الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

التجارة الإلكترونية تتسم بالسلاسة والسهولة وتساعد فئات كثيرة على العمل من المنزل دون وجود رأس مال كبير

بيزنس الـ «أون لاين».. اقتصاد «خفى» بالمليارات

ريشة: منة الصياد
ريشة: منة الصياد

تماشيًا مع التطور، بدأ العديد من التجار والراغبين فى العمل بالمجالات التجارية المختلفة، استغلال تطبيقات التواصل والمواقع الإلكترونية، فى الترويج للمنتجات التى يقومون بتصنيعها أو التجارة فيها، بهدف الوصول للعملاء فى أى مكان يتواجدون فيه، فيما يعرف باسم التجارة الإلكترونية. 



 

 

وتتيح منصات التجارة الإلكترونية المختلفة تجربة سهلة للعملاء الذين يمكنهم الحصول على المنتجات التى يرغبون فى شرائها من بلادهم أو حتى من الخارج، كما تتيح لهم أيضًا حجز تذاكر السفر والإقامة فى الفنادق والحصول على المأكولات التى يعشقونها عبر مختلف التطبيقات الإلكترونية. 

ويصل حجم التجارة الإلكترونية لمليارات الدولارات سنويًا، حيث تواصل النمو بمعدلات مرتفعة سنويًا مع كل تطور يحدث فى المجال التقنى وفى مجال التطبيقات، فعلى مستوى الدول العربية تعد مصر والسعودية والإمارات أكثر الدول العربية تطورًا فى مجال التجارة الإلكترونية.

وسائل تكنولوجية

واعتبر الدكتور سامى محمد حبيب، استشارى إدارة الأعمال، أن التسوق «أون لاين» أحدث نقلة نوعية كبيرة فى مجال التجارة، حيث أصبحت تتسم بالسلاسة والسهولة، وتقديم العديد من الفوائد، سواء على المستوى الفردى أو المؤسسات أو الشركات التجارية أو المجتمع ككل.

أضاف: حينما تنشط حركة التجارة فذلك، يساعد على دعم المشروعات الصغيرة، ومتناهية الصغر، مما يحسن من الدخل القومى للدولة، وبالتالى دخل الفرد، ما يقلل نسب بطالة الشباب، ويساعد فئات كثيرة على العمل من المنزل، ودون وجود رأس مال كبير، مثل ربات البيوت، والمتقاعدين عن العمل، وذوى الاحتياجات الخاصة، وغيرهم.

أوضح استشارى إدارة الأعمال، أن التجارة الإلكترونية ساهمت فى توسع الشركات الكبرى، وزيادة توزيع منتجاتها داخل الأسواق، مما غير من مسار الاقتصاد العالمى، حيث ساهمت فى قلب ميزان التجارة التقليدية بشكل كبير، فقد تجاوز حجم هذه التجارة «الإلكترونية» 26.7 تريليون دولار، خلال عام واحد بعد جائحة كورونا.

وقدر حجم التجارة الإلكترونية حول العالم بنحو 3.8 تريليون دولار فى عام 2019، وأيضًا  6.8 تريليون دولار أواخر عام 2020، وارتفع إلى 26.7 تريليون دولار بعد الجائحة مشيرًا إلى أن 80 % من تلك التجارة، يتركز فى الولايات المتحدة الأمريكية، و15 % فى أوروبا، و4 % فى اليابان، و1 % فى باقى دول العالم، والولايات المتحدة الأمريكية، تستحوذ على أكبر نسبة للشركات العاملة فى هذا القطاع، الذى ينقسم إلى عدة أنواع، فهناك التعاون بين مختلف المؤسسات وبعضها، وبين مؤسسات ومستهلكين، أو شركات وأفراد، أو بين شركتين ثم إلى المستهلك، أو بين الحكومة والشركات ثم إلى الأفراد.

