الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
القلق والوحدة.. وعشق السينما

القلق والوحدة.. وعشق السينما

مع بداية العام يحاول الإنسان كعادته أن يتأمل ماذا حدث وماذا لم يحدث فى حياته خلال العام المنصرم. ماذا أضاف هذا العام لتجربته ومشوار عمره ودائرة أحبائه؟ أو ماذا تغير أو تبدل خلال الشهور الــ 12 الماضية فى نظرته لحياته وأحلامه التى يسعى لتحقيقها.. وأيضًا لما يخص قلقه أو رضاه تجاه ما أنجزه وحققه فى عمله أو سعيه لإسعاد نفسه ومن حوله.



 

أظهرت الدراسات الخاصة بالحالات النفسية أن واحدًا من كل 11 طفلًا أمريكيا يعانى من أعراض أو اضطرابات القلق وأن هذا الرقم أو هذه النسبة فى تزايد مستمر خلال العقدين الماضيين. وهذا ليس بالأمر الغريب إذا نظرنا حولنا والتفتنا لما يحدث.. وسعينا للتعامل معه واحتوائه. عفوًا، قلق الكبار بلا شك ينتقل إلى الصغار الذين يعيشون معهم. وبالطبع الهواتف الذكية (التى صار يدمنها الإنسان منذ نعومة أظافره) تلعب دورًا أساسيًا وخطيرًا فى إحداث القلق ودوامه.. وعلينا أن نتساءل هل هذا القلق يخص الطفل الأمريكى.. أم أنه صار يقلق أيضًا أطفال المجتمعات الأخرى طالما أن عولمة الهاتف الذكى تهيمن على جغرافيا العالم.. وتشكل نفسيات الصغار والكبار أيضًا!!

 

 

 

كما أننا نجد خبراء النفس البشرية فى زمننا هذا القرن الحادى العشرين يحذرون من مخاوف ومخاطر الوحدة. ذلك الهاجس الذى رافق الإنسان (هذا الحيوان الاجتماعى) منذ القدم. فهو يريد ويحتاج أن يكون محاطًا بالأحباء والأصدقاء وبالصخب العائلى/ الاجتماعى فى مواجهة الوحدة القاتلة! ساعات الوحدة صارت تتزايد بشكل ملحوظ هذا ما كشفته الأرقام مؤخرًا فى دراسات اجتماعية نفسية. إذ تبين أن الأمريكى إذا كان يقضى ست ساعات ونصفا أسبوعيًا مع أصدقائه فيما بين عامين 2010 و2013.. فإن هذه المدة الزمنية قد تناقصت على مدى السنوات التالية لتصل إلى أربع ساعات أسبوعيًا عام 2019.. وجاءت فترة الوباء لنجد أن المدة التى يقضيها الأمريكى مع أصدقائه المقربين فى عام 2021 لا تزيد على ساعتين و45 دقيقة فى الأسبوع..

أمر مثير وجميل أن يشهد عام 2022 فيلمًا جديدًا لستيفن سبيلبرج المخرج الأمريكى العظيم.. وكتابًا جديدًا للمخرج الأمريكى المبدع كوينتن تارانتينو.. الفيلم والكتاب يتناولان عشق السينما وسحر الأفلام. اثنان من عباقرة السينما الأمريكية المعاصرة بعد أن صنعا الأفلام يتحدثان ويحكيان عن سر الصنعة بتفاصيلها.. بما فيها من خيال ونظرة ورؤية وخبرة وتجربة ومذاق واختيار وحرفنة.

سبيلبرج (75 عامًا) الاسم البارز والشهير فى عالم هوليوود منذ السبعينيات إخراجًا وتأليفًا وإنتاجًا لأكثر من 140 فيلمًا يقدم فى فيلمه الجديد (الذى تكلف 40 مليون دولار) سيرة حياته وبدايات عشقه للسينما كما يتخيلها سينمائيًا ليظهر من خلال هذا الفيلم The Fabelmans (آل فابلمان) المشوار والذاكرة والحلم والإلهام والإبداع.. عالمه الساحر الذى شكله وعاش فيه وعاش به.. هذا العالم السينمائى الذى سرحنا فيه بأكثر من فيلم من سبيلبرج.

أما تارانتينو (59 عامًا) فقد أخرج وألف عشرة أفلام فقط على مدى ثلاثين عامًا.. إلا أن هذه الأفلام المميزة صنعت اسمه ومكانته ومجده وشهرته وثروته.. هو المخرج المبدع العبقرى الذى يجذب انتباهك.. ويبهرك بالمشهد السينمائى وبالحوار الدائر وبتسلسل الأحداث.. تلهث وراءه فى محاولة منك من أجل الإمساك بمنطق الفيلم ومتعته. 

فى هذا الكتاب Cinema Speculation يقدم قراءته الخاصة جدًا لأفلام شاهدها ولفتت نظره على مدى سنوات عشقه الجنونى للسينما. الكتاب (400 صفحة) يعكس خبرته ونظرته وفهمه لأفلام من نهاية الستينات وبداية السبعينات وأيضًا متعة الحكى والحديث عنها. 

.. بالتأكيد كل من فيلم سبيلبرج وكتاب تارانتينو فى حاجة إلى تأمل أطول وأعمق فى المستقبل.

فى العام المنصرم يلفت انتباهنا أيضًا أن العودة إلى الفضاء.. وإلى القمر والمريخ تحديدًا أخذت خطوات جريئة وملموسة.. تحركها روح المغامرة والرغبة فى اكتشاف المجهول. وبالطبع هذا الحلم الفضائى لم يعد مقصورا على ناسا وكالة الفضاء الأمريكية بل شمل أصحاب المال والبيزنس أيضًا مثل إيلون ماسك وجيف بيزوس.. إنها محاولات لمعرفة المزيد عن المجموعة الشمسية وأيضًا الاهتمام بما يسمى بالسياحة الفضائية حتى لو كانت الرحلة لمدة قصيرة.. المغامرة لها مذاق خاص وبيزنس المغامرات صار له أسواق ومستهلكين فى العالم يصرفون المليارات من الدولارات.