الأحد 29 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
فخفخينا القمم والمصالح

فخفخينا القمم والمصالح

لكل مشكك فى «فخفخينا» السياسة بالاقتصاد بالمناخ بالمصالح بكرة القدم بالأهواء بتوازنات القوى وتحالفات الشر وتموهات الخير، ما عليكم سوى الرجوع إلى ملفى قمة المناخ «كوب 27» وكأس العالم الذى استضافته قطر. وكل ما عليكم عمله هو مطالعة ما نشر وقيل فى وسائل إعلام الغرب والشرق وما بينهما عن الأنشطة والفعاليات. ويمكن الاستعانة بالآلة الحاسبة للخروج بنسب مئوية حول نسبة ما تمت تغطيته من أمور مناخية مقارنة بالأمور السياسية والمصالح. والعملية البحثية نفسها يمكن تطبيقها على كأس العالم. 



وأركز فى هذا الصدد على «كوب 27» لأننا جميعًا تابعنا ما قبلها وأثناءها وبعدها من تغطيات واهتمامات. وعلى الرغم من أن الثمانية بلايين شخص، سكان الكوكب، لم يتفقوا على رؤية واحدة من قبل إلا فى هذه القمة، ألا وهى أن الكوكب فى حالة يرثى لها، وأن إساءة استخدام موارده وتطويع إمكاناته أدت إلى تعريض الجميع لأخطار داهمة لم تعد قيد البحث أو حبيسة الدراسة والتحليل، بل ثارت وأصبحت أمرًا واقعًا نراه بأعيننا، كما نقرأ عن آثاره الفادحة فى حرائق وجفاف وشبح مجاعات وأمراض ناجمة عن العبث الفوضوى بالبيئة والمناخ، رغم ذلك، فقد عرجت ومالت وأغرقت وسائل إعلام عالمية كان يضرب بها المثل فى المهنية وبذلت جهدًا جهيدًا لتحويل قمة المناخ إلى قمة مصالح ومنصة عراك ومقصلة ثأر وانتقام. ونحمد الله كثيرًا على أن هذا الجهد الجهيد لم يستطع الصمود أمام أهمية كارثة المناخ وحتميتها التى طالت الجميع دون تفرقة. 

الأوركسترا الفيلهارمونى الذى بذل الغالى والنفيس من أجل تحويل قمة المناخ إلى قمة للنيل من مصر اجتهد، لكن يبدو أن الجهد والاجتهاد لم يسفرا عن شىء. وكل ما كانت تحلم به جماعات وأنصارها ومتعاطفوها وداعموها وممولوها نجم عنه صفر إفساد لـ«كوب 27». 

مضت الفعاليات قدمًا، واستمرت اللقاءات والنقاشات، وجاء رؤساء وساسة العالم، ونجحت القمة من حيث التنظيم والقدرة على درء المفاسد، وتبقى قياسات نجاح النتائج مسؤولية المجتمعين لا سيما الدول الكبرى، وهى المسؤولة فى الأصل عن الجانب الآخر من إفساد «جو» الكوكب. 

جهود شبيهة جرت مع قطر، ورغم اختلاف الأسباب ووسائل الهجوم وأدوات الدفاع التى نتفق أو نختلف معها، لكن يبقى كأس العالم تجربة تثقيفية وتعليمية لمن يريد أن يتعرف إلى الجوانب المخفية فى عمل الميديا والسياسة والاقتصاد والمصالح والتوازنات. 

ولولا الملامة لقلت بالفم الملئان أن ما يجرى هنا وهناك لا علاقة له من قريب أو بعيد بحقوق الإنسان وحرية التعبير والتظاهر والاعتراض والملابس والميول الجنسية والمشروبات «العالمية» إلى آخر القائمة. القصة كلها – رغم أهمية حقوق الإنسان بالطبع- مصالح ومصالح ومصالح. وعلينا أن نقر ونعترف أن أسلوب إدارة المصالح يمكن أن يكون ذكيًا جاذبًا منمقًا منسقًا، ويمكن أن يكون العكس، شأنه شأن الـ«سوشيال ميديا»، حيث يمكنها أن تكون منصات تعبير وتمكين، ويمكنها كذلك أن تكون منصات نصب وتدليس ونشر التغييب وغرس الاستقطاب، والقائمة تطول وتتجدد.