وقال: إن التحول الرقمى فى مصر، والاتجاه نحو الشمول المالى، زاد من الاعتماد على المجال الإلكترونى بقوة خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبحت أغلب المعاملات إلكترونيا، حتى التى تتم من خلال الجهات الحكومية والوزارات الخدمية، حتى إن مصر تعتبر الثانية على مستوى دول شمال إفريقيا، تطورًا فى التجارة عبر الإنترنت، حيث بلغت 4.9 مليار دولار مع نهاية عام 2021، ومتوقع أن تزيد نسبة التجارة فى مصر بمعدل من 20 إلى 25 % مع نهاية العام الحالى، وأن تتجاوز الـ 15 مليار دولار بحلول عام 2025، بعد أن كانت 3.6 مليار دولار قبل جائحة كورونا.

 

 

ونوه «حبيب» إلى أن حجم التسوق أون لاين فى مصر بلغ 5.5 مليار دولار، منها 3 مليارات دولار تجارة تجزئة، مثل الملابس، والألعاب، والمستلزمات المنزلية، وأجهزة إلكترونية، و2.5 مليار دولار للسفر، فى حين أن هناك 90 مليون مستهلك من العالم العربى، يتعاملون من خلال التسوق عبر الإنترنت، بعد أن كانت نسبة المتعاملين 1 5 % وزادت إلى حوالى 39 %. ويفند استشارى إدارة الأعمال، أسباب اعتماد الأفراد على التجارة عبر الإنترنت، قائلا: من المعروف أن ذلك النشاط لا يعتمد على وجود محال أو متاجر رسمية، يجب أن تكون مسجلة ولها بطاقات ضريبية وسجل تجارى، كما أنها لا تتطلب وجود رأس مال ثابت فى البداية، ولذلك يعتمد عليها الأفراد لعدم مساءلتهم ضريبيًا أو قانونيًا، لاعتبارها مصدرًا سهلا لتحقيق الربح بأسرع وقت على مستوى الأفراد، وقدره يتسبب فى حدوث مشكلات، يقع فيها بعض الأفراد من خلال تعرضهم لعمليات احتيال، وفى ذات الوقت يتسبب فى خسائر للاقتصاد القومى، إذا ظلت تتم عبر السحابة الإلكترونية دون ضبطها، أى أنها مليارات ضائعة على الدولة، من مستحقات الضرائب والرسوم المختلفة وغيرها، باعتبارها الاقتصاد الخفى.

ويشدد على أهمية خضوع التجارة الإلكترونية، بشكل كامل لعملية الحوكمة الرشيدة، حتى تصب فى صالح الاقتصاد القومى للدولة، وأنه فى حالة تسجيلها رسميًا، ترفع حجم التجارة بالمجتمع، وبالتبعية المستوى الاقتصادى للأفراد والشركات، والجهات القائمة على هذا النوع من التجارة.

فرص ومخاطر

أكدت الدكتورة حياة بدر، أستاذ التسويق الإلكترونى بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن التسوق عبر شبكات الإنترنت ليس ظاهرة حديثة، فكان يتم عبر المواقع الإلكترونية منذ التسعينيات، ولكن لم تكن له مصداقية كبيرة، وكانت هناك مخاوف من التعامل مع مصدر مجهول، وعدم معرفة أو تطابق المنتج المطلوب، ولذلك كان يقتصر التعامل على شراء المنتجات من خارج مصر لصعوبة السفر.

أضافت: فى ظل التحول الرقمى، وتطور الوسائل التكنولوجية ومواقع التواصل الاجتماعى، زادت التجارة الإلكترونية، وأصبحت بيزنس للتسوق أون لاين، عبر منصات التواصل لعرض المنتجات وبيعها بطرق أسهل، فى الوصول إلى المستهلك، والتعرف على جودة ومصدر المنتجات، من خلال التعليقات وردود الأفعال من مستخدميها.

