الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«بيت روز».. لستِ وحدَك!

مشهد من العرض
مشهد من العرض

كان حضورى لمسرحية «بيت روز» فى اليوم العالمى للمرأة.. اختيارًا موفقًا جدًا.. وذلك لأسباب عدة.



أولاً القصة.. حكاية لطيفة تشعر أنها جزء من حياتك والحوار جزء من حوارات يومية تدور بيننا على المقاهى وفى غرف الجلوس.. أو على شاطئ البحر بين ثلاث أو أربع صديقات.

تعرض المسرحية أربعة نماذج من البنات أو السيدات الموجودات فى مجتمعنا وبنفس التفاصيل.. نفس المشكلات.. نفس الألم.. نفس الضحكات  الموجوعة ونفس الدمعات المكبوتة!

 

عندما وجدت أن المسرح معد على أن يكون مكانا واحدا «one location» اعتقدت أننا من المؤكد سنصاب بالملل فى وقت من الأوقات.. رغم جمال الديكور وبساطته.

لكن خان العرض كل توقعاتى، لم أشعر للحظة بملل.. ببساطة لأن العرض والحوار والفكرة.. تتحدث عن كل واحدة منا.

أربع فتيات المتزوجة والمطلقة والوحيدة غير القادرة على إقامة علاقة عاطفية بسبب خجلها والأخرى التى أحبت وخذلها الحب.. كلها نماذج حقيقية.

 
 

 

 

 

المتزوجة الغاضبة من اليوم الذى تزوجت فيه، لكنها فى النهاية هى صابرة لأنها عرفت أن الحياة لا تعطى كل شىء.. وأن بها أيضًا عيوبًا كما بزوجها عيوب.. هو يقبلها كما هى وهى أيضًا.. وهنا تظهر معادلة الرضا.

والمطلقة.. مرة واثنتين.. لأنها تبحث وترفض التنازل.. ناجحة فى عملها لدرجة أجهدتها.. رفضت قيد الزواج لكنها قبلت قيد العمل دون أن تشعر.. رفضت تحكم زوج، ولكنها دون أن تشعر تحكم بها عالم الشهرة والمال.

والتى أحبت  وحلمت وخذلها حبيبها.. خذل نفسه قبل أن يخذلها.. أخذت  قصة الحب من عمرها عشرينياتها وتركها تواجه قسوة الثلاثينيات وحيدة مرعوبة من أن تلحق الأربعين وهى وحدها دون ونيس أو طفل! وهى تتمزق من الحيرة بين أن تحب من تانى أو أن تتزوج زواج صالونات!

والأخيرة الخجولة التى تخاف من الغد ومن الوحدة.. لكنها أيضًا تخاف من الارتباط.. تريد بيتًا وأسرة وحبًا، ولكنها تجد صعوبة فى تحقيق هذا الحلم. 

هذه الشخصيات  بالتأكيد ستجدين نفسك فى واحدة منهم وربما تجدين جزءًا من كل واحدة بداخلك.

فى النهاية تنتهى القصة بأن الرضا وأن تعيش يومًا بيوم هو الحل الأمثل حتى لا تضيع منك الحياة كاملة.

 

 

 

العمل المسرحى بديع من كل النواحى.. الديكور لهبة الكومى.. رقيق وبسيط وجلوس المشاهد وسط الحدث يجعلك جزءًا من العرض كمان هو العرض جزء من حياتنا، وجاءت الموسيقى لرفيق يوسف.. هادئة معبرة حساسة وساعدت بقدر كبير أن تخرجك من حالة لحالة.

وحقق  الإخراج  الحالة المطلوبة فى إظهار حساسية كل نموذج من نماذج العمل كإنسان، فاستطاع التعبير عن مشاعر المرأة بمنتهى الرقة.

الممثلات وهن خمس ممثلات وسأبدأ بأصغر دور.. الساقية أو «الويتر» مريم.. دور صغير، لكنها أدته بجدية وكانت مثالاً لهذا الجيل الذى يفكر اليوم بيومه، عملى لا يحمل هم الغد.

سالى سعيد.. قامت بدور سارة البلوجر الفيمينست.. ممثلة ذكية ملامحها معبرة.. استطاعت بسهولة الممتنع أن تنتقل بين الشخصية القوية الجبارة للشخصية المهزوزة المريضة  دون أن تشعر للحظة أن هناك أى «أفورة» فى الأداء.

منار التى قامت بدورها نادية حسن.. هى صاحبة قصة الحب الطويلة.. وكان المخرج صائبًا للغاية فى اختيار هذا الوجه الرقيق المناسب جدًا للدور والتى أدته هى على أكمل وجه.

 

 

 

نوران الذى أدته هاجر حاتم.. ممثلة أتنبأ لها بمستقبل باهر..  رغم قوة ملامحها، لكنها فى لحظة استطاعت أن تجبرنا جميعًا على البكاء.. ثم فى لحظة أخرى ضحكنا معها ثم عدنا وحملنا همها وهم رعبها من بكرة.. من الوحدة.. من اللحظة التى ستغادر والدتها الحياة  وتتركها.

أما أخيرًا.. الفنانة الخفيفة على القلب  سماح سليم.. ممثلة كوميدية من الطراز الأول.. وكما أضحكتنا.. جعلتنا فى بعض اللحظات أن نحزن معها.. استطاعت أن تمثل دور المرأة المصرية خفيفة الظل التى تحمل هموم الدنيا وتسخر من الحياة كلها.. تتألم وهى ترسم الابتسامة على وجه الجميع بصوتها العالى وتعليقاتها المحرجة الحقيقية، ولكن بطريقتها تجعلك تضحك ولا تزعل منها.. راضية بكل شىء.. ليست مغيبة كما يعتقد البعض، ولكنها واقعية ومضحية بمنتهى الرضا.

عرض يستحق المشاهدة فى مسرح كبير كمواهبهم جميعًا.

أتمنى أن يذهب كبار المخرجين لمشاهدة العرض لأنه حقًا كم من المواهب تستحق الاكتشاف.

اذكروا هذه الأسماء.. فسوف تتلألأ بعد عدة سنوات على شاشات السينما والتليفزيون.