الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

على خطى ناصـر ونهـرو

استقبال حافل للرئيس
استقبال حافل للرئيس

أعادت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الهند للمشاركة كضيف شرف فى احتفالاتها بيوم الجمهورية؛ تلبية لدعوة رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى، الزخم الكبير الذى رافق العلاقات «المصرية - الهندية» فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وأول رئيس وزراء للهند بعد الاستقلال جواهر نهرو، اللذين أسسا مع قادة إندونيسيا ويوغوسلافيا «حركة عدم الانحياز».



ونشر رئيس وزراء الهند «مودى» على حسابه فى تويتر ترحيبًا خاصًا بالرئيس عبدالفتاح السيسى نصه:

«مرحبا بك ترحيبًا حارًا فى الهند، الرئيس

عبدالفتاح السيسى. زيارتك التاريخية للهند كضيف رئيسى لاحتفالاتنا بيوم الجمهورية هى مسألة سعادة هائلة لجميع الهنود. أتطلع إلى مناقشاتنا غدًا». وبالمقابل بادل الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس وزراء الهند التحية والتقدير على حفاوة الاستقبال بما يلى:

«سعيد جدًا وفخور بزيارة الهند الصديقة والمشاركة فى الاحتفالات بيوم الجمهورية كضيف رئيسى، الأمر الذى  يجعلنا أكثر تصميمًا على مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية والتنسيق المتميز بيننا، وأتطلع إلى اجتماعات ومناقشات مثمرة مع صديقى العزيز مودى».

وتزامنت زيارة الرئيس للهند مع مرور 75 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والهند.. حيث التقى مع عدد من المسئولين فى الهند، وعلى رأسهم رئيس الوزراء، والسيدة «دروبادى مورمو» رئيسة الجمهورية، إلى جانب عدد آخر من المسئولين، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية على كافة الأصعدة.

واستقبلت رئيسة جمهورية الهند ورئيس الوزراء الهندى، الرئيس السيسى بساحة القصر الرئاسى الهندي؛ حيث ألقى الرئيس كلمة أمام الصحفيين قائلاً: اسمحوا لى أن أتوجّه لدولة الهند الصديقة - حكومةً وشعبًا - بخالص التهنئة وأصدق التمنيات بكل الخير والأمن والسلام والتنمية، ومزيد من التقدم والرفعة والرخاء والازدهار بمُناسبة الاحتفال بـ «يوم الجمهورية».

وتابع الرئيس: أودّ كذلك أن أتوجّه بخالص الشكر والتقدير لبلدكم الصديق على دعوتى للمشاركة كضيف الشرف فى الاحتفال بـ «يوم الجمهورية» هذا العام الذى تحتفل فيه مصر والهند بالذكرى الخامسة والسبعين على تدشين العلاقات الدبلوماسية بينهما، وهو الأمر الذى يؤكد ما تتسم به تلك العلاقات من طبيعة خاصة.

وأضاف الرئيس: تأتى زيارتى الحالية إلى بلدكم العزيز فى وقت تشهد فيه علاقاتنا الثنائية طفرة مشهودة فى كافة أوجه التعاون، وتُمثل فرصة مهمة لاستمرار التشاور وتبادل الرؤى حول سُبُل الارتقاء بالتعاون بين بلدينا على كافة الأصعدة، وكذا تنسيق المواقف حول القضايا الإقليمية والعالمية ذات التأثير المُباشر على أمننا القومى.

واختتم الرئيس كلمته قائلًا:  تتطلع مصر والهند لتحقيق أهداف مشتركة فى مختلف المجالات استنادًا إلى الروابط التاريخية والإمكانات الهائلة التى تتمتع بها الدولتان، وكذا عزم البلدين على الارتقاء بعلاقاتهما الثنائية إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية والتنسيق المتبادل فى مختلف القضايا والموضوعات محل اهتمام الطرفين.

