الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
دواوين حكومية بريطانية.. «بيوت أشباح»!

دواوين حكومية بريطانية.. «بيوت أشباح»!

«بيوت الأشباح» 



هو التعبير الذى يطلق الآن على كثير من المبانى الحكومية فى بريطانيا..

لماذا؟.. لأن كل الموظفين هجروها، وقرروا أن يعملوا من منازلهم!

حدث هذا خلال فترة انتشار فيروس كورونا فى العامين الماضيين، حيث اقتضى الأمر أن تقضى قواعد الوقاية من تفشى العدوى، بعدم خروج الناس من منازلها، إلا للضرورة القصوى، ونتج عن ذلك ظهور وانتشار فكرة «العمل من المنزل»..

 

لكن الآن وبعد أن خفت حدة العدوى القاتلة.. استمرأ الموظفون العمل من المنزل، التى تيسر تطبيقها مع التطور التكنولوجى فى مجال الاتصالات الإلكترونية، فأصبح التليفون المحمول والكمبيوتر والانترنت، وسائل متاحة بسهولة لمن يريد أن يعمل من البيت.

وبعد كورونا، بدأت الحكومة والشركات والمؤسسات الأخرى التى استفادت من عمل موظفيها من منازلهم خلال انتشار الوباء، بدأت تطالبهم بالعودة إلى مكاتبهم، لكن الكثيرين اعتادوا العمل من بيوتهم، واستهواهم فأدمنوه، وأضربوا عن الذهاب لمكاتبهم فى دواوين الحكومة والمؤسسات الأخرى.

وترتب على ذلك أن كثير من المبانى الحكومية وغير الحكومية أصبحت خالية تماما.. ومن هنا جاءت تسميتها بـ«بيوت الأشباح».

فشل الوزير

لكن أليس فى سلطة الحكومة وإدارات الشركات والهيئات الأخرى، إجبار موظفيها على العودة للعمل من مكاتبهم وأماكن عملهم؟

من واقع ما جرى فى الفترة الأخيرة تبين أن هناك قوانين تبيح للعاملين أن يؤدوا مهام أعمالهم من منازلهم، مادامت النتيجة المطلوبة من عملهم تتحقق، ووصل الحال بالوزير المختص بمسألة تواجد الموظفين فى مكاتبهم، وفشله فى استعادتهم، أن أعلن إنه سوف يعرض للبيع، أو الإيجار مبانى الحكومة الفارغة التى تحولت إلى «بيوت أشباح».

وهدد فى بعض المواقف بأن يفصل من لا يعود إلى العمل من مكتبه بدلا من حكاية «من منازلهم» هذه.. لكن تهديداته مضت دون جدوى، لم يعد إلا قلة قليلة من الموظفين ربما الذين لم يكن العمل من البيت مريحا لهم، سواء لضيق البيت أو ازدحامه، أو الإزعاج المترتب على البقاء مع الزوجة والأولاد طوال ساعات اليوم، وما ينشأ عن ذلك من مضايقات وخلافات بل ومشاجرات.

دراسات مؤيدة

وظهرت دراسات علمية وتطبيقية تساند فكرة عمل الموظفين من منازلهم، وأيدتها أبحاث أخرى تقول أن هذا الأسلوب الجديد الذى نشأ فى ظل انتشار كورونا، له مزايا، حيث يشعر الموظف بالراحة أكثر فيوفر الوقت والجهد والمتاعب التى يلقاها فى استعمال المواصلات فى الذهاب إلى مقر العمل والعودة منه، كما أن هذه الدراسات قالت أن ارتياح من يعمل من البيت، ينعكس على تحسن مستوى إنتاجيته وإجادته للعمل مما يعود بالفائدة على الحكومة أو الشركة التى يعمل فيها.

ووفق أحدث تقاريرعن ظاهرة «بيوت الأشباح» تبين أن كل الموظفين - تقريبا- فى «ويلز» أحد أقاليم بريطانيا الأربعة، يعملون من منازلهم. 

 

 

 

واحد من عشرة

ولايذهب إلى المكاتب هناك سوى واحد من كل عشرة منهم. وبينما تشمل قوة العمل فى المكاتب العشرة لحكومة إقليم ويلز 5.287 موظفا وموظفة لا يصل منهم للعمل فى هذه المكاتب سوى 549! 

واقترح الوزير المختص على حكومة الإقليم أن تبيع هذه المكاتب أو تؤجرها لمن ينتفع بها، لأن بقاءها فارغة رغم تشغيل أجهزة التدفئة والإضاءة والصيانة يكلف دافعى الضرائب مبالغ هائلة ضائعة، لكن رئيس الحكومة المحلية لويلز، لم يستجب لتوصية الوزير.. وبقت «بيوت الأشباح» التى تملكها الحكومة فارغة.

معلومات طريفة تقدمها البيانات التى نشرت عن نسبة العاملين من منازلهم فى المقار الرئيسية لوزارات رئيسية فى حكومة بريطانيا، فقد تبين أن أكثر وزارة يعمل موظفوها من منازلهم، هى وزارة العمل.

فمقر الوزارة الرئيسى يضم 2333 موظفا وموظفة لا يصل منهم لمكاتبهم سوى 991 فقط!

وتدرس الوزارة حاليا تأجير ثلاثة طوابق من مبناها لأنها شاغرة وتحولت إلى «بيوت أشباح».