الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

معبود المراهقات ضحية «نادية»

فى أول أفلامه رحلة غرامية
فى أول أفلامه رحلة غرامية

خلال مشاركته فى أكثر من 100 فيلم على مدار مشواره, استطاع أن يصبح فتى أحلام جيله، وأشهر دنجوانات السينما المصرية فى عصره, اشتهر بابتسامته الصافية ونظرات عينيه اللامعة ووسامته وشقاوته وخفة ظله التلقائية أطلقت عليه الصحافة عند ظهوره «جيمس دين مصر» كان مقدرًا له أن يركب قطار النجومية السريعة إلى البطولة، ولكن هناك قطاراً فاته وآخر تلكأ به وثالث جاءت جلسته فيه غير مريحة وفى غير درجته التى يستحقها، وهو ليس مسئولا عن هذا بالقدر الذى جعله يحمل همومًا أكبر مستعارة من أخته النجمة الكبيرة مريم فخر الدين.



 

 

 

منذ سنوات طويلة مضت سكنت عائلة صغيرة إحدى الشقق فى الجيزة وكان الزوج مصريًا والزوجة مجرية وأنجبت ابنة اسمها مريم وبعدها بسنوات قليلة أنجبت يوسف فى سبتمبر عام 1936.

التحق بالمدرسة الألمانية مع شقيقته، بعدها التحق بمدرسة الفرير وحصل على الشهادة التوجيهية وكان ترتيبه التاسع على القطر المصرى.

كبرت مريم وكان جمالها يأسر كل من رآها وأشار أحدهم إلى العائلة بأن تتقدم مريم لمسابقة فتاة الغلاف فى مجلة «الإيماج».

ودخلت الجميلة المسابقة وفازت. بعدها لم يمر وقت حتى دق بابهم منتج سينمائى بهره جمالها ووجهها المضىء، كان المنتج هو عبده نصر.

ورغم عدم موافقة الأب فإن المنتج لم يخرج إلا ومعه اتفاق بإنتاج أول فيلم «ليلة غرام» الذى أخذت قصته من رواية «لقيطة» للأديب «محمد عبدالحليم عبدالله» ونجح الفيلم ونجحت مريم.

ومن نفس البيت خرج يوسف، لكن قصة دخوله السينما مختلفة، فعندما كان فى الخامسة عشرة تنبأ له المخرج عزالدين ذوالفقار بالنجومية وقد كان.

تحكى مريم عن علاقتها بيوسف: أول ما اتولد  كنت بكرهه جدًا وكان الفرق بينا 4 سنين، وكنت بنام فى غرفة ماما، وكان ليا سرير فى الأوضة، ولما يوسف اتولد، أخدوا منى السرير ونمت فى أوضة بابا، وكنت مضايقة جدًا، ولما دخلنا المدرسة جالى سعال، والدكتور قال لماما ابعدى البنت عن الولد عشان ممكن تعديه».

وتابعت: «كنت أخلى ماما تدخل المطبخ، وأكح فى وش يوسف علشان أعديه ويموت وآخد حاجتى منه،  لحد ما اتجوزت محمود ذوالفقار، وبعدها بشهر أبويا عمل حادثة وكان يوسف معاه، أبويا مات بسببى فعلاً، كان نازل هو وأخويا وركن العربية بعيد عن الرصيف ولما نزل لقى أفيشات «مريم فخر الدين» فى كل حتة يا عينى اتروش، فبقى يبص على الحيطان ومبقاش يبص على الشارع جه واحد معدى ببسكلتة خبطه وقعه بين العربية وبين الرصيف، وجاله ارتجاج فى المخ».

 

 

 

تكمل مريم: «رحت المستشفى لقيتهم مطعلينه على نقالة وأخويا ماسك ايده فأنا مسكت إيده التانية وقلت له «بابا» ففتح عينه وحط إيدى فى إيد أخويا ومعرفش يتكلم فاللى فهمته إنه عايزنى آخد بالى من أخويا».

تقول مريم: «بعدها أخويا اتقلب بقى ابنى بقيت له ماما نمرة 2 يعوز حاجة اجيبهاله، عربية اجيبهاله، كل طلباته منى مجابة، طبعا أنا مكنتش ناضجة إنى أبقى أم وطبعا ابنى مش هعامله كده إنما كنت صغيرة فأنا فاهمة إنى عشان أبسط يوسف وأبويا يبقى راضى عنى أعمل ليوسف كل طلباته».

ومرت السنوات وخلال عام 1956 قررت مريم أن تخوض تجربة الإنتاج السينمائى فى فيلم «رحلة غرامية»، وبعد توزيع الأدوار بقى دور واحد قررت إسناده إلى أحمد رمزى الذى رفض الشخصية.

وقتها كان رمزى بطلاً وخلال تشاور أسرة الفيلم رفض رمزى ودخل يوسف فخر الدين عليهم يطلب مفاتيح سيارة مريم، فصاح المخرج محمود ذو الفقار: «وجدته يا مريم» ثم قال: شقيقك فى الفيلم هو أخوكى يوسف.

وعندما عرض محمود ذوالفقار الدور على يوسف قال له: لكن أنا مبعرفش أمثل، قال له: الدور الذى تعيشه فى الحياة سيكون دورك فى الفيلم وكل ما عليك أن تطبق كل ما تفعله فى الواقع فى الفيلم وأنا متأكد إنك ستنجح». 

 

 

 

قبل يوسف الدور رغم اعتراض والدته خوفا من إهمال دراسته فى كلية التجارة، ونجح فى الدور مما جعلهم يستعينون به فى الفيلم التانى «أنا وقلبى» وفى الفيلمين لم يتقاض أجرًا.