 

ترحيب حار بالرئيس لدى وصوله نيودلهى
ترحيب حار بالرئيس لدى وصوله نيودلهى

 

لقاء قمة

وعقد الرئيس فى قصر حيدر آباد بنيودلهى مباحثات على مستوى القمة مع «ناريندرا مودى» رئيس الوزراء الهندى الذى أعرب عن تقدير بلاده الكبير للرئيس ولقيادته الحكيمة التى حافظت على الأمن والاستقرار فى مصر عقب ما شهدته المنطقة من أحداث فوضى وعنف خلال ما عُرِف بالربيع العربى، وكذلك للنهضة التنموية غير المسبوقة التى تشهدها مصر حاليًا، وهو ما يجعل الهند قيادةً وشعبًا تتشرف بزيارة سيادته، كضيف شرف رفيع المستوى فى احتفالية قيام الجمهورية الهندية، موضحا أن تلك المشاركة تضيف طابعًا خاصًا ورونقًا لاحتفالات الهند.

وشهدت المباحثات تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة، حيث أشار رئيس الوزراء  الهندى  إلى تطلع بلاده لتعزيز الاستثمارات المتبادلة فى العديد من القطاعات وتعظيم حجم التبادل التجارى بين البلدين الصديقين من خلال مشاركة الشركات الهندية فى تنفيذ المشروعات القومية العملاقة فى مصر.

ورحب الرئيس بتعظيم التعاون مع الجانب الهندى فى مختلف المجالات فى ضوء ما تملكه الدولتان من إمكانات كبيرة تتيح فرصًا متنوعة واعدة للتعاون، خاصةً على مستوى التعاون العسكرى والاقتصادى والتجارى والسياحى والثقافى، إلى جانب التعاون فى قطاعى الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وإنتاج الأدوية والأمصال.

كما تطرقت المباحثات كذلك إلى مختلف تطورات القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث أشاد رئيس الوزراء الهندى فى هذا الصدد بالدور الإيجابى الذى تقوم به مصر فى إطار العمل على التسوية السياسية لمجمل الأزمات القائمة فى محيطها الإقليمى، فضلًا عن جهودها فى مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف وإرساء مبادئ وقيم قبول الآخر وحرية الاختيار والتسامح.

وعقب اللقاء، شارك الزعيمان فى مراسم تبادل عدد من مذكرات التفاهم والتعاون بين البلدين الصديقين فى مجالات تكنولوجيا المعلومات، والأمن السيبراني، والشباب والرياضة، والإذاعة، والثقافة.

وفى مؤتمر صحفى مشترك بين الجانبين عقب اللقاء قال الرئيس: أوضحتُ لدولة رئيس الوزراء الفرص والحوافز والمزايا الاستثمارية المتاحة فى مصر، والإجراءات التى تتّخذها الحكومة لتحفيز الاستثمار الخارجى، وأعربتُ له عن تطلعنا إلى زيادة الاستثمارات الهندية فى مصر فى مختلف المجالات، لا سيما فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، خاصةً بعد ما لمسناه من عزم لدى الشركات الهندية العاملة فى مصر على مواصلة تعزيز تواجدها، وما أبدته شركات هندية متخصصة فى مجالات واعدة من اهتمام بضخ استثماراتها فى مصر.

وأضاف الرئيس:  اتفقت رؤانا على تعظيم التعاون القائم فى المجالات المختلفة، والانطلاق نحو شراكات فى مجالات جديدة، ومن بينها التعاون فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، خاصةً إنتاج الهيدروجين الأخضر. واتفقنا أيضًا على تعزيز التعاون الاستراتيجى بيننا فى عدة مجالات أخرى، وعلى رأسها الزراعة، والتعليم العالى، وصناعات الكيماويات والأسمدة والأدوية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والأمن السيبرانى.

وتابع الرئيس:  لقد كان التعاون فى مجال الدفاع على جدول أعمال مباحثاتنا ..  فتعزيز التعاون فى ذلك المجال خيرُ برهان على الإرادة المشتركة لتدشين علاقة استراتيجية بين البلدين؛ إذ أكدنا مواصلة التنسيق، والتدريبات المشتركة، وتبادل الخبرات، والعمل على استشراف آفاق إضافية لتعميق التعاون فى ذلك المجال؛ بما فى ذلك التصنيع المشترك.

كما أشار الرئيس: دار نقاش معمّق ومثمر بينى وبين دولة رئيس الوزراء حول أهم القضايا ذات الاهتمام المشترك على المستويين الإقليمى والدولى؛ وفى مقدمتها الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها على الدول النامية بشكل خاص، وتطابقت تقديراتنا حول أن  توالى الأزمات ذات الأثر الدولى قد برهن من جديد على القيمة الكبيرة للعمل المشترك بين الدول الصديقة لتعزيز قدراتها على مجابهة التحديات الناجمة عن تلك الأزمات.

