الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الخلوق النبيل.. وداعًا نهاية مبكرة جدا يا أستاذ محمد

الخلوق النبيل.. وداعًا نهاية مبكرة جدا يا أستاذ محمد

يا صاحب النهايات المبكرة.. والأحلام غير المكتملة المحطمة على صخرة الواقع العنيد.



لله الأمر من قبل ومن بعد.. ولكل أجل كتاب صدقًا وحقًا.

وهاهى النهاية المباغتة تحمل ختاما يليق بها أيها المحترم النبيل، فكانت جنازتك المهيبة مظاهرة حب فى عيد الحب لرجل لم يقدم سوى حب واحترام ودعم وإنسانية ونبل لكل من تعامل معه كبيرا أو صغيرا.

رجل ترجل مبكرًا عن المناصب، ولكنه ظل يعتلى عرش وجدان كل من تعامل معه وترك رصيدا من الود والصدق يتحول إلى رحمات بمجرد ذكر سيرته.

سيذكر تاريخ مجلتنا العريقة «صباح الخير» بالتأكيد اسم «محمد عبدالنور» بحروف من نور ليس بصفته «رئيس تحرير مجلة صباح الخير» فحسب، فقد سبق أن اعتلي هذا الكرسى عظماء وعمالقة الكتاب، ولكن ما سيذكره التاريخ أن هذا الصحفي الشاب قد آمن بشعار العظيم «أحمد بهاء الدين» أول رئيس تحرير لمجلة صباح الخير ومبدع شعارها الخالد منذ عام 1956 وحتى الآن «صباح الخير.. للقلوب الشابة والعقول المتحررة»، آمن بالشعار وطبقه على أرض الواقع بكل حماس فى تجربة مكتملة الأركان، فقد احتفى بكبار الكتاب ومنح جيل الوسط المناصب والمراكز بصفتهم شركاء للتجربة وفتح أبواب المجلة للشباب محررات ومحررين تعلموا فنون الصحافة ومارسوها باجتهاد على صفحات مجلتنا.

كان يعاملهم كأبناء له ترفق بعودهم الأخضر واحتوى طموحهم وأحلامهم ساند وشجع وعلم فكانوا فعلا «أولاد عبدالنور» كما كان يطلق عليهم.

كان لى شرف العمل معه «كرئيس قسم ثم مساعد رئيس تحرير، ثم نائب رئيس تحرير».

منحنى مسئوليات متعددة وقبلها منحنى ثقته واحترامه حتى عند اختلافنا كانت مساحة التقدير المتبادل بيننا تسمح لنا بأرضية مشتركة نستكمل بها تجربتنا. كان لديه المقدرة الفريدة على أن يوحى للعاملين معه بأنهم شركاء تجربة وليس «رئيس ومرءوس».

«كتاباتك لا تعرف الحسابات أو المواءمات»، هكذا كان يصفنى مندهشا متعجبًا ضاحكًا مستنكرًا تارة داعمًا تارة أخرى.

ومع قيام ثورة يناير وتنحى مبارك استمر الربان فى قيادة سفينة «صباح الخير» رغم ما ناله من هجوم وتهديدات استمر فى موقعه شامخًا متحملاً لمسئولياته كاملة إلى أن حدثت التغيرات الصحفية بعد عدة شهور فترجل الفارس وسلم الراية للزميل الأستاذ محمد هيبة مدير تحرير المجلة فى عهده.

آخر لقاء بيننا كان قبل وفاته بأسبوعين تقريبا.. وكأنه كان لقاء الوداع، اتصلت به تليفونيا أدعوه لحفل تقاعد مدام ليلى «مديرة مكتب رئيس التحرير» وكان يعزها ويقدرها كثيرا ورحب بالحضور رغم أنه فى ذلك اليوم كانت لديه ارتباطات.

يومها أطل علينا بوجهه البشوش وكلماته المرحبة وجلسنا معا نتذكر مواقف باسمة وذكريات طيبة.

كان اللقاء الأخير يا أستاذ محمد.

وآخر صورة تجمعنا.. كنت ضاحكًا «مطمئنًا» مستبشرًا.

رحمك الله وأسكنك فسيح جناته.