السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
أسباب الحياة السعيدة.. لمن يعمل بها!

أسباب الحياة السعيدة.. لمن يعمل بها!

نحن ربما لسنا فى حاجة إلى نصائح الآخرين ـ بدءا من الوالدين ـ كما نقول ونردد أحيانا, إلا أن الانتباه إلى بعض النصائح وتأملها بتمهل فى أحيان أخرى قد يأخذنا إلى مرحلة فهم وإدراك أفضل بأهمية وضرورة تجارب الآخرين.. فنجد فى تلك الخبرات ما ينفعنا.



 

الدروس المستفادة التى تم استخلاصها من أقدم دراسة علمية نفسية من أجل معرفة ورصد أسباب السعادة ومكوناتها فى حياة البشر تنبهنا بأن احتضاننا للحياة بما فيها ومن فيها سوف يساعدنا بلا شك أن نعيش عمرًا أطول.. وأكثر سعادة!

ومناسبة التذكير بهذه الدروس هو صدور كتاب مؤخرًا بعنوان The Good Life الحياة الحسنة أو السعيدة.. يضم بين صفحاته الـ352 كل ما يخص مكونات أو مقاومات الحياة السعيدة التى يمكن أن تعيشها خصوصًا مع تقدم العمر إذا أردت ذلك أو عملت من أجل تحقيقه.. الكتاب من تأليف د. روبرت والدينجر أستاذ الطب النفسى بكلية طب جامعة هارفارد ومدير دراسة هارفارد لتمنية البالغين.. وشاركه فى إعداد الكتاب ـ عصارة الدراسة - الباحث الشريك د مارك شولتز.. وهذا المشروع البحثى المهتم بتنمية البالغين ـ حسب تسمية المشروع - بدأ عام 1939 مع حوارات مع أفراد بهدف تحديد وتوصيف المتغيرات النفسية والبيولوجية التى تحدث معهم ويستمر حدوثها على مدى سنوات النمو وصولاً إلى سنوات الكبر فى السن وكيف أن العلاقات مع الآخرين ومع مكونات الحياة المختلفة تساهم وتشارك فى تشكيل طبيعة الحياة التى تأتى فيما بعد.

 

 

 

صفحات الكتاب أو تجارب البشر تذكرنا بأنه بالنسبة للحياة السعيدة  الأمر لا يخص أو يقتصر على ما تملكه من مال وغنى أو ما قد حققته من شهرة وصيت، وإنما تتشكل (تلك الحياة السعيدة) بما قمت بنسجه خلال سنوات عمرك من علاقات صداقة حميمية مع من كان حولك.. بحيث صرت تشعر بأنك  لست وحدك حتى فى المحطات الأخيرة من مشوار حياتك.. ولا تنتابك كآبة الاكتئاب أو آلام الوحدة وفراق الأصدقاء.. وحزن العزلة عن أجواء الحياة من حولك..ومن داخلك.

الكتاب يقول لنا أيضًا: عليك  أن تحافظ على لياقتك الاجتماعية (مثلما تفعل مع لياقتك البدنية).. تلك اللياقة الاجتماعية النفسية الضرورية لتوطيد علاقاتك مع حبايبك اللى حواليك ولتعميق تلك العلاقات بحيث تساعدك على التعامل مع مستجدات حياتك.. وما قد تشهده أيامك من لحظات قلق وحزن وألم ومعاناة.

الأمر الآخر الجدير بالاهتمام هو أن تكون لك حياة ذات معنى وقيمة.. هذا هو ما يصبو إليه المرء أو يسأل عنها. والإجابة البسيطة لها وأيضًا المفاجئة فى الوقت نفسه هى أنها العلاقات الاجتماعية قبل كل شىء.. أن نحيط أنفسنا بالحبايب وأن نكون وسط تلك الدائرة الحميمة من الحبايب ـ أفراد الأسرة والأصدقاء، كما أن الأمر الذى يتم التأكيد عليه هو أن العناية بهذه العلاقات والمشاعر لها دور حيوى فى الحفاظ على صحتنا البدنية.. وانتبه بأن الوحدة تقتل.. أو تتسبب فى تقصير العمر مثلما هو الأمر مع التدخين وشرب الكحول.

بداية هذا المشروع البحثى كانت مع دراسة ممتدة وبحث مطول لحياة 268 من خريجى هارفارد ما بين دفعتى 1939 و1944. وقد صدر على مدى العقود الثمانية الماضية أكثر من كتاب ودراسة لشرح مفهوم وأسلوب هذه الدراسة الممتدة فى رصد مكونات الحياة البدنية والنفسية لمن شاركوا فى البحث العلمى النفسى مع الحديث من حين لآخر عما تم التوصل إليه. وبالطبع ذكر فى انتقاد مشروع الدراسة منذ البداية أنها اقتصرت على الذكور وعلى أهل مدينة بوسطن ـ حيث الجامعة.. وحيث حدث تطور وتغيير فى تركيبة التكوين السكانى للمدينة على مدى العقود الماضية. وقد ذكر تاريخيًا أن جون كينيدى الرئيس الأمريكى الأسبق وبن برادلى رئيس تحرير واشنطن بوست السابق قد شاركا فى هذه الدراسة.

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

 

د. والدينجر(72 سنة) مدير المشروع والمرجعية فى الحياة السعيدة تحدث منذ سنوات عبر منصة  تيك توك عما يمكن تسميته بوصفة الحياة السعيدة. شاهد الفيديو حتى الآن أكثر من 44 مليون مشاهد من جميع أنحاء العالم.

أن تستثمر حياتك فى العلاقات الإنسانية الاجتماعية.. هذه هى الوصفة لعناصر أو مكونات الحياة السعيدة التى نريد أن نستمتع بها.. ونريد أن تمتعنا وتأخذنا بين أحضانها!