وأكمل: تناولنا أيضًا السبل المُثلى لمكافحة الإرهاب والتصدى للفكر المتطرف؛ إذ أن لدينا وجهة نظر مشتركة فى هذا الصدد، وهى أن التعاون معًا سوف يُعِين على القضاء على العنف، لأن انتشار العنف والإرهاب والفكر المتطرف يمثل تهديدًا حقيقًا؛ ليس فقط لبلدينا، ولكن لكافة الدول فى جميع أنحاء العالم، واتفقنا على أهمية تعزيز التعاون فى المجال الأمنى وإعطاء قوة دفع لمزيد من التنسيق فى ذلك المجال الحيوي، فلا تنمية بدون استقرار أمنى.

رئيسة الجمهورية

واستقبلت السيدة دروبادى مورمو، رئيسة جمهورية الهند، الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قصر «راشتراباتى بهافان» الجمهورى بنيودلهى؛ حيث أشادت بالتجربة التنموية الناجحة التى تشهدها مصر حاليًا بقيادة الرئيس فى جميع المجالات والمشروعات القومية الكبرى الجارى تنفيذها، مؤكدةً حرص بلادها على مساندة جهود مصر التنموية ودعمها فى كافة المجالات من خلال تبادل الخبرات والاستثمار المشترك.

وأكد الرئيس فى السياق ذاته أن الاستثمارات الهندية لديها فرصة كبيرة حاليًا للتواجد فى السوق المصرية للاستفادة من البنية التحتية الحديثة فى مصر وللنفاذ منها إلى الأسواق الإفريقية، خاصةً فى ضوء اتفاقيات التجارة الحرة التى تجمع مصر مع مختلف التكتلات الاقتصادية الإقليمية.

كما ألقى الرئيس كلمة خلال مأدبة العشاء الرسمى بالقصر الجمهورى الهندى الذى أقامته رئيسة الهند تكريمًا له؛  حيث وجَّه الرئيس الشكر والعرفان على حفاوة الاستقبال، وأضاف: أن  التوافق فى وجهات النظر الذى ساد فى مُحادثاتنا يعكس اقتناعًا راسخًا بضرورة مواصلة التضامن لتحقيق أهدافنا المشتركة فى مختلف المجالات استنادًا إلى الروابط التاريخية والإمكانات الهائلة التى تتمتع بها مصر والهند، وكذا عزم البلدين على الارتقاء بعلاقاتهما الثنائية إلى مرحلة التعاون الاستراتيجى والتنسيق المتبادل فى مُختلف القضايا والموضوعات محل اهتمام الطرفين.

 

تقدير متبادل بين الرئيس ورئيس الوزراء الهندى
تقدير متبادل بين الرئيس ورئيس الوزراء الهندى

 

تعاون اقتصادى

تخللت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للهند، لقاء مع رؤساء وممثلى عدد من الشركات الهندية الرائدة فى مختلف المجالات، وذلك لمناقشة آليات تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، واستعراض الفرص الاستثمارية الجاذبة فى مصر.

وشارك الرئيس فى اجتماع موسع لرؤساء كبرى الشركات الهندية  ورجال الأعمال الهنود، بمشاركة بيوش جويال وزير التجارة والصناعة، وعدد من كبار المسئولين الهنود وممثلى الجهات الحكومية المعنية المختلفة وكبرى الاتحادات والغرف التجارية والصناعية  فى الهند،  وبحضور وزراء الخارجية، والكهرباء والطاقة المتجددة، والتخطيط والتنمية الاقتصادية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصريين.

وأشاد الرئيس بالتطورات الإيجابية التى شهدتها العلاقات الاقتصادية  والتجارية بين البلدين خلال الفترة الماضية، موضحًا ما توفره المشروعات العملاقة الجارى تنفيذها فى مصر من فرص استثمارية متنوعة، وفى مقدمتها محور تنمية منطقة قناة السويس الذى يتضمن عددًا من المناطق الصناعية واللوجستية الكبرى، وهو ما يوفر فرصًا واعدة للشركات الهندية الراغبة فى الاستفادة من موقع مصر الاستراتيجي، كمركز للإنتاج وإعادة تصدير المنتجات إلى مختلف دول العالم، التى تربطنا بالعديد منها اتفاقيات للتجارة الحرة، لا سيما فى المنطقتين العربية والإفريقية.

