السبت 16 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

{الطفل الدهبى} {syndrome}

 «متلازمة الطفل الذهبى» تطلق على الابن الذى تعتبره أسرته استثنائيا بطريقة أو بأخرى، دون تحديد ماهية ذلك الاستثناء، وعادة ما يكون «نتاج تربية آباء نرجسيين يتحكمون فيه بشكل سلطوى يجعله لا يشعر بالأمان الكافى للتعبير عن آرائه» أو مخالفة القواعد التى يضعها أهله.



ويحرص أهله على إفهام الطفل بأنه استثنائى ينجح دائما فى كل شىء ولا يُخطئ، ويبالغون فى الاهتمام به، ويشيدون بقدرات ربما لا يمتلكها أصلا؛ فيصنعون شخصية هشة.

استثنائى للغاية

الدكتورة فايزة حلمى، المستشار النفسى قالت: طريقة تربية يتم فيها وصف الطفل بمجرد وصوله؛ مِن أحد الوالدين أو كليهما؛ بأنه استثنائى للغاية، ويتم الإعلان عن أنه جميل بشكل غير مألوف، ذكى، موهوب، ويُعتَزم تجهيزه لمصير خاص، وليست له الأحزان والعثرات العادية للحياة.

وأضافت «حلمى»، أنه لا يمكن للطفل الذهبى أن يتخلص من الإحساس بأنه متميّز جدًا، ومع ذلك لا يمكنه أن يحدد داخل نفسه أية أسس حقيقية تجعله كذلك، لا تتمثل رغبته الأساسية فى الثورة على أهله والتفخيم الدائم؛ بل أن يتم قبوله ومحبته على ما هو عليه، فى كل حقائقه المتواضعة والمتعثرة.

تكمل إنه يتمنى أن يراه ويقبَله الوالدان لنفسه؛ أن يغفَرا أخطاءه ونقاط ضعفه ويعترفا بها، بدلًا من إنكارها أو طمسها، مع مرور الوقت، يتجه الطفل الذهبى إلى لحظة انهيار؛ عندما لا تتحقق الآمال المستثمرة فيه، لكن سيبدأ يتحرر ليتمتع بحقيقة بالغة الأهمية مفادها: لا تحتاج الحياة أن تكون ذهبية حتى تكون ذات قيمة؛ ولنكن جديرين بالحب واحترام الذات المناسب».

 

 

 

الحب المشروط

وقال الدكتور محمد رضا الفقى، أستاذ الطب النفسى بالأكاديمية العسكرية: فى الهيكل الأسرى الصحى، يعرف الأهل كيفية الموازنة بين الحاجة إلى ممارسة السيطرة على أطفالهم وبين مساحات الحرية لأبنائهم ويعتمدون على الشفافية والتعاطف والتفاهم لتنمية ارتباط آمن مع أطفالهم، ويتم تقويم السلوك الخاطئ بشكل مناسب دون تشهير أو انتقاد، أو إفلات الذنب، وغير ذلك من أساليب خلق أطفال مكسورين يعانون القلق.

فحتى فى حالة عدم استجابة الطفل لتطلعات والديه يجب أن يشعراه بالحب، ولكن حب الأبناء فى أسرة مهووسة بمتلازمة «الطفل الذهبى» غالبا ما يكون مبنيا على قواعد صارمة تتغير فى أى لحظة؛ لذا قد يشعر الأطفال بالارتباك والإهمال، لأنهم لا يعرفون الحالة المزاجية التى سيكون عليها أحد الوالدين».

حسب الدكتور الفقى تظهر 7 علامات فى تربية الطفل الذهبى وتعرف بالحب المشروط؛ مثل: اختيار وتحديد اهتمامات خاصة للطفل، افتراض معرفة الأفضل له دائمًا، دفعه إلى اتجاه معين دون النظر لتفضيلاته، امتداحه فى الأماكن العامة فقط، الشعور بالحب تجاهه عندما يؤدى أو يتصرف بشكل جيد، وانتقاده أو التقليل من شأنه أو إدانته عندما يرتكب خطأ».

لذلك يكون الطفل الذهبى قاسيًا على نفسه بلا داعٍ عندما لا يحصل على عناية من الآخرين، ولأن ثناء الوالدين يمكن أن يؤثر على تصوره للذات، فإن هذا النوع من ديناميكية الأسرة يمكن أن يؤثر أيضا على الأشقاء.

 

 

 

تفرقة عمياء

من جانبها قالت الدكتورة إيمان عبدالله، خبيرة العلاج الأسرى: الطفل الذهبى فى نظر أمه هو الأفضل والأروع، مُطيع وسهل الانقياد، ولا يخطئ أبدًا لذلك تغدق عليه كل شىء، بدون وجه حق وبشكل مجحف، وتحتفل وتعظم أبسط إنجازاته وتغض الطرف عن أخطائه وتسامحه؛ فتجعل منه شخصًا أنانيًا معتديًا متنمرًا ومتسلطًا على من حوله».

قالت عبدالله: إذن الطفل الذهبى نتاج مناخ من التوقعات التى تجعل منه لا يخطئ أبدا؛ فيشعر بأنه ملزم بتلبية تطلعات والديه حتى لو كانت لا تتوافق مع قدراته ورغباته الشخصية أو قناعاته وقد يعانى نفسيا وجسديا بسبب ذلك؛ فمن علامات الإصابة بمتلازمة «الطفل الذهبى» السعى الدائم لتحقيق الإنجازات، لأنها الطريقة الوحيدة للحصول على الاهتمام، وهو ما يجهد الطفل ويضعه تحت الضغط، وتصبح أى أهداف يحاول تحقيقها بناء على رغباته الخاصة غريبة عنه وتشعره بالاضطراب.

والأطفال الذهبيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب نظرًا للضغوط المحيطة، ورغبتهم الدائمة فى النجاح وتحقيق رغبات والديهم، ونادرًا ما يتطور الطفل الذهبى نفسيًا؛ ويؤثر على نفسه وأيضًا على المحيطين وخاصةً إخوته، ويتعرض لمشكلات مثل فرط اليقظة والهوس وشدة الحساسية للنقد وكثيرًا ما تنتابه بعض سمات جنون العظمة، وعدم احترام وفهم أهمية الحدود فى العلاقة مع الآخرين والنفس، وضعف مهارات صنع القرار والحكم، إضافة إلى السلوك الساعى للانتباه، صعوبات فى التعامل مع العقبات والمتاعب اليومية، ضعف القدرة على تحمل عدم اليقين والإحباط، وقد يكبرون ولديهم سمات نرجسية.

فالابن الذهبى سيكون مشلولًا تحت سلطة والدته أو والده، غير قادر على الخروج إلى العالم ولا يملك القدرة على الاعتماد على نفسه، خاضع لأمه (أو أبيه) ومتعلق بها، فليس هناك سمات لشخصيته ولا يملك مشاعر أو آراء مستقلة.