الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
تحريض على الكراهية!

تحريض على الكراهية!

من المفهوم أن المجتمعات السوية والعقول التى تتمتع بالإدراك والنضج ترفض الإرهاب بكل أشكاله وأسبابه، وخصوصًا لو اتخذ من الأيديولوجيا أو الدين أو الفكر تقية لممارسة جرائم ضد المجتمع أو الدولة أو الأفراد. ولهذا خرج المجتمع المصرى فى 30 يونيه تأكيدًا لرفضه البات لتيار ثبت أنه لا يمتلك إلا محاولات لمنح جماعة من المجتمع تمييزًا عن باقى فئاته وتوهمهم بأنهم بانتمائهم لها قد امتلكوا صكوك الغفران والحق، وهم أبعد عن هذا كله بعد السماء عن الأرض.. وبعد 30 يونيه استنفد فصيل الإخوان كل ما  يملك من وسائل كشفت أنه لا يمتلك سوى التحريض على الكراهية، ودس السم فى العسل، وتبرير الجرائم التى يرتكبها أفراده باسم الدين، وجرائم أنصاره فى الدول التى شهدت حروبًا أهلية باسم الجهاد، ومخططات الغرب للسيطرة على مقدرات المنطقة باسم الديمقراطية.



كانت 30 يونيه كاشفة ليس فقط لانتباه المجتمع المصرى لأكاذيب هذا الفصيل، ولكن أيضا لأنه فصيل يعمل بلا كلل على انقسام المجتمع المصرى وضرب النسيج الاجتماعى وخلخلة مفاهيم الهوية الوطنية لدى الأجيال الجديدة، وهذه تعد جرائم يعاقب عليها القانون فى أى مجتمع، وليس المجتمع المصرى فقط.

وهذا ما تبيناه وتواجهه الدولة وفئات كثيرة فى المجتمع فى الوقت الراهن، لكنى لاحظت منذ فترة وجود تيارات أخرى جديدة، ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعى بشكل أساسى، ترفع شعارات قومية وطنية، وتدعم هوية تسميها هوية مصر النقية، وتربطها بالتاريخ المصرى القديم، وهذا كله رائع وجميل، ولكن عند البحث فى التفاصيل سنجد أن هذه الجماعات فى الحقيقة تقوم بدور خطير يتمثل فى إثارة نعرات عنصرية ضد الآخر غير المصرى، وتحرض على السوريين المقيمين فى القاهرة، من أهلنا وأشقائنا، وتستغل ظاهرة مثل «الأفروسنتريك» وهى ظاهرة تستحق التوقف والانتباه، لكن الرد عليها لا يمكن أن يكون من خلال إظهار العنصرية أو التعالى على العرق الإفريقى، وخاصة أن جانبا أساسيا من الهوية المصرية هو الجزء الأفريقى.

جانب آخر من هذا الفريق أيضا يقوم بشحن المجتمع ضد العروبة، ويزعم بعضهم أنهم ضد الإرهاب والإخوان وبالتالى فكثير منهم يعلنون إلحادهم، وفى المقابل لديهم خطاب كراهية تجاه الأشقاء العرب، خصوصا المقيمين فى مصر، وضد الأفارقة. فهل يتصور البعض أنه باتخاذ مواقف تبدو مخالفة لمواقف أو توجهات جماعات الإسلام السياسى أنهم أصبحوا الفرقة الناجية؟ 

إذا كانت أكبر نتائج وآثار وجود الإخوان فى المجتمع المصرى هى سلفنة المجتمع ودعم الذهنية النقلية التى لا تقبل العقلانية أو التطور، والتحريض على الطائفية والكراهية، فإن الأثر الذى يمكن أن ينتج عن استمرار سلوكيات الجماعات التى ترفع شعار القومية المصرية وتبطن ممارسات لا يمكن أن، ولن، يختلف عن آثار خطاب الإخوان وممارساتهم.. فلا يمكن لأحد أن يتصور أن خطاب الكراهية مع الأفارقة سيكون له تأثير إيجابى على المصريين فى علاقاتهم بإفريقيا مستقبلا، ولا يمكن لخطاب الكراهية ضد الأشقاء العرب على أرض مصر ألا يؤثر سلبًا على العلاقات بين الشعب المصرى والشعوب الشقيقة. بالإضافة إلى إثارة خلافات داخلية أساسًا بين جموع الشعب،و خاصة أن الجيل الجديد أو الكثير منه مع الأسف يستمد معلوماته من فيديوهات ومعلومات غير موثقة بلا قراءة معمقة أو فهم.. هذه ظواهر بقدر ما تثير الريبة فيمن يقف وراءها بقدر ما تحتاج لمواجهة حاسمة، تعيد للعقل الجمعى المصرى نضجه ورشاده.