الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«ساعة يوم القيامة»

علماء نشرة الذرة مع الساعة فى سنواتها الأولى
علماء نشرة الذرة مع الساعة فى سنواتها الأولى

حرك «علماء الذرة» عقرب الدقائق الخاص بـ «ساعة يوم القيامة» الثلاثاء 24 يناير الماضى، بمقدار 10 ثوان، نحو الساعة الثانية عشرة، أى فى اتجاه منتصف الليل، حيث تم تحريك العقرب عند الساعة الثالثة عصرًا (15) بتوقيت جرينتش، ما يعنى أن الساعة لم تعد 12 إلا 100 ثانية، بل أصبحت 12 إلا 90 ثانية! 



ومنذ إعلان هذا الخبر، تصدرت عبارة «ساعة يوم القيامة»جميع محركات البحث العالمية، بعد إعلان «علماء الذرة»، أن توقيت الساعة اقترب من منتصف الليل، أكثر من أى وقت مضى، ما يشير إلى قرب نهاية العالم. 

فما معنى ساعة يوم القيامة؟ ومن هم العلماء الذين قاموا بتحريكها، وما معنى قرب نهاية العالم، وكيف تعمل هذه الساعة؟ ومتى بدأ عملها؟ وكيف تعود عقاربها إلى الوراء على خلاف المعتاد.

هنا التفاصيل..

 

بداية، هذه الساعة ليست «ساعة ديناميكية» تعمل بشكل آلى مثل الساعات التى نعرفها من خلال تروس وبطارية للطاقة، كما أنها ليست ساعة رقمية، بل هى مجرد رمز أو «ساعة افتراضية»، اختار المصمم لها الربع الأخير من الشكل الدائرى المعتاد للساعة واتفق عدد من العلماء فى عام 1947 على اتخاذها رمزًا لقرب حدوث المخاطر والحروب التى تهدد وجود البشر. 

 

 

 

ويشير توقيت «منتصف الليل» إلى «التوقيت النظرى لإبادة وانتهاء العالم»، إذ يتم تحريك عقارب الساعة قريبًا أو بعيدًا عن منتصف الليل، بناء على قراءة العلماء للتهديدات الوجودية فى وقت معين، ومدى خطورتها على الوجود البشرى. 

ومنذ إنشاء «ساعة يوم القيامة» فى عام 1947، لتحذير البشرية من مخاطر الأسلحة النووية، حذرت الساعة البشر من مدى اقتراب تدمير عالمنا بتكنولوجيا من صنع البشر أيضًا، فهى بمثابة «استعارة» لتذكير البشرية بقضايا مثل: تغير المناخ، فيروس «كوفيد-19» والحرب النووية وغيرها من القضايا.

ويصدر البيان السنوى لساعة يوم القيامة عن منظمة «نشرة علماء الذرة»، وهى النشرة التى توفر للمجلات الأكاديمية مواد حول العلوم وقضايا الأمن العالمى، حيث تم تكليف الفنان «مارتيل لانجسدورف» لابتكار تصميم لغلاف يونيو 1947، بهدف تحذير أو تخويف «أهل الأرض»، ودفعهم نحو العقلانية، حسب «يوجين رابينوفيتش»، المحرر الأول لـ«نشرة علماء الذرة»، الذى توفى فى 1973. 

وبالتالى، كلما اقترب عقرب الدقائق من منتصف الليل، فهو مؤشر لقرب أو بعد نهاية العالم وتدميره، حيث يتم ضبط ساعة القيامة فى «واشنطن» بواسطة منظمة مقرها «شيكاغو».

وتجرى منظمة «نشرة علماء الذرة» تحديثًا للوقت فى يناير من كل عام، بناءً على المخاطر والكوارث والحروب على الكوكب والعالم، ومن ثم تعرض «الوقت» المحدث على موقعها على الإنترنت. 

وقالت «نشرة الذرة» على موقعها على الإنترنت: إن « مارتل لانجسدورف» المحرر المشارك للنشرة فكر بداية الأمر فى استخدام «رمز اليورانيوم» بدلا من الساعة لإصدار تحذير، ولكن بعد الاستماع إلى العلماء الذين عملوا على «صنع القنبلة الذرية»، شعر بالحاجة إلى رمز أكثر إلحاحا، فتم رسم الساعة، لتعكس أن البشرية لم يتبق لها الكثير من الوقت.

كان أول توقيت تشير إليه الساعة عند إنشائها عام 1947، يشير إلى الـ12 عند منتصف الليل إلا 7 دقائق. 

