الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«فُكّك» من «المحبطين»

البدايات الصحيحة تؤدى إلى نهايات صحيحة ومُرضية، ورغم إخفاق البعض فى تحقيق أحد الأحلام أو الأهداف الشخصية، لكن يبقى «الحلم» مباحًا و«الطموح » مشروعًا، بشرط أن تتوافر العزيمة والإرادة، إذ ينصح الخبراء باستغلال البدايات الزمنية الجديدة، سواء بداية العام الميلادى أو العام الدراسى لتجديد الطموح، فكما يقال «طريق الألف ميل يبدأ بخطوة»، لكن لتبدأ الخطوة الأولى بشكل صحيح، فالأهم هو تحديد هذه الخطوة بدقة.



 

ويبدأ أسلوب تحقيق الأهداف وفق خطط محددة من الأهل نحو الطفل، بداية من عمر 8 سنوات، ففى هذه السن يكتسب الطفل العادات، ويتحول التخطيط وتحديد الخطوات إلى «سلوك نمطى» فى حياته مستقبلا.

فالنماذج الناجحة من الشباب فى جميع المجالات تعودوا على هذا النمط منذ بداية حياتهم العملية، بينما هناك نماذج رغم التخطيط تفشل فى تحقيق أهدافها. وهنا يأتى السؤال: لماذا فشلت فى تحقيق الهدف رغم التخطيط؟

تقول الدكتورة داليا أنور, دكتوراة الصحة النفسية - جامعة عين شمس: الهدف مجموعة من الإجراءات التى نسعى لتحقيقها خلال فترة زمنية محددة، لقناعتنا بأهميته وأثره فى مسيرة الفرد الحياتية.

والخطوة الأولى للنجاح هى تحديد الهدف بشكل صحيح، لأن «النجاح» فى حد ذاته إحدى صور الصحة النفسية والشعور بالذات والسعادة.

تضيف: أثبتت الدراسات أن الناجحين من يضعون خطة فى بداية العام ويلتزمون بها، بشرط أن تكون محددة وهادفة، فتحديد الهدف أولاً يساعد فى الوصول إليه، وثانيًا الحرص على قياس مستوى التقدم، لمعرفة مدى الاقتراب أو البعد عن الهدف، فالشعور بالاقتراب من تحقيقه ينعكس تلقائيًا بالسعادة الداخلية، وهنا ننصح بتسمية الهدف اسم العام، فإذا كان الهدف هو التخرج فيكون اسمه «عام التخرج» أو «عام السفر» أو «عام الترقى» أو «عام الماجستير»، وهكذا.

وأضافت: واجب التأكيد على ربط الهدف بخطة زمنية، حتى لا يتحول إلى «رغبة» أو «أمل»، وهذا معناه خروج عنصر «التفاعلية» أو «التطبيق» من خطة الوصول للهدف، وإلا سيفقد الفرد حماسه ويتخلى عن أهدافه.

دوّن أفكارك

لفتت الدكتورة داليا أنور قائلة: بعض الشباب يلجأون إلينا أحيانا بسبب تشتتهم وعدم مقدرتهم لكثرة الأهداف، وفى هذه الحالة ننصحهم باستخدام ورقة وقلم لتدوين الأفكار التى ترد على أذهانهم بالترتيب، وهذه الخطوة تنقل الفرد تلقائيا إلى القدرة على تحديد هدفه، من خلال تحديد أولوية الأهداف الواجب تحقيقها، التى تحتل الترتيب الأول فى الأهمية، ثم تأتى خطوة الأهداف البعيدة أو قريبة المدى».

وتابعت «أنور»: ننتقل بعد ذلك إلى آليات التنفيذ، أو «كيف أحقق هدفى»، وأشهر مثال يمكن تقديمه هو «كيفية تقليل حجم النفقات» من خلال تصنيف المشتريات المهمة أو الثانوية، وبالتالى شراء الضرورى وتأجيل الثانوية لفترة لاحقة».

 

 

 

وأكملت: أنواع الأهداف تختلف من شخص لآخر، فمثلاً توجد أهداف اجتماعية أو ذاتية، وتتسم الأهداف الاجتماعية مثل التطوع بانعكاسها فى صورة صحة نفسية جيدة، بينما الأهداف الذاتية مثل تطوير الذات أو تعلم وممارسة رياضة جديدة، فهى بطبيعة الحال تبعد الشخص عن السلوكيات السلبية، وهناك الأهداف الدراسية أو المهنية، ومنها الحصول على درجة علمية جديدة، أو الترقى فى مجال العمل.

ويعانى البعض من تكرار الفشل فى تحقيق الأهداف الكثيرة، ولهؤلاء تقول دكتورة الصحة النفسية: اعرف مواطن قوتك وحدد قدراتك جيدا، ثم اعمل على تطويرها وتنميها بما يتطابق مع هدفك، وهذا يمنحك شعورًا بالقدرة على وصولك لهدفك بجدية، الأمر الآخر أن هناك فروقًا فردية علينا أن نعترف بها، وهى موجودة حتى يكون هناك تعاون ودعم بين الأفراد المختلفين فى القدرات، ما يؤدى إلى خلق منظومة متكاملة وناجحة فى المجتمع.