وأوضحت أن مراحل تطور التسويق الإلكترونى فى مصر، مع تحديث الوسائل التكنولوجية، كما أن جائحة كورونا ساعدت فى التغيير بشكل فائق، والاعتماد بشكل أكبر على شراء جميع المنتجات عبرها، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، مثل أدوية أو ملابس أو أطعمة أو تعاملات بنكية، وغيرها، هذا إلى جانب سهولة الشراء والاستبدال والتعامل مع كبرى المواقع التى تعرض المنتجات المحلية والعالمية.

رأت أن ذلك يعتبر تنمية اقتصادية، موضحة أن مواقع التواصل تضع قيودًا على حركتى البيع والشراء من خلال رفع أسعار الإعلانات الممولة، مما يؤكد أن تلك التجارة تحقق أرباحًا طائلة.

كما أشارت إلى أن الوضع الحالى فى زيادة مستمرة لزيادة الثقة بمصادر البيع، وتحديث تقنيات التسويق الإلكترونى بصفة دائمة، مثل «التسويق بالمحتوى» وهو أحد الأنواع التى لديها القدرة على الإقناع لإتمام عملية الشراء، من خلال عرض فيديوهات، وتصميمات مختلفة، وطرق متنوعة لوصف المنتج، وغيرها من تقنيات حديثة.

وحذرت أستاذ التسويق الإلكترونى من سوء استخدام، وزيادة استهلاك بصورة كبيرة، مثل شراء منتجات للاستفادة بالعرض المقدم عليها رغم عدم الحاجة إليها، أو الشراء لعرض «الشحن المجانى»، أو متابعة المواقع والاستفسار عن الأسعار رغم عدم الشراء، حتى أصبحت «هوس» أو «إدمان»، وهذا يزيد من فكرة التسوق عبر الأون لاين.

بينما أشار الدكتور ياسر جاد الله، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة حلوان، إلى أن فكرة «بيزنس التسوق» توجه عالمى، للتعامل فى ظل استخدام الشبكة الدولية للإنترنت، ولهذا أصبح العالم الافتراضى يعكس العالم الواقعى، لافتا إلى عدة عوامل ساهمت فى اللجوء لهذا المجال فى عالم البيزنس، انخفاض التكلفة، وتحقيق أرباح باهظة، سهولة الترويج وانتشار المنتجات، عدم الالتزام بدفع إيجار متجر «محل» وغيرها من تكاليف، وعدم الالتزام بسجل تجارى وضريبى.

وأضاف: إن هناك انتشارًا كبيرًا للتسوق عبر الإنترنت، لكن هذا لا يعنى إلغاء التعامل من خلال التجارة التقليدية، ولكنه تطور يحقق سهولة الوصول للمستهلك، ويترتب عليه التوسع فى الأسواق وتنوعها، وهو ما يظهر تأثير التسويق بالمحتوى فى عالم التجارة الإلكترونية. رأى أستاذ الاقتصاد أن بيزنس«الأون لاين» أفضل بديل لتحقيق قيمة اقتصادية عالية، كما أنه يحقق جذبًا واندماج عدد كبير من الأفراد عبر وسائل التواصل الاجتماعى للتسوق، وأصبح له أهمية كبيرة فى عالم التجارة الحقيقية، خاصة أن الإنترنت يعكس سرعة الوصول للهدف، ولذلك فهى تجارة عادية ولكنها تتم من خلال الوسائط الإلكترونية.

ونوه «جاد الله» للمخاطر التى تواجه الأفراد من تلك التجارة، مثل إمكانية شراء سلع مقلدة لعلامات تجارية معروفة، فى تعدى على حقوق الملكية الفكرية، وفى بعض الحالات يعرض العميل لعمليات النصب، ومن الصعب الوصول للبائع مرة ثانية، أو اللجوء لجهاز حماية المستهلك، فضلا على صعوبة الرقابة على الشبكة العالمية للإنترنت، وغيرها من مخاطر مثل التأثير بالسلب على المنتجين المحليين، عند حدوث منافسة غير مشروعة، يترتب عليها إلحاق الضرر كبير بالمنتج المحلى.