ولكن فى فيلمه الثالث مع شادية وشكرى سرحان حدث ما كانت تخاف منه والدته وهو رسوبه فى السنة الثالثة بكلية التجارة، ويومها صرح لمجلة الكواكب بأن رسوبه سببه فيلم «حب من نار» فلم يكن من المعقول أن أحضر من مدينة بورسعيد التى كنا نصور بها لأؤدى الامتحان فى الصباح وأعود لبورسعيد مرة أخرى. 

وسأله المحرر فى الحوار: كم تقاضيت عن دورك الأول؟ فرد عليه: هو الضفر يطلع من اللحم وحياتك ببلاش»!

وقال عن السينما: أسميه التعب اللذيذ فالعمل شاق ومرهق إلا أنه لذيذ.

وعن قبلته الشهيرة لشادية فى فيلم «حبك نار» قال: «فكرت كثيرا أن أطلب من المخرج أن يعفينى من هذه القبلة، فلم أكن أتصور أن يجى اليوم الذى أقف فيه أمام شادية وأقبلها كان هذا بمثابة العبء الثقيل على ظهرى كنت أخشى أن أفشل فى غمرة الكسوف والإحراج، ولكنى وجدت تشجيعا من كل الحاضرين فى اللوكشين ووجدت تشجيعًا من الفنانة شادية نفسها».

 

 

 

وبعد ذلك حكى يوسف عن تدريباته على «البوسة» قال: «ثلاثة أيام أقوم بتمثيل القبلة مع تمثال حريمى لأنى بصراحة لم أقبل أحد على شفايفه من قبل ولما حان الموعد المطلوب جمعت قوتى وشجاعتى وتخيلت إنى أعرف شادية منذ زمن طويل وأنها فعلا فى غرام معى وأنه قد سبق لى وقبلتها ونجحت اللقطة وفزت بالتهنئة، ولكن بعد أن أخذت كثيرا من أعصابى وعرق الخجل».

حسب مريم فخر الدين أن يوسف تربيته منغلقة وأسرته متشددة وماكملش تعليمه وبالرغم من كده كان بيعرف 4 لغات.

بعد دوره فى فيلم «احنا التلامذة» اتجهت الأنظار إلى يوسف بعدما أصبح يطلق عليه معبود البنات.

ومع بداية عام 1960 كانت صور عمر الشريف وكمال الشناوى، وأحمد رمزى وشكرى سرحان وأحمد مظهر وصلاح ذوالفقار ويوسف فخر الدين تزين غرف نوم المراهقات، وجذب يوسف العدد الأكبر نظرًا لصغر سنه.

وفى هذه الفترة دق قلبه وشعر لأول مرة بالحب.. وكانت الحبيبة «إش إش» ابنة الموسيقار محمدعبدالوهاب الذى وضع موسيقى رقصة نانا فى فيلم «موعد مع المجهول» ورقصة ليالى لبنان فى فيلم «شباب اليوم».

أثناء حضور«إش إش» أحد العروض الخاصة لفيلم «موعد مع المجهول» ربط يوسف بـ «إش إش» القدر، كان يوسف حريصًا على ألا يلمحه أحد وهو يتابع «إش إش».

بعد فترة من المناورات حظى يوسف من «إش إش» بأول موعد غرامى تحت «شجرة العشاق» بالجيزة صافحها وقال فى خجل: لابد أن عشرات الفتيات والفتيان وقفوا هنا وأفضوا لهذه الشجرة بأسرارهم!

قرر يوسف إخبار شقيقته مريم بهذا الحب.. ضحكت مريم من ارتباك شقيقها الذى وقع فى الغرام لشوشته، واشترطت عليه ألا يفكر فى الزواج إلا بعد التخرج فى الجامعة.

بعد جدل وافقت مريم على خطوبة «إش إش»، وكانت الزيارة لبيت والدها الموسيقار الكبير، ثم عادت ولم يكن وجهها يبشر بالخير، إذ صارحته بأن الموسيقار قال إنه لا يرى مستقبل لابنته تحت سقف واحد مع فنان!

دمعت عينا يوسف وأدرك أنه ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، وانشغل أكثر بالفن ولكنه لم ينس «الشجرة» وفقد صوت ضحكته وأصبحت ابتسامته واهنة ولاحظ ذلك أحمد رمزى ونصحه بالعمل والحب من جديد مرة أخرى فالحياة لا تتوقف على امرأة!

فى تلك الفتره العصيبة التقى بابنة الذوات نادية سيف النصر التى كانت زوجة لدبلوماسى وعاشت سنوات فى باريس ثم عادت إلى مصر وفى ثناياها عذاب وفى يدها ورقة طلاق.

تزوج يوسف بنادية، وبعد سنوات تبين خيانتها، ورغم محاولاته بعدها استمرار العمل بالسينما والتليفزيون لم تفارق صورة خيانة زوجته خياله واتسع الجرح، ولم يكن أمامه سوى الهروب إلى اليونان.

 

 

 

فى اليونان مع منتصف الثمانينيات تزوج هناك من يونانية زواجًا لم يثمر عن أولاد وانقطع يوسف فخر الدين عن التمثيل نهائيا، وقرر الاهتمام بتجارته حتى رحيله عام 2002 عن عمر يناهز 67 عامًا بعد حوالى 100 فيلم، ولم تستطع مريم إحضار جثمانه لدفنه فى مصر نظرًا للتكاليف المادية الكبيرة، لذلك تم دفنه فى المقابر الكاثوليكية فى أثينا لعدم وجود مقابر للمسلمين وقتها.