وأكد الرئيس كذلك أن الصمود والصلابة التى أظهرها الاقتصاد المصرى مؤخرًا فى القطاعات التنموية المختلفة، إنما تعكس الإرادة القوية لدى الدولة، على تحقيق التنمية المستدامة، مشيرًا سيادته إلى أن علاقات الصداقة المتميزة بين البلدين هى المظلة الحقيقية لدعم جهود تطوير التعاون المشترك فى المجالات الاقتصادية المختلفة من خلال توافر الإرادة السياسية اللازمة، مع استعداد مصر لتحقيق التكامل الصناعى مع الشركات الهندية وتعزيز نموها من خلال تأسيس شراكات ناجحة تقوم على توطين الصناعات.

وشهد اللقاء حوارًا مفتوحًا مع كبار رجال الأعمال الهنود الذين أكدوا ترحيبهم بتكثيف التعاون مع مصر لتحقيق المصالح المشتركة للجانبين، مع استعراض خططهم للاستثمار فى مصر، وشددوا على أهمية تعزيز التواصل بين ممثلى القطاع الخاص فى البلدين لتشجيع الشركات الهندية الرائدة على تعزيز استثماراتها واستكشاف فرص جديدة للاستثمار ومواصلة دفع الحراك الاقتصادى فى مصر، فضلًا عن دفع العلاقات الثنائية الاقتصادية والتجارية إلى آفاق أرحب تتلاقى مع طموحات الشعبين.

وخلال لقائه بـ«سومانت سينها»، رئيس مجلس إدارة شركة «رينيو باور»، أكد الرئيس اهتمام مصر بالتعاون مع الجانب الهندى نظرًا للخبرة العريضة التى يتمتع بها فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، حيث يحظى قطاع الطاقة الخضراء بدعم غير مسبوق من الدولة كأحد أهم أولوياتها، استغلالًا لثروات مصر من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة من رياح وشمس.

كما التقى الرئيس بغوتام أدانى رئيس مجموعة «أدانى» الهندية العالمية العملاقة التى تمتلك منظومة شركات تعمل فى قطاعات متنوعة، خاصة البنية التحتية؛ حيث أكد سيادته الاستعداد لتقديم كافة الدعم اللازم للمجموعة ومشروعاتها المستقبلية التى تخطط لإقامتها فى مصر، خاصةً من خلال التعاون مع صندوق مصر السيادى المصرى، خاصة فيما يتعلق بالموانئ فى ضوء ما أصبحت مصر تمتلكه من سلسلة موانئ حديثة على سواحل المتوسط والبحر الأحمر وخليج السويس.

وأشار رئيس «أدانى» إلى حرص المجموعة على تطوير التعاون مع مصر فى ظل ما يلمسونه من إرادة قوية وقرار سياسى داعم على أعلى مستوى فى مصر لدفع التنمية فى ظل مناخ استثمارى جاذب ومستقر وهو ما يتسق مع سعى «أدانى» للتوسع عالميًا فى ضوء التوجه الاستراتيجى الجديد لها؛ حيث تقوم ببحث ودراسة فرص الاستثمار الجاذبة فى العديد من الأسواق الناشئة بالدول الصديقة للهند، مؤكدًا فى هذا الإطار اعتزامه عقد شراكات بين مجموعته وصندوق مصر السيادى، نظرًا للنشاط المتعدد للصندوق والمرونة التى يتمتع بها.

وشهد اللقاء التباحث بشأن الآفاق الاستثمارية لمجموعة «أدانى» فى قطاعات البنية التحتية فى مصر، خاصةً قطاعات الموانئ والمطارات، ومجمعات الطاقة الجديدة والمتجددة للشمس والرياح وشبكات النقل والتوزيع المرتبطة بها، ومراكز البيانات وشبكات الكابلات البحرية والأرضية المرتبطة بها، فضلًا عن المناطق الصناعية لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته.