السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
عنصرية إنجليزية .. غير معلنة!

عنصرية إنجليزية .. غير معلنة!

زمان.. كانت العنصرية هى النظام السائد فى بريطانيا. وكانت تجارة العبيد السود المستجلبين من أفريقيا.. تجارة «مشروعة» وسائدة كما أنها كانت اختراعًا للإنجليز لم يسبقهم إليه أحد، وتبعهم الأمريكان وغيرهم من المستعمرين.  وبلغت ذروة العنصرية على يد الحكام البيض المستوطنين المستعمرين لدولة جنوب أفريقيا.. عنصرية ضد السود فى بلدهم! وقاومها نيلسون مانديلا وكافح ونجح فى القضاء عليها.



 

 

 

والآن لم يعد أحد فى بريطانيا وغيرها من دول أوروبا البيضاء، يعترف - علنًا - بوجود عنصرية.

بالعكس، يتشدق كثير من الحكام ومعاونيهم فى هذه البلاد بأنهم تخلصوا من عار العنصرية بكل أشكالها، وأنهم يديرون دولًا تتمتع بالتجانس والمساواة بين الأعراق والألوان والديانات والمعتقدات المختلفة، وتكافح أى مظهر للعنصرية.

كلام جميل، فماذا عن واقع الحال؟..

ماذا عن العنصرية غير المعلنة فى بريطانيا؟

أمامى تقارير ودراسات من هيئات وجامعات بريطانية رسمية معتمدة تشير إلى أن هناك «عنصرية غير معلنة» تنتشر فى قطاعات حساسة من المجتمع والنظام ومجالات العمل والتعليم والقضاء.

الدراسة التى أجراها «معهد الأبحاث المالية البريطانى» تقول باختصار إن البريطانيين من أصول عرقية غير بيضاء، أى ينتمون لمهاجرين من بلدان آسيوية وأفريقية ويمثلون أقليات، لا يتقاضون الأجور نفسها عن الأعمال نفسها التى يقوم بها أقرانهم من البيض.

ليس هذا فقط، بل تضيف الدراسة أن الملونين فى بريطانيا لا يتم تصعيدهم فى مجالات عملهم رغم كفاءاتهم التى تتفوق أحيانًا على أقرانهم بيض البشرة، بالعدل والمساواة اللازمين.

تمضى الدراسة لتقول إن أبناء الأقليات العرقية - فى معظمهم وليس كلهم - يحققون نتائج متميزة خلال الدراسة فى المدارس والجامعات يتفوقون فيها على أقرانهم غير الملونين، وأنهم حققوا تقدمًا ملحوظًا وإنجازات لا تنكر فى هذا المجال، لكن هناك «أدلة واضحة»- كما جاء فى نص الدراسة -على وجود «تمييز عنصرى» فى ما يحصلون عليه من أجور ومراكز مهنية. 

أجانب متفوقون على الإنجليز فى الإنجليزي!

ووجدت دراسة معهد الأبحاث المالية البريطانى أن معظم أبناء الأقليات العرقية الكبيرة يحققون نتائج فى امتحانات اللغة الإنجليزية والرياضيات تتساوى بل وتتفوق على ما يحصله أقرانهم من الأغلبية البريطانية البيضاء فى إنجلترا، وأن فرصهم أفضل فى الحصول على مقاعد دراسية فى الجامعات.

لكن هذا التفوق الدراسى لم يترجم إلى قدر مناسب من المساواة والعدالة عندما يتعلق الأمر بالأجور والمراكز المهنية.

ومع ذلك – كما تكشف الدراسة – فإن الجامعات البريطانية المرموقة لا تقبل إلا أعدادًا محدودة من المتفوقين من أبناء الأقليات الآسيوية والإفريقية المتمتعين بالجنسية البريطانية سواء كانوا أبناء مهاجرين أو كانوا مولودين فى بريطانيا.

تقول البروفيسورة «هيدى صافيةميراز» من معهد التعليم التابع لجامعة «سنترال لندن» المشاركة في إعداد الدراسة:

«الصورة العامة ليست إيجابية تمامًا ولا هى مظلمة تمامًا، لكن معظم أبناء الأقليات فى بريطانيا أداؤهم أفضل من السابق، وخاصة فى مجالات التعليم. ومن جهة أخرى لا تتحقق لمعظمهم عدالة فى الأجور والمراكز، يتقاضون رواتب أقل من رفاقهم البيض، وأقل مما تستحقه درجاتهم وشهاداتهم العلمية، وهذا دليل واضح على التمييز العنصرى فى مجالات العمل، وعلى صناع القرار وواضعى السياسات أن يتفهموا هذا الوضع ويعترفوا بكل هذه الفوضى، إذا أردنا أن نحقق تقدمًا فى معالجة مشاكل عدم المساواة الباقية».

لا عدالة فى قصور العدالة

دراسة أخرى أجرتها «جامعة مانشستر» البريطانية تتناول حال العدالة فى قصور العدالة، المحاكم والسلك القضائى عامة، فتقول إن القضاء فى إنجلترا وويلز «عنصرى بصفة مؤسساتية» - حسب وصف الدراسة – التى اشترك فى إعدادها المستشار القانونى «كييرمونتيث» وتضيف أن التمييز العنصرى فى القضاء يوجه بصفة خاصة نحو الأشخاص ذوى البشرة السوداء ممن يتعاملون مع المحاكم.. سواء كانوا محامين أو شهودًا أو مدافعين عن أنفسهم. 

وتشير الدراسة إلى أنه من بين 373 من المهنيين العاملين فى مجال القضاء الذين شملتهم الدراسة، قال 56 % أنهم شهدوا على الأقل مرة واحدة قاضيًا يتصرف بطريقة عنصرية غير عادلة مع أناس يدافعون عن أنفسم فى المحكمة. وقال 52 % إنهم شهدوا وجود عنصرية فى إصدار الأحكام القضائية. 

وقال البروفيسور «ليزلى توماس» الذى كتب مقدمة الدراسة وهو مستشار قانونى أيضًا:

«على القضاة أن يجلسوا ويستمعوا، لأنه غير صحيح أن «ليدى عدالة» عمياء بالنسبة للألوان!..

فالقضاء فى بلادنا عنصرى تمامًا، كما عنصرية البوليس البريطانى، ونظامنا التعليمى وخدماتنا الصحية، هذه أوضاع لا يمكن تجاهلها أكثر من ذلك».