وقال موقع «نشرة الذرة»: على مدار 75 عاما، كانت «ساعة يوم القيامة» بمثابة استعارة لمدى قرب البشرية من تدمير الذات، فمنذ عام 1947، كانت الساعة دعوة إلى اتخاذ إجراء لعكس العقارب التى تحركت للخلف من قبل. 

وقرر محرر النشرة النظر فى ما إذا كان يجب إجراء التحريك أم لا، وكان يجيد اللغة الروسية، ورائدًا فى المحادثات حول نزع السلاح النووى، ما يعنى أنه كانت هناك مناقشات متكررة مع العلماء والخبراء فى جميع أنحاء العالم، وبعد النظر فى مناقشاته، تم تقرير ما إذا كان ينبغى تحريك الساعة للأمام أو للخلف.

وبعد وفاته عام 1973، تولى «مجلس العلوم والأمن» فى النشرة، وهو فريق مكون من خبراء فى «التكنولوجيا النووية وعلوم المناخ»، مهمة التغيير، حيث يضم الفريق 13 من الحائزين لـ«جائزة نوبل» على مر السنين. 

 

 

 

الخطر النووى

وفى آخر تحديث للساعة، الذى تم بمقدار 10 ثوان، نحو الساعة الثانية عشرة، فإن العلماء قصدوا من ذلك أن تهديدات الحرب النووية والأمراض وتقلب المناخ، قد تفاقمت بسبب الأزمة الروسية ـ الأوكرانية، ما يعرض البشرية لخطر أكبر بالإبادة، وفقًا لما ذكرته وكالة «رويترز». 

وقد استمرت ساعة يوم القيامة خلال الأعوام الثلاثة الماضية (2020، 2021، 2022) ثابتة عند 12 إلا 100 ثانية، بينما كانت تشير إلى 12 إلا دقيقتين فى عام 2019، وظل علماء «نشرة الذرة» على مدار 75 عاما منذ 1947، يتتبعون مدى احتمال إبادة الجنس البشرى. 

وقالت الدكتورة رباب الشريف، عميد كلية النانو تكنولوجى: كان عقرب الدقائق أقرب ما يكون فى عام 2013، بالتزامن مع ما يُسمى «الربيع العربى»، حيث كانت هناك توقعات بأن يكون لدى بعض الإرهابيين أسلحة نووية، وبالتالى من المحتمل أن يسيئوا استخدامها، وفى تلك الحالة كان متوقعا قيام حرب نووية، لذلك تم تقديمها حينها ما قبل منتصف الليل بدقيقتين، ثم تكرر الأمر نفسه عند حدوث تهديدات كوريا الشمالية لجارتها فى عام 2018، ما يعنى اقتراب الخطورة،. 

وتجتمع لجنة «علماء نشرة الذرة» مرتين فى العام، لمناقشة الأحداث العالمية الجارية، وما إذا كانت إعادة ضبط الساعة ضرورية، حيث تم ضبط العقارب على أقرب وقت إلى منتصف الليل فى عام 2020، بعد أن واجهت الحكومات فى جميع أنحاء العالم «خطرين وجوديين متزامنين الحرب النووية وتغير المناخ» وفقا للنشرة. 

وشملت هذه التهديدات حينها النزاعات السياسية المحيطة بكوريا الشمالية، إضافة إلى احتجاجات حاشدة من الشباب فى جميع أنحاء العالم، لتسليط الضوء على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات حكومية بشأن تغير المناخ. 

وكانت نتيجة هذه التهديدات أن قررت فى 23 يناير 2020 ضبطها على 100 ثانية قبل منتصف الليل، قبل تحريكها مؤخرا إلى 90 ثانية قبل منتصف الليل، بينما كان عقرب الدقائق أبعد ما يكون عن منتصف الليل، فى عام 1991، بعد نهاية الحرب الباردة، حيث ضبط عقرب الساعة على 17 دقيقة قبل منتصف الليل، عندما وقعت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى على معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية، ما يعنى أن الدول ستخفض ترسانتها من الأسلحة النووية، وتقليل خطر نشوب حرب نووية. 

وبالنسبة لعام 2023، قالت النشرة إنها ستأخذ فى الاعتبار التهديدات البيولوجية وانتشار الأسلحة النووية واستمرار أزمة المناخ والتقنيات التخريبية.

ومع اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، نُقلت «ساعة يوم القيامة» الشهيرة إلى 90 ثانية فقط قبل منتصف الليل، حيث قال الرئيس المنغولى السابق «Elbegdorj Tsakhia»، «نحن حقًا أقرب إلى يوم القيامة».