أضافت الدكتورة داليا أنور: بالنسبة لمواصفات «الهدف الجيد»، فنحن ننتقل هنا إلى ما يسمى «الأهداف الذكية» ومن سماتها أنها: محددة وليست غامضة أو مبهمة، مثل من لديه رغبة فى أن يصبح مهندسا بينما مهاراته أو قدراته العقلية والحسابية لا تؤهله إلى ذلك.

تقول: فالنتيجة الطبيعية هى الفشل وبالتالى الإحباط، على كل فرد أن يضع لنفسه هدفا بديلا حتى لا يصاب بالإحباط، فإذا لم يتحقق الهدف الأول تكون هناك أهداف أخرى وأشهر نموذج لهذا يظهر مع نتيجة الثانوية العامة كل عام، حيث يتعلق البعض بطموح محدد ومجال عمل محدد لا يؤهله مجموعه لها، وبالتالى عليه توظيف مهاراته وقدراته فى كلية أخرى يمكن فيها تحقيق ما لم يكن يتوقعه!

الفجوة والمرونة

واحدة من أهم سمات ومواصفات الأهداف حسب الدكتورة داليا أنور هى: «أن يكون قابلا للتحقيق»، فالأهداف الخيالية يصعب الوصول إليها، هى استمرار تعلقه بأهداف بعيدة عن قدراته ستصل به إلى الإحباط واليأس حتمًا، لذلك نقول «الإنجازات الصغيرة.. تخلق الراحة النفسية»، فليس شرطا أن يكون الإنجاز ضخمًا، بل إن الأهداف المحققة طبقا لقدراتى تخلق رضاء نفسيا، ما يؤدى إلى «صحة نفسية جيدة».

المهم أن تقترن الأهداف بالدراسة لتجنب الفجوة بين الهدف وقدراتى، وهذه النقطة تحديدا لا يدركها كثيرون، وهنا نؤكد على ربط الهدف بخطة زمنية، وأقول لمن حدد هدفه وفق خطة زمنية ولا يستطيع الوصول إليه «عليك بتغيير الخطة»، وأيضا إحاطة نفسك بأشخاص إيجابيين يمكنهم مساعدتك على تحقيق هدفك، وفى الوقت نفسه لا تركز على هدف يصعب تحقيقه وتصر على الوصول إليه، لأنك ستحبط.

مهم المرونة فى تحديد الأهداف، بمعنى أن يكون لك أهداف أخرى بديلة، فالبعض يعتريهم الحماس فى البدايات ويرغبون فى تحقيق عدة أهداف بالتوازى، لكن المرونة ضرورية فى تقسيم الأهداف، وتجنب الأهداف الصعبة، إضافة لأهمية اختيار أهداف قابلة للقياس.

وأشهر مثال هنا: الطلاب الدراسون، نقول لهم ركزوا أولا على التفوق أو إنهاد مرحلة الدراسة، ثم فكر بعد ذلك فى مجال العمل أو الوظيفة التى ترغب فيها، وعندما تأتى مرحلة العمل حاول أن تبدع فيه لتتميز، وهذا ما نطلق عليه ترتيب الأولويات.

 

 

 

وهنا تشير الدكتورة «أنور» إلى أهم مرحلة عمرية لطفل من «سنة إلى 5 سنوات»، حيث يتعلم خلالها المبادئ والقيم ويتكون لديه نموذج القدوة، وهذه المرحلة تتطلب وجود رقابة لأن هناك مؤثرات خارجية تؤدى إلى التشتت.

فالطفل نناديه بالصفة التى يتمناها مستقبلا، يتكون لديه نوع من الحماس والثقة والاعتزاز بالنفس، وهذه الأهداف عندما نقرنها بالمراحل الدراسية تكون مثمرة وتخلق أو تنمى لديه القدرة والرغبة فى الإنجاز.

فالطفل لا يفهم معنى كلمة «هدف»، لكنه يتبع الخطة التى يضعها له قدوته، لأنه يتحول إلى ما يشبه البرمجة الذهنية.

وتنصح دكتورة الصحة النفسية الجميع بقولها: الإطار الاجتماعى مهم، فاحرص على أن تحيط نفسك أو تجعل إطارك الاجتماعى إيجابيا، وابتعد تماما عن الأفراد السلبيين أوالمحبطين. 

واختتمت الدكتورة داليا أنور بقولها: الهدف يمكن تقسيمه زمنيا، إلى مراحل شهرية، وإجراء التقييم بنسب محددة، كلما شعرت باقترابى من هدفی أو وصولى يمكننى مكافأة نفسى، بينما فى حالة انخفاض نسبة تحقيق الهدف فأنا بحاجة إلى إعادة النظر فى الخطة الموضوعة إما لوضع خطة بديلة، أو البحث عن أهداف أخرى تسمى «الأهداف المساندة» تساعد فى تحقيق الهدف الرئيسى.

وأخيرًا احرص على أن تترك بصمة فى أى مكان وهو ما نسميه «الأثر الطيب».