، ودى زى أختك ترضى لها الأحسن أكيد؟
فصمت المسكين، وقام منكس الرأس.
لكن تدخلت إحسان هذه المرة، ورفضت العريس الثرى، وأعلنت أنها لن تتزوج سوى أحمد.
وأخيرا تم الزواج مصحوبا بفرحة من أهل الحارة جميعا.
لكن لم تمض الأيام سعيدة بالحبيبين.
لم تنجب إحسان بعد سنة. وسنة أخرى. وحين ذهبوا للطبيب، وأعلن أن السبب يتعلق بإحسان، تهلل وجه أم أحمد فرحا.
وحين عادا، انفردت بابنها قائلة:
• طلقها.
فنظر لها الابن مصعوقا، لا يكاد يصدق ما تقول.
كررت:
• أنا عاوزة أشيل عيالك قبل ما أموت.
قال فى أسى:
• لكن يا أمى، دى لسة هتتعالج.
ردت فى حدة:
• بفلوس علاجها تتجوز ست ستها.
نظر إلى وجه أمه، وجده صارما للغاية.
وتم الطلاق.
وذهبت إحسان لتقيم عند أمها من جديد.
لم يحتمل أحمد البيت ولا الحياة من غيرها، ففكر أن يردها، ويغضب أمه، فما كان منها ألا أن هتفت به:
• نسيت العذاب اللى وروه لك لما كنت تتقدم لها فى الأول.
ثم تردف مبتسمة:
• أنا لقيت لك واحدة إنما إيه. تقول للقمر قوم..
وكانت العروسة الجديدة أكثر جمالا فى الحقيقة من إحسان ذات الجمال البسيط الهادئ.
وتم الزواج فى سرعة، وأطلقت أم أحمد ليلتها أكثر من عشرين زغرودة متتالية حتى ظن الناس أن عقلها قد شت.
لكنها كانت ترفع رأسها بعدما تنتهى من كل زغرودة والأخرى نحو نافذة أم إحسان، المغلقة، وهى تتأكد أن الأم وابنتها قابعتان خلفها، تراقبان الفرح.
وأنجبت العروسة الجديدة طفلة. حملها أحمد فى سعادة، ولثم خدها. سألته أمه:
• هتسميها إيه؟
رد دون وعى منه:
• إحسان.
نظرت له كل من الأم والزوجة فى غضب، وهمت أمه بأن تحلف عليه، لولا أنه غضب وثار، وأقسم بألا يغير الاسم مطلقا!
ولما وجدت الأم عدم تضايق من جانب الزوجة الجديدة، فقد كانت فى الحقيقة أكثر تعقلا واتزانا. سموا المولودة كما أراد أبوها. والذى أحبها حبا كثيرا، وظل يلعب معها طول الوقت. ويشاركها حياتها البسيطة التى تتفتح أمامها يوما بعد يوم، وكان كلما أغضبها ممازحا، تبكى، فيهتف بها:
• حقك عليا يا إحسان، ما تزعليش منى يا حبيبتى.
ويلتفت فى حذر إلى حيث تكون زوجته، مبتسمة تدعى الرضا فى كل تصرفاتها..